من وحي الأخبار

سودانير

نقاش جميل ومؤسس، مفعم بالحسرات على واقعنا في مجال النقل الجوي الوطني، أداره نفر من كرام وكبار الصحافيين والكُتّاب بإحدى مجموعات “الواتس”، عقدت فيه المقارنات بين الأسعار والخدمات المقدمة على بعض خطوط الطيران العربية والأفريقية التي تقل السودانيين من وإلى أطراف من أصقاع الدنيا، وتجوال الصحافيين وتطوافهم يوفر لهم سانحة عملية للمقارنات والفحص المؤسس للوقائع، وخلص الجميع إلى أن غياب الناقل الوطني خلل وعيب لا يليق بتاريخ ومكانة السودان الذي حينما كان يملك أساطيل من الطائرات كانت بعض عواصم الجوار تستأجر منه الطائرات وتضع عليها شعار ناقلها الوطني، الذي تطور هناك وتخلفنا هنا وتراجعنا!
صار السودانيون في الموانئ الجوية مثل اليتامى يرون كل أعلام ورايات الدول حتى الوليدة منها تحلق في السماوات، والسودانيون يرضون في نقلهم لوطنهم بأسوأ أنواع طائرات تلك الخطوط وأصغرها مع أسعار خرافية تدفع مثل الجزية عن صغار، وحدث ولا حرج عن إلغاء حجوزات الطيران وتغييرها، وأما الخدمات فقد وصل الأمر بإحدى الشركات أن ترمي للمسافرين من أبناء وطني بسندوتشات تلف في القراطيس، وربما ينحدر الأمر مستقبلاً لتوزيع دقيق الإغاثة كمحلول تروية عوضاً عن الماء القراح الذي إن طلبته فعليك أن تدفع في مقابله.
هذه إهانات المخرج منها نهوض الحكومة بواجب النفير لإقالة عثرة “سودانير”، وهو أمر ليس عسيراً فالكفاءات متوفرة، وإن كان العسير التمويل فلتفتح الحكومة خطاً ساخناً واكتتاباً باسهم الشعب ولو أن يضع أي مواطن جنيهاً أو ألفاً حسب استطاعته مع دعم رجال الأعمال والخيريين، ولتكلف الدولة مجلس إدارة وإدارة محترفة خالصة لهذه المهمة، وبعدها حدثونا عن الحظر وإغلاق الأشواق والأسواق أمام النهضة والتقدم.
عار وشائن أن تتحدثوا عن مطار دولي عالمي هو الأكبر والأفخم في أفريقيا ونحن بلا خطوط طيران تسد الفراغات في مدارج الهبوط والمطارات المحلية في نيالا ومروي وبورتسودان وغيرها، وعار أن نبني مطاراً في الجموعية ونحن بلا طيران منتظم إلى أسمرا والقاهرة وجدة، وحتى هذه تغطى بطائرة واحدة مثل الظهير المساك تهبط وتصعد بنقل الركاب بنظام (الفردات)، بوضع طاقية هذا في رأس ذاك.
إن وجود ناقل وطني محترم وكبير وعابر للأجواء، متمم للصورة اللائقة بوطن هو الرائد والأكبر تاريخاً وإمكانيات في محيطه العربي والأفريقي، فانفروا من أجل “سودانير” يرحمكم الله، وقد استغلت ذلك شركات كثيرة أجنبية فتمددت من غرب أفريقيا إلى جنوبها، والخرطوم بموقعها أولى بإدارة هذه المكاسب لصالحها ولصالح مصالحها الاقتصادية والسياسية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية