عاملة منزل سودانية بالسعودية تبحث سبيل إعادتها فراراً من جحيم مخدميها
أسرتها تستنجد بـ (المجهر) لإعادتها
الوكيل السوداني الذي خدعها ، طلب 24 مليون لإعادتها للوطن
الحاجة فاطمة تناشد الجهات المعنية مساعدتها على اعادة بنتها من ويلات الغربة
(ن) تستنجد بأسرتها من معاناة الأشغال الشاقة والإهانات اللفظية والضرب .. والحرمان من الاجر المتفق عليه !
تحقيق ـ هبة محمود
جدل ولغط كثيفان أثارتهما قضية الخادمتين السودانيتين بالمملكة العربية السعودية اللتين أودعهما كفيلهما سجن النساء ،بـ(دومة الجندل) بعد رفضهما العمل معه لتعذيبه لهما. وكانت تلك القضية كفيلة بأن تحرك ساكن الأوضاع ، عن واقع النساء العاملات فى الغربة ،وتكشف عن الأحوال المأساوية ، التي تعيشها فتياتنا، وهن يتعرضن للنصب والإحتيال والتلاعب بالأحلام، ويتعرضن للمعاملة السيئة من قبل مخدميهم (السعوديين)، تحت وطأة الغربة والألم.
لم يتوقف الأمر عند هاتين الخادمتين فحسب، بل برزت للسطح روايات كثيرة ومختلفة، ربما أشد قسوة لـ (زهرات)، بدأن بعد رحلة بحثهن عن الكسب الوفير، رحلة البحث عن العودة للوطن، فراراً من جحيم المخدمين، كما تحاول (ن) صاحبة الثلاثين عاماً، التي استنجدت أسرتها بـ(المجهر) لإعادتها للوطن ،بعد مساومتها بدفع قيمة مالية عالية.
طريقة مثلى
قصص وروايات متباينة، تختلف باختلاف أبطالها، إلا أن البحث عن سبيل العودة إلى الوطن كان هو القاسم المشترك، بعد أن وقع أغلبهن بما فيهن (جامعيات) و(حاملات شهادات عليا)، ضحية لعقودات عمل صيغت أغلبها بـ (عاملة منزلية) ، بدعوي أنها طريقة مثلي للدخول إلى الأراضي السعودية، ومن ثم يتم تغيير المهنة، من عاملة منزلية الى غيرها، ليصطدمن بعد ذلك بواقع (الخادمة) المؤلم، ولكن (ن) كانت تعلم ان المهنة التي هي بصددها (عاملة منزلية)، وربما لبساطتها وبساطة أسرتها ،لم يتبين لها أولي بوادر النصب، التي ظهرت قبيل مغادرتها السودان، فبعد أن تم الإتفاق معها علي راتب قدره (6) مليون ونصف جنيه ، تم تقليصها لاحقاً إلى (4) مليون، ومن ثم (2) مليون ونصف، و عند وصولها إلي عملها تبين لها أن المبلغ هو(2) مليون و(150) ألف جنيه، لاغير !!!
في مهب الريح
تقول والدة (ن) “السيدة فاطمة فضل الله” (ربة منزل): فرص العمل أمام ابنتي لم تكن متاحة، بحكم تعليمها البسيط، فهي بالكاد تحصلت على شهادة الأساس ولذلك لم نر غضاضة في عملها “عاملة منزلية” ،طالما أن ذلك من شأنه إزاحة الحمل عن عاتق والدها الموظف أو تخفيفه ، ولذلك عندما لاحت لنا بوادر سفر إلى السعودية لم نتردد لحظة، سيما أن صفقة شراء العقد تمت عبر سيدة تدعي (ك) ،هي التي أشارت على زوجي بتقديم يد العون له بعد إسدائه خدمة لها، وعبرها تعرفنا ،بـالوكيل (ع) الذي قام بجميع الإجراءات، ورغم أنه في كل مرة كان يقلص لنا قيمة الراتب ، إلا أن الشك لم يساورنا تجاهه، لنصطدم بعدها بأنه خدعنا وترك ابنتي في مهب الريح.
غير المتفق عليه
لم تكن (ن) حسب رواية والدتها “فاطمة” تنشد من سفرها سوى مساعدة الأسرة وتقديم يد العون لوالدها باعتبارها أكبر الأبناء، فلم يخطر بخلدها أن تبدأ بالبحث عن وسيلة تعيدها إلى وطنها وأسرتها ، بمجرد وصولها إلي مقر عملها، تقول “فاطمة” : في يوم (19 /5/ 2015) وصلت ابنتي مدينة “عرعر” بالمملكة العربية السعودية، عاملة منزلية ،مع سيدة سعودية كانت ترهقها بالعمل الشاق والمضني، ولم يخفف عنها غربتها سوى أنها وجدت فتاة سودانية أخري، تعمل بنفس المنزل فأصبحتا تتقاسمان السكن والطعام… والهم، وتستطرد محدثتي ، بعد مرور الشهر الأول نشب شجار كبير بين ابنتي ومخدمتها ،بعد أن وجدت أن راتبها هو غير الراتب المتفق عليه، مبلغ(2)مليون و 150 ألف جنيه سوداني، بدلاً عن (2) مليون ونصف، فسارعت بالاتصال بنا وطلبت منا استفسار الأمر من وكيلها (ع) بالخرطوم ، ولكنه قام بمراوغتنا.
معاملة سيئة
بوسائل وطرق مختلفة ،ظلت مخدمة (ن) تجبرها على العمل بعد أن أضربت عنه، لقلة الراتب المتفق عليه، فذهبت تمارس عليها أنواعاً مختلفة من الاضطهاد بالإساءة اللفظية والجسدية، وإجبارها على أداء مهام شاقة، مما سبب لها تقرحا باليدين، فضلاً عن تقديمها طعام لا يسمن ولا يغني من جوع ،عبارة عن (ساندوتش) تجود به عليها بين الحين والآخر، بحسب رواية والدتها “فاطمة” ،التي ذهبت في حديثها لـ(المجهر) إلى أن تعذيب ابنتها لم يتوقف عند حد الإهانة اللفظية والمعاملة القاسية فحسب، بل تعداها إلى الضرب، الذي لم يقو جسدها على تحمله، فذهبت تتصل بأسرتها تطلب منهم أن يجيروها مما تلاقي.
تقول “فاطمة”، اتصلنا بالوكيل (ع) مرة أخري، وطلبنا منه إيجاد حل لما تعانيه ابنتنا فوعدنا خيراً، وبالفعل قام بالاتصال عبر وكيل آخر، “سوداني” مقيم بالسعودية، قام بزيارتها ووجدها تعاني الإعياء والإرهاق، وبدلاً من عرضها على الأطباء ومعالجتها، قام بتغيير مكان عملها إلي منزل آخر، لتجد في انتظارها معاناة أخري ،لا تقل قسوة عن سابقتها.
مساومة رخيصة
لوهلة ظنت (ن) إن الحياة في المنزل الجديد الذي انتقلت للعمل به ستكون أفضل ،ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر بدأت الحقائق تتكشف لها، بعد أن تبين لها أن مخدمتها السعودية تقوم بإستغلالها، بتشغيلها “ورديات مسائية” لدي بناتها المتزوجات ، واللائي يقطن بالقرب منها، بذات الراتب(2) مليون و150 الف جنيه سوداني!! علماً أنها لم تتلق أجرتها لثلاثة أشهر كاملة، وعندما رفضت ذلك، بدأت معاملتها لها تتبدل….
تقول والدة (ن) “فاطمة فضل الله”، لقد ظننا خيراً عندما انتقلت ابنتي للعمل في منزل آخر، لدى مخدمة سعودية كنا نظنها أفضل من سابقتها، فبمجرد إقامة ابنتي معهم ،يوم وقفة عيد الفطر الماضي، طمأنتني بمعاملتهم الطيبة لها الأمر الذي جعلني أتحدث مع مخدمتها وأشكرها على حسن المعاملة، ولكن لم تمر أيام حتى اتصلت ابنتي مجدداً ،وهي تطلب مني إيجاد طريقة تعود بها إلى السودان، وبالفعل أجرينا ــ والحديث لا يزال لمحدثتي – إتصالاً بالوكيل السوداني الموجود هناك، وطلبنا منه أن يعيد ابنتنا إلينا، إلا أنه فاجأنا بمساومة رخيصة وهي دفع مبلغ (24) مليون جنيه سوداني ،يتم تحويلها له مقابل العودة، وعندما أتصلنا بالوكيل(ع) نستجلي منه الحقيقة، طلب منا دفع مبلغ (18) مليون جنيه ، ورغم إخبارنا له إننا أسرة على قدر حالها، لا نستطيع توفير هذا المبلغ إلا إنه لم يكترث لذلك، وأصبح يتهرب من الرد علي مكالماتنا، وعندما داهمناه في منزله أخبرتنا زوجته إنه خارج ولاية الخرطوم، وحتي الآن لم نتمكن من العثور عليه، وما زالت معاناة ابنتي مستمرة.
وبعد
وعبر “المجهر” تناشد السيدة “فاطمة” الجهات المعنية، والتي اجتهدت في إعادة من تجرعن من ذات كأس ابنتها، أن يلتفتوا إليها ويساعدوها في استعادة ابنتها ، التي تعاني ويلات الغربة والإقامة المرة ، سيما إنها ضعيفة ولا حول لها ولا قوة .