ورحل الحاج "متولي"!!
بدأ عمالقة الفن والتمثيل والمسرح في الشقيقة مصر في التساقط كحبات المسبحة، فمعظم العمالقة منهم رحلوا عن دنيانا، منهم من غادر وهو في عز الشباب وعز العطاء ومنهم من تقدم به العمر، لكن جذوة الفن والإبداع ما زالت متقدة في دواخلهم، فمصر أم الدنيا، ومصر العلم والثقافة والأدب، وهي قلب الأمة العربية النابض، وتفتحت عيون وآذان الأمة العربية على إبداعات فنانيها الراقية إن كان في مجال التمثيل وهم كثر، أو في مجال الفن والغناء وهم أيضاً علامات مميزة لا تخطئها العين أو على مستوى الشاشة الصغيرة، فالمبدعون فيها قدموا أفضل ما عندهم.
أمس الأول نعى الناعي الفنان المبدع والممثل القدير على مستوى الشاشة الكبيرة والصغيرة، فله فيهما إسهامات كبيرة تم توثيقها، واستطاع الفنان الراحل “نور الشريف” أن يخلد اسمه في سجل الخالدين بأعماله التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة العربية منها والأجنبية، وربما على مستوى القارة الأفريقية بعد أن ترجمت أعماله للغات المختلفة.
ولا ينسى المشاهد العربي كيف سرق الفنان “نور الشريف” لب عشاق المسلسلات العربية والمصرية، خاصة مسلسل (عائلة الحاج متولي)، فقد ظل اسم “الحاج متولي” يتردد في كل الجلسات التي تجمع الناس، وظلت صورته الرائعة والمشوقة وعدالته بين النساء اللائي ارتبط بهن، وقدم صورة رائعة لما ذكره القرآن وما أباح للرجل المسلم من الزواج مثنى وثلاث ورباع بشرط العدل، فقد جسّد الراحل “نور الشريف” هذا العدل البشري بين النساء، وربما غيّر معظم المفاهيم لدى الغرب وأثبت أن ما جاء به القرآن لا يدانيه شك، وأظهر صورة رائعة للإسلام والمسلمين ترجمت في هذا المسلسل الذي أبدع فيه الراحل.
أعمال كثيرة خلدت “نور الشريف” منها (لن أعيش في جلباب أبي)، وهو من المسلسلات الجميلة والرائعة التي قدمها “نور”، إلى جانب عدد من الأفلام مثل (العار)، الذي يعدّ واحداً من الأفلام الجميلة التي أداها “نور” ومعه الفنان “يسري مصطفى”.
الفنان الراحل “نور الشريف” واحد من ألمع الممثلين المصريين، وبرحيله يضاف إلى كوكبة الفنانين المصريين الراحلين، ومنهم الفنان المبدع والرائع “عمر الشريف” والفنانة المبدعة سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامة” و”علاء ولي الدين” و”أحمد زكي” الفتى الأسمر الذي جسد صورة الرئيس الأسبق “أنور السادات” والرئيس “جمال عبد الناصر”، وكثير من المبدعين “يونس شلبي” و”سعيد صالح” وغيرهما من أبناء مصر الدنيا الذين خلقوا لها اسماً في الفن الخارجي.
إن رحيل الفنان “نور الشريف” هو رحيل بالجسد، فأعماله خالدة مع الخالدين الزعماء والأدباء والشعراء، ومصر قادرة على أن تنجب عمالقة آخرين يضيفون إلى رصيدها في المجالات كافة.