مسألة مستعجلة
هل توقف القوانين ظاهرة اغتصاب الأطفال؟!
نجل الدين ادم
توقفت أمس عند الحديث الذي أدلى به نائب رئيس القضاء مولانا “محجوب الأمين” وأوردته (المجهر) بقوله إن العقوبات الرادعة لم تحد من ظاهرة اغتصاب الأطفال، أهمية المعلومة أنها صادرة من جهة معنية بتنفيذ القانون وأنهم القائمون على أمر إشاعة العدل وبسطه ومنع الجرائم، وهذه الظاهرة الخطيرة بالتأكيد الهيئة القضائية قد أحصت حجم هذا النوع من الجرائم.
قبل حادثة الطفلة القتيلة “مرام” كأول سابقة على الرأي العام كانت سجلات الشرطة معافاة تماماً من مثل هذه الظواهر، لدرجة أن القاضي الذي كان ينظر في القضية لم يجد في التشريعات ما يعاقب على الجرم على وجه التحديد، واعتمد في حكمه الذي أصدره على القانون الجنائي وجريمة القتل العمد في حق الطفلة “مرام”، بموجب المادة الشهيرة (130)، ومن هنا بدأت رحلة البحث عن تشريع يضع هذا الجرم في حيز العقوبة التي تناسبه.
ما وقع من جُرم في ذلك الوقت كان بمثابة النقطة الفارقة التي وقف عندها الناس، حيث أن الجريمة ومنذ ذلك الوقت أخذت تمضي في توسع برغم إلحاق المشرعين الأمر بقانون رادع تصل العقوبة فيه للإعدام. صحيح كما قال مولانا “محجوب” أن الأمر يحتاج لدراسة وتنقيب في الظاهرة من قبل الصحافيين، لكنني أقول إن الأمر يحتاج لدراسة من نوع آخر تقف على الأسباب التي قادت المجتمع إلى هذه المتغيرات الجديدة التي لا تشبه المجتمع السوداني، هل هي بسبب الانفتاح عبر القنوات والوسائط الإعلامية المختلفة أو بسبب إفرازات الظروف الاقتصادية، أو من التنشئة التي تبدأ من داخل المنزل وإهمال الآباء لها بسبب المشغوليات ووو ؟.
في بعض الأحيان وحسب التجارب العملية قد لا تكون النصوص القانونية وحدها رادعة وكفاية لإنهاء مثل هذه الظواهر، سيما أن السجن والجلد في جريمة التحرش لا تعدو أن تكون عقوبات موضعية تنتهي بتنفيذ الحكم حيث لا أثر، بينما يكون الأثر كبيراً وبالغاً في نفسية ذلك الطفل المغتصب أو المحرش به، لذلك يفترض أن تبدأ عملية المعالجة والبناء لبتر هذه الظواهر الدخيلة من نقطة الآثار الباقية، أي بمعنى أن جل الشغل يفترض أن ينصب حول المعتدى عليهم أو المجني عليهم من الأطفال، من خلال التنشئة الجيدة داخل المنازل وفي المدارس وتوفير سبل الحماية من مثل هذه الانتهاكات، وتبصير الأطفال بالظاهرة حتى لا يقعوا ضحية جراء نزعة مريض.
والواقع أن العقوبة الموجودة في القانون الساري الآن أنها لم تحد من الجريمة، وتشير إلى أن هناك عنصراً مهماً متغيباً في مسألة بتر الظاهرة حسبما أشرت. الآن تنشط عدد من ورش العمل بغية بلورة قانون الطفل بشكل جديد، وأتمنى هنا أن يستوعب المختصون هذه المعلومات الأساسية لتعينهم في الخروج برؤية شاملة في المعالجة، أكثر من البحث والتنقيب في نصوص القوانين التي كما أشرت أنه في بعض الأحيان لا تجدي في وقف مثل هذه الظواهر.
أمر الاغتصاب والتحرش بالأطفال بات أمراً خطيراً يتهدد مجتمعاً بأكمله، الشيئ الذي يتطلب أن تتضافر كل الجهود من العلماء والمختصين حتى نصل إلى نقطة فاصلة لهذا المرض الذي يتهدد مجتمعنا والله المستعان.