عبث
انطلقت الجولة العاشرة لمفاوضات السلام بين الحكومة وقطاع الشمال حول النيل الأزرق وجنوب كردفان، وبشكل ما أقحمت دارفور في مسار مواز فدخلت الحركات المسلحة. والحقيقة أن الجلسة الافتتاحية التي جرت أمس لم تترك لي خياراً سوى الصياح أن مشروع هذه المفاوضات في ظل الوساطة الحالية لن ينتج حلاً، لأنها لا تملك ما تقدمه سوى إرسال الدعوات والتنظيم السيئ وعدم المقدرة البينة على ترتيب أجندة ومنهج تفاوض جاد وملتزم ثم ملزم.
كان ظهر (الخميس) مشهداً للفوضى بكل أشكالها بدءاً من التأخر في اليوم الأول حتى منتصفه ثم انخراط الوساطة في اجتماعات مغلقة مع نفسها ثم مع طرفي التفاوض، وإلى هنا فلا بأس ثم أتت الجلسة الإجرائية إذ تداخلت الأطراف وعوضاً عن تنظيم افتتاح لكل مسار منفصل بحيث تكون جلسة المنطقتين وحدها وكذا جلسة دارفور، جمعت الوساطة كل الأطراف في غرفة واحدة وهو ما يعني ضمنياً أنها تقر مبدأ الحل الشامل وهو ليس اختصاصها لا من حيث الموضوعات ولا التفويض.
الجلسة كانت عبارة عن مجلس ونسة واضطراب وإرباك حتى في الإجلاس وكالعادة تنازعت الحركات المسلحة حتى في أماكن الجلوس، فبينما انتظم الوفد الحكومي للمنطقتين بانتظام طالب ممثل قطاع الشمال بإرجاع بعض حركات دارفور للخلف، وثارت ثائرة الحاضرين وحدثت تجاذبات انتهت بمحاولات تهدئة ثم إحضار كراسي حتى يحل الإشكال في القاعة التي دخلها كل من هب ودب حتى عمال فندق ماريوت المقر الجديد للمفاوضات !!
كان الهزل سيد الموقف؛ وسقط “أمبيكي” سقطة دبلوماسية لا تغتفر كشفت لي أن هذا الرجل لم يعد يصلح وسيطاً وإن كنت مسبقاً أظن غير هذا وذلك أثناء كلمة المهندس إبراهيم محمود رئيس الوفد الحكومي والذي عندما تحدث عن الحوار الوطني والمشاركين فيه من الحركات المسلحة، رأيت “ياسر عرمان” يبتسم في سخرية وتلتقي ابتسامته مع “أمبيكي” الذي كاد أن يضحك لكنه رفع يده وغطى فمه كشخص مزكوم لاستدراك تواتر ملامحه واعتقاده مع “عرمان”.
الفضيحة الأكبر كانت في الجلسة المسائية عقب الافتتاح والتي يفترض أن تخصص لنقاش بين الوفدين أو ممثلين عنهم بحضور الوساطة هذه عرفاً لا تكون مفتوحة ولكنها كانت كذلك! ووجد بعض عاطلي النشاط من النشطاء و(المضهبين) أنفسهم في خضم نقاش أو تفاوض حول المنطقتين، وجلس مناديب سفارات وصحفيون و(ناس ساكت) وعندما استفسرت أحد مساعدي “أمبيكي” عن الأمر أجاب أنهم حاولوا إخراج غير المسموح لهم وفشلوا فجلس أولئك الحضور.
هذه ليست مفاوضات هذا مسرح وسيرك وشيء مثل مباريات تلي ماتش .. لو تذكرونها.