مسألة مستعجلة
خريج عاطل أو مهندس بلا عمل !!
نجل الدين ادم
لفت نظري حديث الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج الذي نقلته معظم الصحف السيارة أمس بأن الأيام الثلاثة الماضية فقط شهدت عمل (12) ألف تأشيرة خروج بجانب إستخراج أكثر من (4500) جواز إلكتروني، وهذا يعني بأن هناك موجة هجرة كبيرة إلى الخارج، خاصة إذا كانت مؤشرات (3) أيام فقط أشارت إلى هذه الارقام الضخمة.
أعتقد أن الغالب في هذه الهجرات للسودانيين تعود لأسباب اقتصادية بحته، وتوقع أن يكون أغلب هؤلاء هم أصحاب الكفاءات من الأطباء والمهندسين والخريجين وذوي التخصصات النادرة صرفت عليهم الدولة في التدريب والتأهيل بعد أن قامت الجامعات بتخريجهم، أجزم بأن أغلب هؤلاء المهاجرين لم يجدوا مناصاً إلا أن يغادر إلى الخارج للتغلب على الظروف الاقتصادية التي تحاصرهم من كل جهة، وأنهم كانوا يحبذون البقاء بالداخل حتى لو كان العائد يفي حد الكفاف، ولكنها الظروف أجبرتهم على ذلك وكان خيارهم .. حتى يستطيعوا التغلب على قائمة المطلوبات التي لا تحصى ولا تعد.
الحكومة في أحيان كثيرة تهمل جانب المعادلات الحسابية فيما تنفقه فتدفع قسطاً كبيراً من المال لقاء مشروع تخريج وتأهيل أطباء أو مهندسين أو تقنيين أو غيرهم عبر سنوات تحرك فيها الميزانيات السنوية ولكنها تنسى حجم ما صرفته على هؤلاء من خزينة الدولة، وتستغني عنهم عند أول رحلة مغادرة!.
معظم بلدان العالم تعمل على الاستفادة من كوادرها النادرة والمتخصصة بالقدر الذي يعيد على الأقل للدولة قيمة ما صرفته على هؤلاء، وخلال كل فترات العمل بالداخل تكون شروط عملهم مجزية ومحفزة حتى لا يكون خيارهم ترك البلد واختيار بلد آخر للبحث عن لقمة عيش كريمة فيه، وفي هذا تضع الدول شروطاً قاسية ربما تلزم هؤلاء بالعمل لفترات تطول وتقصر، أما عندنا هنا في السودان فلا نعير هذه المعدلات اهتماماً، فترة امتياز أمضاها خريج الطب يمكن بعدها أن يغادر حيث يشاء، لا حوافز تقدم للذين وجدوا فرص عمل .. أما الآخرون فلا يجدون حتى فرصة العمل هذه فيكون السبيل هو السفر إلى الخارج وربما تكون الوظيفة هناك هامشية ولكن يغض الخريج أو الطبيب الطرف عنها ويلتحق بها والسلام، لأن المهم عنده فرصة العمل والعائد بعد أن استيقن بأن وظيفة الطبيب أو المهندس في بلده السودان لا يلزمها إلا كلمة خريج عاطل أو مهندس بلا عمل!.
على الحكومة أن تعيد النظر بشكل جدي في معادلات الهجرة الكبيرة لأصحاب الكفاءات خاصة والعمل على توفير فرص عمل، أو إفساح المجال لهم للابتكار وعدم تقييدهم بقائمة الشروط التي تجعل المواطن يسخط على بلده، مطلوب من الحكومة وضع إستراتيجية لتجاوز هذه المشكلات التي تولد في الغالب حالة الغليان والعصيان.
والله المستعان