حوار للحكم أم الحلول !
نقطة مهمة وزاوية وجانب ضروري ذاك الذي أشار إليه الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” والي ولاية الخرطوم، بدعوته لصرف مؤتمر الحوار الوطني المنعقد حالياً عن التركيز على مسائل الحكم والمحاصصات السياسية، إلى قضايا أهم وأعمق. وأكد والي الخرطوم في حديث للإذاعة السودانية أمس (الجمعة) دعم عملية الحوار الوطني خاصة الحوار المجتمعي، ورأى أنه أشمل وأجدى من الحوار السياسي، لأن الأغلبية لا ينتمون للأحزاب التي لا تمثل كل المجتمع. وأشار الوالي إلى أهمية مشاركة جميع قطاعات السودانيين، مؤكداً أن الحوار الحالي يحتوي على عناصر جذب يمكنها استقطاب أكبر قدر من أبناء البلاد، مطالباً بعدم التركيز في (من يحكم السودان، لأنها قضية انصرافية). وزاد (في النهاية سيأتي الناس إلى الحكم عبر انتخابات).
هذا التصويب والالتفاتة مهمة لأن الأسابيع الماضية بدا معها وكأن قضية الحاضرين مقاعد الحكم، وصولجان السلطة، فقد تم القفز مباشرة إلى قضايا من يحكم وما هي الحكومة انتقالية أو إعدادية ! وصحيح أن هذا مبحث لكنه يظل في آخر المراحل وعقب ترتيب أوراق عديدة والخروج بمخرجات ومعالجات، قام لأجلها الحوار الوطني وانعقد وصار مسألة حتمية. قضايا وإشكالات خدمية واقتصادية وظرف سياسي عام تنزل على الناس والبلاد حروباً وخلافاتٍ، كلها مشاكل تحتاج إلى تفكيك وبحث ووضع معالجات ثم بعدها يمكن الحديث عن حكومة أو حاكمين، لأن قضية المواطن في الريف والحضر ليست مع القصر الجمهوري ومن يحوز لقب وزير، لكن الناس بحاجة إلى الأمن والاستقرار والتنمية. وهذه أمور توضع من خلال برنامج عمل للحكومة فيه حق التنفيذ وواجبه.
إن القفز المباشرة إلى الكراسي يحول الأمر وكأن قضية كل هؤلاء الأشخاص وأحزابهم إنما هي السلطة، وأنهم احتالوا بأزمة الوطن ليحسن كل شخص خطابه ويرفع سقف مزايداته، فإن وصل للحكم سكت ورضي وإن لم ينل شيئاً عد الحوار الوطني فاشلاً. وهذا التوجه يجب أن تحرص الأحزاب والسادة المتحاورون الكرام على عدم تعزيزه، لجهة أن ذائقة الشعب تجاه غالب القوى الحاكمة أو المعارضة لم تعد تستملح شيئاً، ثمة إحساس وشعور عام أن قضية المصالح الشخصية والحزبية والطموحات السياسية هي التي توجه وليس أزمة البلاد ومعاناة مواطنيها، لذا تجدني اتفق بالكامل مع الجنرال الوالي فيما ذهب إليه من الحوار، يجب أن يتجه إلى أمور أهم من هموم المحاصصة والشراكة ولون الحكومة المقبلة.
لقد اختبرنا الحكومات من كل الفئات، إسلاميون وتكنوقراط، حملة سلاح ومتمردون، ومعارضون بعضهم وصل للوزارة بضراعه وبعضهم بطولة لسانه وفي النهاية لم نجد سوى أن كل أمة تلعن أختها، يصبح المرء وزيراً يحدثك عن الهموم الوطنية ثم يمسي متمرداً يحدثك عن التهميش وهضم الحقوق، وبالتالي فليس لأحد ثقة في أن مشكلة الحكومة وعدد وزرائها هي المعضلة، هذه ليست مشكلة ويمكن أن تحل ..شوفوا الأهم.