تسمعنا شنو؟!
خلافاً للبعض، فإني أعتقد أن الإذاعات السودانية الخاصة أو أم درمان الأم وبعض الفضائيات وكثير من الوسائط الإعلامية في برمجة رمضان قدمت أداء مميزاً. ووفقاً لمتابعتي فأقول إن الإذاعة لا تزال تحتفظ لنفسها بمقام كبير وحيز إفساح مناسب بين المتلقين، وأؤكد أن البرامج المختلفة من المنوعات إلى المادة السياسية والمتابعات الإخبارية اتسمت في هذا الشهر الفضيل بحضور كبير وتغطية مواكبة وتنوع، وإن اختلفت المحطات وإن تجلت كالعادة (أم درمان)، مع اجتهادات مقدرة ونيرة لبعض المحطات الأخرى، حيث رصدت عدداً كبيراً من البرامج الهادفة والمفيدة، وإن لم يخل الأمر بالطبع من طغيان المادة الغنائية و(تسمعنا شنو) وتشابه وتكرار الضيوف.
فترة المنوعات بالإذاعة السودانية (هنا أم درمان) لا تزال تحتل الصدارة، وقد أعجبت فيها بفكرة (أرياف ومدن)، حيث يومياً يتم تسليط الضوء على تاريخ وحاضر مدينة سودانية، وقد استمتعت للغاية بتفاصيل مدهشة عن (الفاشر) و(ربك) وأعتقد أن هذه المادة يجب أن تتحول إلى مؤلف توثيقي لسيرة المدن السودانية وتاريخها الثقافي والاجتماعي، ومثل هذه البرامج هي من تمام الفائدة للمستمع والمتلقي، وهي فعلاً عمل يليق ببرمجة هذا الشهر الفضيل.. وقد تميز أيضاً برنامج (حامل المسك) بإذاعة القوات المسلحة الذي يقدمه ضابط برتبة المقدم أظن أن اسمه “طارق عثمان”، هذه مادة دعوية رفيعة وفي ثوب بسيط ولغة عامية وبإشارات عميقة.
تعددت في هذا الشهر المبارك البرامج التفاعلية المتصلة بأسئلة الجمهور للمشايخ والعلماء، وحقيقة فإن هذا النفر يقدم خدمة جليلة للمواطنين، والذي يتابع تلك البرامج يلحظ أن السودانيين حقاً وفعلاً حريصون على دينهم، إذ تجد أسئلة كثيراً ما تحمل هموم شخص يحرص حقاً على دينه ويرجو النجاة من كل إثم كان في معاملة.. تعجبني كثيراً أسئلة أهلنا البسطاء واستفساراتهم التي تنم عن روح مؤمنة حقاً وتخشى الله.. بالإجمال يمكنني القول إني أشعر أحياناً بأن هناك مفيداً وأعمالاً جيدة في برمجة رمضان لا تجد حظها من العناية والرعاية والتنويه، عكس برامج أخرى يتم التركيز فيها على أردية المغنين وأزيائهم وطرائق تبسمهم وغنائهم، وأعتقد أن هذا التركيز على السالب فقط يفقدنا مساحات عريضة لأناس مجيدين من معدي برامج ومقدمين يضيع جهدهم في الإشادة والتقدير بقاعدة أن التركيز يتم على السلبيات وجوانب اللعن والجالبة للسباب.
أخيراً، وقد أثرت هذا الأمر في بعض المجموعات الخاصة بالصحافيين على (واتساب)، أتمنى أن تكون الفترة الممتدة من التلاوة التي تسبق أذان الإفطار وحتى الأدعية التالية للأذان، أتمنى أن تكون فترة خالية من التنويهات والإعلانات، وأن (فلان يتمنى ليكم إفطاراً مباركاً وصوماً متقبلاً).. قليل من التريث لا يضير، وطالما أن كل ساعات البث الأخرى في الإذاعة وغيرها مبذولة لمن يدفع معلناً وراعياً فلا باس من تمرير هذه الخمس أو الست دقائق بدون تنويهات مماثلة، ولتكن خالصة لله وللتلاوة والأدعية.