اللصوص بـ(الكلاكلة شرق) يسلبون النوم والأمتعة من سكانها
المواطنون يطالبون السلطات ببسط أمن شامل
ـــ لص اعتاد على قذف أهل البيت بالحجارة ليتأكد من وجودهم أو عدمه
شرطي سابق يشهد بالحرفية العالية للصوص!
ـــ دجاجة تكشف سرقة (30) أسطوانة غاز مخزنة في حوش مهجور
ــ مواطن يعزو الظاهرة لانتشار منازل صناعة الخمور
ـــ اللجنة الشعبية: على الدولة أن تعي أن الحي أصبح قبلة للاجئين من دول مختلفة وبكميات كبيرة
تحقيق ـ هبة محمود
ثمة أسئلة جالت بخاطري وأنا أستمع لمعاناة مواطني حي (ود عمارة) بـ”الكلاكلة شرق”، وحالة من الخوف والذعر تجتاحهم مبددة أمنهم واستقرارهم، وهم لا ينفكون يواجهون خطر اللصوص الذين يداهمون منطقتهم على مدار اليوم دون أدنى تدخل من السلطات، وهو أحد أهم الأسئلة التي تقافزت لمخيلتنا، الأمر الذي ضاعف من همومهم المتراكمة، وأصبح معوقاً لتعاملاتهم وممارسة حياتهم بصورة طبيعية، وباتوا في حيرة من أمرهم . هل يتركون أشغالهم ويرابطون في المنازل، يسدون المنافذ على اللصوص.. أم يذهبون لأعمالهم ويتركون منازلهم غنيمة للصوص المتربصين بها، بعد أن صارت المنطقة قبلة ومزاراً لهم، لا يتوانون عن زيارتها مرارا وتكرارا، آناء الليل وأطراف النهار؟
والمواطنون ،بعد ان بحت أصواتهم وهم يناشدون المسؤولين بإنشاء نقطة “بسط أمن شامل” ودوريات ليلية ، وتفاقم أمر اللصوص ، مع تبخر الوعود التي قطعها عليهم المرشحون لدوائرهم إبان الحملة الانتخابية الماضية، لجأوا لـ(المجهر) التي وقفت على أحوالهم ميدانياً موثقة بالعدسة.
جرأة يحسدون عليها:
لا حديث داخل حي (ود عمارة) مربع (2)، إلا عن أولئك اللصوص وجرأتهم المتناهية في السطو على المنازل جهاراً نهاراً أو ليلاً، فالرعب هو قاسم الجميع المشترك، أرباب الأسر يخشون على أبنائهم وأزواجهم، والنساء يرفضن الجلوس بمفردهن ليلاً أو ترك المنزل، ولو لبرهة في غياب من ينوب عنهن في حراسته نهاراً، لأنه ،وما أن تترك إحداهن منزلها لقضاء أي مشوار حتى يعقبها هذا الزائر غير المرغوب فيه، ليسطو على المنزل بمختلف الأساليب والوسائل ، حد أنها صارت حكايات يتناوب الجميع في روايتها كلما التأم مجلس.
ومما يجري علي السنة الناس ، هنا، الحديث عن الجرأة غير المألوفة التى يتصف بها أحد اللصوص وهو يحاول التسلل لمنزل إحدى الأسر بالمنطقة، ، لسرقة ما يمكن سرقته، وعندما تفشل كل محاولاته، ويدرك أن سرقة الليل ليست ممكنة ، لحراسة المنزل المشددة من قبل أهله،فانه ، قبل ان يعود أدراجه ، لحين معاودة المحاولة مرة أخرى ، يقوم بقذف المنزل بالحجارة ليتأكد من خلو المنزل، وعندما يتكشف له ان المنزل مأهول، يذهب ليعيد الكرة في اليوم التالي، ليدخل بتصرفه هذا الخوف في نفوس الأسرة، التي بدأت تفكر ملياً ترك المنطقة برمتها.
محاولات مستميتة:
تقول السيدة “منى أحمد رحمة الله” ربة منزل: أصبحت لا أشعر بالاطمئنان داخل منزلي ، وأفكر بجدية في تركه، فاللص يحاول الدخول إلى منزلنا، بشتى السبل، بعناد واصرار عجيب.
ومضت محدثتي تسرد لنا كيفية هذه المحاولات التي وصفتها بالمستميتة من أجل السطو على منزلها، تقول: في إحدى المرات وفي حوالي الثانية ظهراً ذهبت للمستشفى وأغلقت جميع الأبواب (بالطبل)، وعند عودتي قمت بزيارة أسرة زوجي ،التي يفصل بيني وبينهم جدار، وبينما أنا معهم تناهت لمسامعي أصوات حركة في المنزل، للحظة ظننتها صادرة عن زوجي فناديته وعندما لم يجب أدركت أنه “لص” فطلبت من بعض التلاميذ المارين حينها بجوار منزلي أن يقوم أحدهم بالدخول معي لاستطلاع الأمر، وما أن دخلنا إلى المنزل ، حتى فوجئت بأن جميع الطبل فتحت بواسطة مادة زيتية، لكن ــ والحديث مازال لمحدثتي ــ لم يتمكن هذا اللص من سرقة شيء.
قذف بالحجارة
واستطردت: بعد ثلاثة أيام اتبعها بمحاولة أخرى في الساعة الثالثة والنصف صباحاً، وفشل أيضاً خلالها في الوصول لمبتغاه، ليعيد الكرة في اليوم التالي حوالي الحادية عشرة ليلاً مصحوبة بحجارة لمعرفة ما إذا كنا قد خلدنا للنوم أم لا!! ولم تنته محاولاته عند هذا الحد. ففي كل يوم نقذف بالحجارة، ثم تجاوز حده الي درجة أنه أصبح يتلصص علينا من خلف هذا (الشبك)، وأشارت بيدها ناحية إحدى (الفرندات) ،التي يعتليها (شبك) للتهوية، وعند انتباهنا إليه يولي هارباً، وعليه نطالب بحمايتنا. فقد جافانا النوم ليلاً .وصرت غير مطمئنة على نفسي وأبنائي.
الخوف من سرقة الأطفال
تناصفت والدة زوج “منى” الحديث معها، فكلاهما تعانيان من حراسة المنزل ليلاً ومراقبة الأطفال خيفة سرقتهم سيما أن زوج الأخيرة يعمل ليلاً، تقول حاجة “سعاد الطيب” منزعجة: أصبحنا لا ننام لعل اللصوص يسرقون الأطفال ،فقد صار كل شيء ممكناً، وطالبت ابني بترك عمله ليلاً ،والبقاء لحراستنا، بعد أن بح صوتنا ونحن نشتكي للجان الشعبية ونطالبها بأن تقوم بدورها ،ولكن لا حياة لمن تنادي.
ومضت حاجة “سعاد” تروي لنا قصة الحوش المهجور ،الذي ضبطت به حوالي ثلاثين أنبوبة غاز، كان أحد اللصوص يقوم بسرقة الأنابيب ،ثم يقوم بتخزينها داخله استعداداً لبيعها، إلا أن دجاجة كشفت أمره، وهي تلوذ بهذا الحوش الذي اكتشف عند مطاردتها من قبل مالكيها ،أنه وكر لأحد هؤلاء اللصوص، وبالقبض عليه بواسطة أفراد الحي اعترف أنه يمر بضائقة مالية يرجو حلها من ريع الأنابيب.
نفير من الشباب
المواطنة “مشاعر موسى” – ربة منزل – ليست بأحسن حالا من سابقاتها، فقد ضاقت ذرعاً بمحاولات اللصوص المتكررة للسطو على منزلهم، تقول: الأمر أصبح مزعجاً للغاية وأحد اللصوص يحاول مراراً سرقتنا عبر دكان يتبع لمنزلنا حولناه لمطبخ، لكنه لا يدري بذلك، فيظل طول الليل وبصورة مستمرة يعمل على كسره ظناً منه أن به بضاعة.
معاناة أخرى يعيشها الطالب “عاصم محمد حسن” تتجسد في تلك المطاردات الليلية التي يقومون بها وهم يقتفون أثر هؤلاء اللصوص، بعد أن آل على نفسه هو ورصفاؤه من شباب الحي حماية أسرهم ومنازلهم من زوار الليل بالتناوب، يقول “عاصم”: أصبحنا نحن الشباب نقوم بحراسة الحي بعد كثرة السرقات فيه، وكثيراً ما نراهم وهم يجوبون الشوارع بأسلحتهم البيضاء وعندما نطاردهم يلوذون بالفرار، ويضيف نطالب السلطات بإنارة الشوارع وعمل دوريات ونقاط ارتكاز فقد أقلقوا مضاجعنا!!!
قصور اللجان الشعبية
أما المواطن “يحيى الطاهر” – موظف -فقد صب جام غضبه على اللجان الشعبية قائلاً: ذهبنا إلى رئيس اللجنة الشعبية بالحي ووعدنا بتوجيه دوريات ليلية تبدأ من الثالثة صباحاً وتستمر لمدة ساعة ونصف، ولكنه لم يكن سوى حديث لم يجد حظه من التنفيذ، ويضيف: نحن كشباب في الحي نقوم بحراسته، ولكن ذلك لا يمنع اللجنة الشعبية من أداء دورها والقيام باللازم أو حلها.. حتى فتيات الحي لم يسلمن من أذى اللصوص فعند عودتهن وقت (المغرب) تقوم عصابة بانتظارهن وخطف حقائبهن وانتزاع اجهزة (الموبايل) من أيديهن وكأننا نعيش في غابة، لذا نطالب وبشدة بإنشاء بسط أمن شامل لحمايتنا.
ولـ”ياسمين سياسة” قوة تحسد عليها، فقد استيقظت لتجد لصاً يقف بالقرب منها حاملاً (ساطورا) بيده، تقول “ياسمين”: في الأسبوع الأول من مجيئنا لهذا المنزل تفاجأت بأحد اللصوص شاهراً ساطوره في وجهي يحذرني من مغبة النهوض ويطالبني بالصمت، فقلت له (ما بقعد) وكان زوجي حينها نائماً وعندما رآني أسير نحوه فر هارباً، وفي الأثناء كان زميله في المطبخ يقوم بفك أنبوبة الغاز توطئة لحملها.
