من يحمي مكتشفي الفساد؟!
مدير المؤسسات العلاجية الدكتور “محمد عباس فوراوي” قال في مؤتمر صحافي إنه تعرض للرشوة والقتل من جهات لم يسمها، ولكن واضح أن المؤسسة أعلنت الحرب على الفساد، وطالما لم يستجب الدكتور “فوراوي” لرشاوى الفاسدين فلا بد أن تكون هناك وسيلة أخرى لإجباره أو إثنائه عما يقوم به تجاه أولئك المتضررين من السياسة التي يقوم بها، وهي بالتأكيد تضر بمصالح أولئك.
الحرب على الفساد تتطلب أشخاصاً أصحاب قوة ومسنودين من قبل الدولة، وإلا سترجع حليمة لقديمها، والفاسدون لهم أساليبهم وطرقهم التي يوقفون بها من يعترضون مصالحهم، فالدكتور “فوراوي” محتاج سنداً قوياً من الدولة أو من الأجهزة الأمنية والشرطية التي تقف إلى جانبه لأن ما يقوم به سيعرضه للقتل وإلا يرضخ ويستجيب بالصمت أو غض الطرف عنهم إذا كان نزيهاً ولا يقبل الرشوة التي عرضت عليه، وفي ظني هو شخص نزيه وإلا لنال الرشوة في صمت، ورادعه أين يذهب من عقاب المولى وكيف يطعم أبناءه من هذا المال الحرام!!
وأمثال الدكتور “فوراوي” كثر، لكن قلة يستطيعون الصمود في وجه أولئك العتاة العصاة، فإما أن يكونوا قد قبلوا الرشوة أو غضوا الطرف وجعلوا أولئك يواصلون فسادهم مجنبين أنفسهم خطرهم.
الفساد لم يظهر في هذه الحكومة، لكنه استشرى طالما لم توقع العقوبات الرادعة، أو لم يفعل القانون لوقف تمددهم، فالدولة إن أرادت أن تظل في طهر ونقاء فلا بد أن تتعامل مع هذه الظواهر السيئة بالحسم الشديد، فمولانا الدكتور “عوض الحسن النور” وزير العدل بدأ في كشف بواطن الفساد.. فبدأ بأخطر جريمة سكت القانون عنها وسكت وزير العدل السابق عنها، ولكن هل يتوقع أن تصل هذه القضية إلى نهاياتها؟ أم الأصابع التي تتحرك لوقف أية قضية ستحسب الملف حتى ولو وصل إلى المحكمة؟ وهل مولانا الدكتور “عوض الحسن النور” مسنود ومحمي من قبل الدولة حتى يواصل عمله وكشف الفاسدين والمفسدين؟ فإن لم يكن مولانا مسنوداً بالتأكيد سيحبط وسيعجز عن فتح أي ملف جديد، ولن يواصل في الملفات القديمة طالما ظهره غير محمي وغير مؤمن.
قضايا الفساد متعددة ومتنوعة، لكن القضية الأخطر الآن قضية المخدرات التي تحدث عنها وزير الداخلية قبل أيام والتي غزت الجامعات، فطلبتها أصبحوا من الشريحة المستهدفة من قبل تجار المخدرات صغارهم وكبارهم، فإن لم تسن الدولة قانوناً بإصدار أحكام تصل إلى الإعدام فلن يتوقف أولئك التجار وسيدمرون شبابنا أملنا ومستقبل الأمة.. وإذا كانت الدولة قد أصدرت قراراً بإعدام من يغتصب الأطفال، فيجب أن تصدر قانوناً ينص بإعدام أي شخص يضبط وبحوزته مخدرات أو يروج لها أو يبيعها، وإلا لن تتوقف تلك التجارة، ولن يعيش المجتمع معافى منها.