تقارير

أهداف اقتصادية معلنة ومكاسب أخرى غير معلنة زيارة "البشير" إلى الصين

تقرير-  نزار سيد أحمد
في أطول رحلة يقطعها منذ زيارته الأخيرة للصين في العام 2011م يشارك رئيس الجمهورية “عمر البشير” مع رؤساء (29) دولة آخرين في الاحتفالات الصينية بالذكرى (70) بالانتصار على الفاشية في الحرب العالمية الثانية. وقال سفير السودان في “بكين” إن زيارة “البشير” تندرج في إطار تأكيد العلاقات المتينة بين الدولتين.  وأكد السفير أن قمة ثنائية ستلتئم بين “البشير” ونظيره الصيني “شي جين بينغ”، كما يعقد الرئيس لقاءً بالجالية السودانية هناك. ومن المنتظر أن يشهد “البشير” كذلك توقيع عدد من التفاهمات والاتفاقيات بين البلدين، على مستوى رجال الأعمال، فيما يخص التعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك. وتعتبر الصين أكبر مستثمر أجنبي في السودان، كما أن استثماراتها في البلاد تعد الأكبر على صعيد القارة الأفريقية، حيث تعتمد الصين على السودان، كسادس أكبر مصدر للنفط. ولم يستبعد مراقبون أن يبحث الوفد الاقتصادي المرافق للبشير مع المسؤولين الصينيين، كيفية تسوية ديون “بكين” على السودان التي تتجاوز (10) مليارات دولار، أو إعادة جدولتها.
فك الحصار
قال أستاذ الاقتصاد والمحلل الدكتور “يوسف خميس أبو رفاس” الذي تحدث لـ(المجهر) محللاً زيارة رئيس الجمهورية للصين وما يمكن أن تحدثه من أثر اقتصادي وسياسي على البلاد، قال إن مساهمة الصين في الاقتصاد السوداني واضحة لا تخطئها عين، حيث أنها أسهمت في إنعاش اقتصاد السودان بعد الحصار السياسي والاقتصادي الذي تعرض له من الغرب. وأكد الدكتور “يوسف خميس” أن دعم الصين للسودان جعله يتحول كلياً من المعسكر الغربي إلى المعسكر الشرقي الذي بفضله استطاع أن يخرج من المقاطعة الاقتصادية، وحول ما إذا كانت زيارة الرئيس والوفد المرافق له تستطيع تحقيق اختراق بإعفاء ديون السودان التي تطلبها الصين، أشار “أبو رفاس” إلى أن ديون السودان  في الأساس هي قضية سياسية وأنه طالما أن العلاقات السياسية بين السودان والصين جيدة هناك إمكانية لتحقيق هذا الأمر بإعفاء الديون. ومضى “أبو رفاس” ليتحدث عن الصفقات الاقتصادية التي سيتم توقيعها على هامش الزيارة مبدياً تحفظه على المنتج الصيني الذي قال إنه أقل جودة من غيره من المنتجات الأوربية، مؤكداً أن السودان في حاجة ليوازن في كمية وحجم المستوردات من الصين مع غيرها من المنتجات الأوربية أو الغربية بشكل عام .
صفقات اقتصادية
وكشف وزير النقل والطرق “مكاوي محمد عوض” أن “البشير” سيشهد توقيع عقد مع شركة (سي سي أي سي) الصينية لبناء خط جديد للسكة حديد في شرق السودان، بعد توفير التمويل البالغ ملياراً و(400) مليون دولار عن طريق البنك الصيني لتنفيذ الخط الحديدي الذي يربط مدن هيا، كسلا، القضارف، سنار والدمازين، بطول (1000) كلم سيتم تشغيله إلكترونياً باستخدام الألياف الضوئية في المحطات، ويضم (26) محطة وثلاث ورش للصيانة. وأبان “مكاوي” أن الرئيس سيشهد كذلك توقيع اتفاق لشراء طائرتين (أيرباص) من طراز (320) عبر طريقة البيع الإيجاري، ليرتفع العدد الكلي لأسطول (سودانير) إلى أربع طائرات، عقب الفراغ من صيانة طائرتي (أيرباص) بالخرطوم قبل نهاية العام. وكشف أيضاً عن استجلاب ثلاث طائرات من طراز (16 MA) صينية الصنع، سعة 60() راكباً، لتجربتها في السودان بإشراف صيني، لرفع قدرات الناقل الوطني الجوي تدريجياً. وأفاد الوزير بأن الرحلة ستشهد أيضاً توقيع اتفاق إطاري مع شركة (بوولي) الصينية لتصنيع تسع بواخر في مجال النقل البحري، اثنتان منها في مجال نقل الركاب واثنتان لنقل الحاويات واثنتان لنقل الغاز واثنتان لنقل الحاويات وأخرى متعددة الأغراض. وكشف عن تسليم البواخر التسع قبل نهاية العام الحالي.
علاقات راسخة
  تعتبر العلاقات التجارية والاقتصادية بين السودان والصين علاقات متميزة ظهرت جلياً في ازدياد حجم الميزان التجاري والاستثمار بين البلدين وقيام مشروعات ملموسة في قطاع البترول، الكهرباء،  العادن، ومعدات وطلمبات المياه، مياه الشرب، الطرق والجسور ومراكز البحوث الزراعية. يشكل التبادل التجاري والاقتصادي بين السودان والصين أحد ركائز علاقات التعاون المشترك، وقد شهد هذا المجال تطوراً ملحوظاً ونقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، أثمرت في قيام مشروعات ملموسة في مجال التنمية والبنية التحتية .
الشريك الثالث
 ويمثل السودان الشريك التجاري الثالث للصين في أفريقيا بعد أنجولا وجنوب أفريقيا  حيث شهد  الميزان التجاري بين البلدين قفزة نوعية بفضل العلاقات التجارية  والاقتصادية المتطورة، حيث بلغ الميزان التجاري للعام 2007م ما قيمته (5.66) مليار دولار  أمريكي ليقفز إلى (8.2) مليار دولار أمريكي عام 2008م، وانخفض خلال العام 2009م إلى (6.39) مليار دولار بسبب الأزمة المالية العالمية وبلغ في العام 2013م 20.313 مليون دولار لصالح السودان. وازدهرت برامج التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ونمت بوتيرة سريعة وبصورة ممتازة منذ العام 1995م سواء أن كانت في مجال النفط أو مشروعات البنيات التحتي، أو الصناعات العسكرية ومشروعات القوات المسلحة أو القروض الميسرة، حيث تم خلال السنوات الماضية التوقيع على العديد من البروتوكولات واتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين منها بروتوكول التعاون الزراعي، اتفاقية الطيران المدني، اتفاقية التمويل بترول مقابل المشروعات – بالإضافة إلى اتفاقية قروض نقدية. هذه الاتفاقيات عمقت العلاقات وخلقت قاعدة صلبة من المصالح الاقتصادية المشتركة، وحفزت المؤسسات الصينية لزيادة حجم التمويل المقدم للسودان، وشجعت العديد من الشركات للاتجاه للسودان بحثاً عن فرص جديدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية