من وحي الأخبار

وزير سابق!

لو كنت من المقربين لوزير المالية السابق “علي محمود عبد الرسول” لنصحته بالتعامل بشكل به قدر من الوعي مع الإعلام ومع طرائق مخاطبته للرأي العام، وواضح أن للرجل مشكلة مستعصية في هذا الأمر منذ أن كان وزيراً وحتى بعد إعفائه، إذ يجيد بطريقة غريبة إطلاق النار بين رجليه وفوق رأس حزبه بشكل يحسده عليه أعداؤه وكارهوه! فبالأمس مثلاً طالعت خطوطاً وأخباراً وتصريحاتٍ عن الوزير المحترم وللأمانة لم أكمل نصها واكتفيت بعناوينها التي تشي وتشير، إلى أن الرجل يقدم اعترافات ووقائع صحت أم لم تصح فإنها تدينه قبل الآخرين، فما من ذنب يطال أحداً أو جهة نالت استثناء ونشطت في البزنس أضرت بعمل وزارة المالية وعموم الاقتصاد، وسيادته يمسك بالقلم الأخضر وله صلاحياته وقراراته وتفويضه وسلطاته الدستورية والقانونية.
سيدي وزير المالية السابق طالما أن هناك نافذين  (نافذين) يسربون قرارات الوزارة المتعلقة بأسعار الصرف للتجار في السوق الموازي قبل تطبيقه، وطالما أن هناك شخصاً يقوم باختلاس مليار جنيه ويشتري بها عملة أجنبية، وعندما يرتفع سعر الدولار يبيعها ويتحلل، وطالما أن هناك شخصاً نافذاً قام بتأسيس شركة في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة وعاد إلى الخرطوم، ومنح هذه الشركة عطاءً وارتكب تجاوزات في العطاء، فلماذا لم تكشفه للإعلام في حينه ولماذا لم تفضح النافذين بالاسم يوم أن كنت وزيراً وحتى يوم أمس تشير إليهم بالترميز ..نفهم شنو ؟؟
أمر آخر وهو مناسبة هذه التصريحات، فلو أنها أتت وهو على كرسي الوزارة لعد الأمر من باب الشفافية والصدق مع إصدار معالجات مناسبة بالطبع، لكن أن يخرج من الوزارة ثم بعد أشهر وأعوام تتنزل عليه لحظة الحقيقة فهذا مما يعد ضرباً من استثارة الريبة! والحقيقة أن أحداً لن يتعاطف مع الوزير بل على العكس سيجلد بسياط النقد وبعد أن يهتري جسده سيكون دمه المتقاطر مداداً للكتابة عن فساد النظام برمته، وحجة لكل صاحب موقف وبيان وهي حجة مقبولة باعتبار وزن الشاهد عليها، ولهذا قلت لكم إن “علي” يجيد إطلاق النار بين رجليه وليس عليهما !
مسكين هذا البلد، من لم ينل السلطة يفعل أي شيئ ويتحلل من محيط الوطنية ومحيط الأخلاق لكي يحظى بكرسي ولعاعة سلطة، ومن نالها وأخرج منها لا يرضى ويجتهد في إثبات أن فشله كان بسبب مؤامرة وتكالب الآخرين على سلطاته وعدم نفوذه الكافي، وأنه وأنه وأنهم وأنهم  يا ويحهم ويا ويح السودان جملاً! وهذه ظاهرة تكررت كثيراً ونماذجها شاخصة حزبياً وتنفيذياً، من المؤتمر الوطني وفي المعارضة وبين المتمردين، لا أحد يقبل أن يفطم من السلطة، فقدتها الحركة الشعبية فئ جنوب كردفان فصنعت الأزمة، وفقدها أو تقاصرت عن “مناوي” فعاد للتمرد، ولم يجد بعضهم ريحها فانشقوا من اليمين واليسار. وهكذا الكل يبكي ويطلبها فإن لم يجدها خرج للناس إن لم يكن بالسلاح بثياب الواعظين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية