هل الإعفاءات ستعيد المتوازنة للاقتصاد؟!
بعد أن أعفى السيد رئيس الجمهورية مستشاريه التسعة، وأعفى أربعة وخمسيناً من الخبراء والمتعاقدين معهم، وربما تصدر ــ اليوم أو غداً ــ الحكومة في تشكيلتها الجديدة بعد التقليص، وفي إطار سياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة، ولكن الحال مازال هو نفس الحال، السوق في حالة تصاعد مستمر يومياً في الأسعار، والدولار ظل يسجّل ارتفاعاً رغم أن محافظ بنك السودان أعلن أن البنك سوف يضخ عملة أجنبية بكميات كبيرة.
أحد الظرفاء، قال: والله لو الحكومة كلها لو مشت الحال لن ينصلح طالما هناك جشع وعدم ضمير من قبل المتاجرين بقوت الشعب.. وعدم تفعيل القوانين التي تردع أولئك، سيظل الحال نفسه، الطماطم بعشرة جنيهات، وكيلو اللحمة بخمسين جنيهاً، كيلو السكر بسبعة جنيهات، الفراخ بأكثر من عشرين جنيهاً، (طلب الفول) ارتفع إلى خمسة جنيهات، الخضار بأشكاله المختلفة من البطاطس إلى الأسود إلى العجّور كلها في تصاعد مستمر يومياً، حتى الخبز، فإن لم ترتفع أسعاره، ولكن الملاحظ أن حجمه في تناقص.. الملاحظة الوحيدة عقب رفع الدعم عن المحروقات هي الاستقرار في وسائل المواصلات. فبعد أن كان ميدان جاكسون يعج بالمواطنين وقلة المركبات، الآن أصبحت المركبات متوفرة ولدرجة انتظار المواطنين بداخلها لفترات طويلة لكي تمتلئ بالركاب.. أما عدا ذلك، فلم ألحظ أن هناك شيئاً طرأ على حياة المواطنين بعد تلك الزيادات التي قصت الظهر، ودفعت بالعديد منهم للخروج إلى الشارع؛ تعبيراً واحتجاجاً على هذا الغلاء، والأمل أن تساهم الدولة خلال الفترة القادمة في إيجاد بدائل تنعش الاقتصاد، وتعيد التوازن إلى الحياة؛ لينعم المواطن بحياة كريمة.
الملاحظ أن عمليات التغيير في أنظمة الحكم يتم التدبير لها بليل، وبدون أن تلحظ الجهة الحاكمة، بمعنى أن المحاولات الانقلابية التي يقوم بها أفراد المؤسسات العسكرية، الغرض منها تقويم البلاد في حالة الصراعات أو عدم استقامة الدولة أو الانفلات الأمنية، ولم نسمع أن جهة ما أرادت أن تحدث تغييراً في شكل الدولة بانقلاب تخطر به الدولة الحاكمة، فهذا ما يحدث الآن.. فالمعارضة عقدت اجتماعاً لتوقّع على وثيقة للبديل الديمقراطي القادم، وحتى هذه الوثيقة فشلت المعارضة في التوقيع عليها؛ لأن أعضاء المعارضة ليسوا على قلب رجل واحد، فكلهم مختلفون، المؤتمر الشعبي أو حزب الأمة القومي أو الأحزاب اليسارية، الجميع ينظر إلى مصلحته ومصلحة حزبه، ومن هنا جاء هذا الفشل. فأذكر في الديمقراطية الثالثة اجتمع هؤلاء ووقعوا على وثيقة تحرك إذا حدث أي تغيير من المؤسسة العسكرية، ولكن حدث التحرُّك العسكري، واستلمت الإنقاذ السلطة، ولم يحرك وثيقة الدفاع عن الديمقراطية، ولم يعرف أحد أين ذهبت تلك الوثيقة.. فالمعارضة الآن ــ وبنفس الصورة القديمة ــ تريد أن تعمل وثيقة لحكم مازال في رحم الغيب.. كيف لهذه المعارضة المختلفة في كل شيء تريد أن تتفق الآن لقيام نظام ديمقراطي يُتفق عليه. قبل أن يحدث التغيير، وكأنما المعارضة الآن داخل ميدان التحرير في مصر، الشارع خرج، وفي مظاهرات صاخبة، والحكام بدؤوا في لملمة حقائبهم للهروب من البلاد.. نحن نعلم أن هناك تخطيطاً يتم سراً، وفي الخفاء. فالإمام الصادق المهدي يعلم ذلك، والدكتور حسن الترابي يعلم ذلك، وفاروق أبو عيسى يعلم ذلك، فأيها الحكام القادمون لا تلعبوا بعقول هذا الشعب، فإذا أردتم أن تحدثوا التغيير، فخططوا له في الخفاء، ولا تدّعوا أنكم في النور سوف تحدثون التغيير، هذا عبث ولعب على المواطن البسيط، فإما أن تجلسوا مع الحكومة لإنقاذها من الورطة التي وقعت فيها بسبب المشكلة الاقتصادية، وإلا فلا تلعبوا بعقولهم.