حرفية عالية
أما “عبد العظيم النور” (مراقب مطبعة) فقد أبدى قلقه مما يحدث خاصة أنه يعمل بإحدى المطابع ليلاً، يقول: عملي يبدأ من الساعة الحادية عشرة ليلاً ويستمر حتى الرابعة فجراً الأمر الذي صّعب عليّ التوفيق مابين عملي وحراسة أسرتي، التي باتت تطالبني وتلح على تركي العمل ليلاً بعد تكرار حوادث سطو اللصوص عليهم وقتلهم لجميع كلاب الحي!!!
ويعزو “فيصل إسماعيل حامد” شرطي سابق، تفشي ظاهرة السرقة داخل حي (ود عمارة) إلى انتشار صناعة الخمور، في المنازل قيد الإنشاء ،التي صارت ملاذاً آمناً للصوص، بالإضافة إلى نزوح جنسيات مختلفة من دول الجوار واستيطانها داخل الحي، وعن تعرضه للسرقة. يقول “فيصل”: تعرضت مرتين لعملية سطو من قبل اللصوص وسرقت من منزلي (ملايات وثياب ومكوة)، لذلك لابد من وضع حد لهذه السرقات (فالحريم وصلن مرحلة أنهن يذهبن للخضار ويجدن – حين عودتهن – ان بيوتهن قد سرقت)، وأشار إلى الحرفية العالية التي يتمتع بها اللصوص بحيث لا يتركون أثراً خلفهم.
محطة وسطى
ربما كانت مأساة “جاكلين إلياس” هي الأكبر من بين المستطلعين، فقد جردها اللصوص من جهاز (لابتوب وموبايل ومبلغ 2 مليون جنيه وجميع ملابسهم حتى أزياء المدارس)، كما قام بسرقة مفتاح السيارة وتشغيلها استعداداً لسرقتها، إلا أنه – بحد قولها – عجز عن قيادتها والفرار بالغنائم، مضيفة: أصبحنا نتناوب في حراسة المنزل ليلاً ونهاراً مناشدة بإيجاد الحلول.
أما “هويدا النور” (ربة منزل) فتشير إلى أنها ظلت – ولمدة ثلاثة ليالٍ متتابعة – تتعرض لمحاولات سرقة، ولفتت إلى أن اللص يقوم بمراقبة بيتها، وهو ما أكده جارها عندما رأى أحد الأشخاص يدرس مخارج المنزل ومداخله، وقالت: قام أحد اللصوص في غضون الأيام الماضية بالتسلل إلى منزلي عبر الجيران ،ومنهم إلى سطوحي ثم إلى حوش المنزل، وعندما وجدنا نائمين عاد أدراجه، لقد أصبحنا خائفين نقضي الليل كله في حراسة المنزل والسلطات لا تعيرنا اهتماماً.
الحاج “محمد شمبول” بدا أكثر امتعاضاً وهو يصف منزله بأنه “المحطة الوسطى” للصوص، فهم- بحد وصفه- كثيرو السطو عليه ،حتى وإن لم يسرقوا شيئاً ،إلا أن محاولاتهم تلك تدخل الرعب في النفوس، وزاد: أصبحنا لكي نذهب لصلاة (الفجر) نوقظ بعض أفراد المنزل، حتى يقوموا بحراسته بدلاً عنا، أبلغنا اللجان الشعبية مراراً وتكراراً لكن فائدة.
المنطقة مفتوحة
حزمة من التساؤلات والاتهامات وضعتها (المجهر) على طاولة سكرتير اللجان الشعبية لحي (ود عمارة) بـ(الكلاكلة شرق)، الأستاذ “عباس محكم”، الذي ألقى باللائمة عليهم ، مشددا على ضرورة إغلاق منازلهم بإحكام، وهو يصف تردد اللصوص بالعادي، إلا أنه عاد ،وأكد أن المنطقة مفتوحة وعرضة لدخول جنسيات مختلفة من دول الجوار، بالإضافة الى أنها مواجهة لـ(حي الأندلس) وهو حي غير مكتمل الإنشاء ،بحد وصفه.
يقول “عباس محكم” طالبنا كل الولاة الذين مروا على المنطقة ،وكل المعتمدين بضرورة عمل نقطة بسط أمن شامل وتسيير دوريات حراسة، إلا أنهم لم يستجيبوا لطلباتنا، نحن بحاجة لأجهزة أمنية. وكلجان شعبية تردنا الكثير من الشكاوى، ولكن ليس بأيدينا ما نقدمه لأجلهم، فالأمر في غاية الخطورة، وعلى الدولة أن تضع في اعتبارها أن الحي صار قبلة للاجئين من دول مختلفة وبأعداد كبيرة ،وإذا كان لا بد من وجودهم فيجب عمل معسكرات لهم.