شفافية البرلمان
حرصت ولمدة ثلاث ساعات أو تزيد قليلاً عن متابعة لقاء كبير للبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” رئيس الهيئة التشريعية القومية (البرلمان) والصحافيين ضمن منشط كبير ومهيب جاء فيه
الضيف الوقور في موعده (بالثانية) وصعد المنصة وابتدر حديثه بلغة واضحة ومباشرة، تحدث بشفافية عريضة ولم يتلجلج في موقف أو تعليق واستمع بصبر جسور لكل المداخلات،
وحتى الأسئلة التي غلفها البعض بالدبلوماسية نزع عنها البروف الحرج وأكمل جملتها الناقصة، ومما لاحظت أن الرجل يحظى باحترام كبير بين الصحافيين تبدى هذا في روح
التواصل الايجابي بين المنصة والحضور وتبادل الرسائل والآراء على قاعدة متينة من الاعتراف بالآخر، وقد لفت نظري بشكل كبير الصبر على طول اللقاء من كل الحاضرين وهو
ما يشير إلى استماع الحاضرين لإفادات صادقة واحترامهم لرجل من ذهب. في واقع الأمر
ما ترسخ عندي – كمواطن أولاً – وصحفي أن هذا البرلمان (غير)، فمن خلال العرض الذي قدم والتأسيسات العامة للأدوار المنتظرة منه تأكد للكل أن مهام هذه المؤسسة ستكون حاضرة بالحسم والحزم لصالح قضايا المواطنين، وبدا واضحاً وجلياً أن رئيس البرلمان يأخذ بعزم مسألة دوره كجسم رقابي وجهة مهمة في ركائز بناء الدولة وبين موقفه ولونه السياسي. والرجل من قيادات الحزب الحاكم ورموزه المعروفة، فهو من سياق ما عرض يشدد على أن البرلمان سيكون مع الحكومة إن أحسنت وإن أخطأت فإنه سيقوم بالمحاسبة بلا تردد وهو قول كان يمكن اعتباره من عموم مخاطبات السياسة لكن شيئاً ما في حديث الأمس جعل فيه روحاً من الصدق ونبرة من المصداقية.
البرلمان مؤسسة مهمة في التطور والإصلاح المرجو والمنتظر ومن المهم أن يمارس أدواره بما يليق بهذا الدور، بمعنى أن يكون حتى التداول فيه عميقاً ولأغراض تتجاوز الاستعراض الخطابي، وهذا يتطلب تأهيل النواب أنفسهم وهي نقطة بدت مهمة في استعراض رئيسه، الذي شدد على أهمية هذا التأهيل في الشق المتعلق بمطلوبات الدور الوظيفي للنائب نفسه وهو في تقديري ما سيحسن الأداء العام لممارسة النيابة البرلمانية وفق تطور يشمل العضو. وليس هذا فقط بل أعجبني اهتمام البروف حتى بالصحفيين الذين يكلفون بدائرة قبة البرلمان، ولعل الحديث عن مركز صحفي متكامل ومجهز بالحداثة والتقانة ما يسهم بالفعل في دعم رسالة الصحافة .
إن مثل هذه اللقاءات تعزز حقيقة أن ثمة توجهات سياسية وتنفيذية في هذه البلاد تبدو الآن مبشرة، والروح والصراحة التي ميزت حديث رئيس الهيئة التشريعية ظهر (الثلاثاء) تفتح طاقات الأمل في تطور إيجابي نأمل أن يتكامل بين كل المؤسسات والدوائر، فهذا وحده الكفيل بنقل الجميع إلى أجواء مناسبة للعمل والنهضة الكاملة .