حكومة الخرطوم .. كل حركة معاها بركة !
الصحافة دورها المراقبة والمتابعة لصالح المواطن وإرشاد الدولة لمواقع الخلل والذلل، ولا ينبغي للصحافة المهنية الرصينة أن تتخذ موقف النقد المستمر، وتبخيس المنجزات والتقليل من جهد المسؤولين في كل مرفق، فحتى المعارضات (الديمقراطية) في الأنظمة الليبرالية تؤازر وتساند الحكومات في المواقف والقرارات الإستراتيجية من داخل برلمانات دول العالم المتحضر، ولا تخالف على الدوام من أجل المخالفة.
في هذا الاتجاه، يلزمنا أن نشيد بالنشاط الدءوب الذي يقوم به هذه الأيام معتمد الخرطوم الجديد الفريق “أحمد علي أبو شنب”، فالوجود الميداني والمتابعة اللصيقة للمهندسين والمشرفين والعمال في مجال الطرق والإنشاءات والنظافة، هي مفتاح النجاح .
وقد يختلف الناس حول ثغرات أو أخطاء يمكن تداركها في ما يتعلق بتغيير وتبديل مواقف المواصلات الأسبوع الماضي، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح . المهم أن يكون الوالي والمعتمدون قريبين من الناس .. يسمعون بآذانهم شكاوى المواطنين ولا يتلقونها عبر تقارير مكتبية باردة تحمل (نصف الحقيقة) والباقي أي كلام !!
بداية جيدة للفريق “أبوشنب” .. وأمامه الكثير لينجزه، وحكومة الولاية تحتاج لقدر من الزمن لتسوية أزمة المواصلات، فأوربا الحديثة لا يميزها الآن غير إتقان إدارة وسائل المواصلات من البصات إلى مترو الأنفاق إلى القطارات، وكلها في الغالب تديرها الدولة وشركات عامة، ليست مملوكة لأفراد.
دقة وانضباط مواقيت حركة البصات والمترو على مدار الساعة، كل دقيقتين وثلاث، هي أول وأكثر ما أسرع انتباهي في “ألمانيا” و”انجلترا”، وليس أي شيء آخر، فالطبيعة والخضرة والطقس الناعم الجميل قد تجده في لبنان، أو سوريا قبل الحرب، أو المغرب أو دول شرق آسيا، ولكنك لن تجد هناك (معجزة) ضبط حركة عشرات الآلاف من القطارات والبصات وطوال الـ(24) ساعة.
ولذا فإن موضوع استجلاب قطارات (ترام) للعمل في ولاية الخرطوم المشروع الذي يتمسك به وزير البنى التحتية المهندس “أحمد قاسم” أعتقد أن الزمن تجاوزه، والعالم كله يمضي باتجاه (متروالأنفاق) وليس الترام. كما أن سوء تخطيط الخرطوم، وضيق شوارعها وعدم مطابقتها للمواصفات العالمية، باعتراف الوزارة نفسها، سيفاقم مشكلات المرور ويؤدي إلى المزيد من حوادث السير يومياً في حالة تنفيذ مشروع (الترام) الذي يتحرك حسب الخريطة المقترحة من الجامع الكبير بوسط الخرطوم باتجاه “أم بدة” مروراً بجسر أم درمان، عابراً شارع الأربعين !! (هو الناس قادرة تمشي ولا تسوق في الشوارع دي .. عشان تجوط زيادة بترام يمشي في منتصف الأسفلت؟!).
في كل الأحوال، لن نتعجل في طلب النجاحات، فحكومة الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” تحتاج إلى المزيد من الوقت لترتيب وتنظيم حركة المواصلات ومشروعات البنى التحتية، غير أنني متفائل بنجاح الرجل، ليس لأنه يملك (عصا سحرية)، ولا لأنه قريب جداً من الرئيس “البشير” وبالتالي سيجد دعماً وحظوة وتسهيلات، ولكن لأنه رجل (ميداني) ومهتم بالتفاصيل، ودءوب في متابعة تنفيذ التكاليف، وهذا يكفي لتحقيق قدر معقول من الإنجازات في كافة الملفات.
تفاؤلنا لا يمنعنا من أن نجتهد مع حكومة الولاية في تنبيهها وتصويبها عبر الصحافة من حين لآخر وفق رؤيتنا ومتابعاتنا المهنية، بهدف التبصير لما فيه خير إنسان الولاية، وتطوير مرافقها وترقية خدماتها وإصحاح بيئتها.