من وحي الأخبار

السيستم..!!

يبدو أن على وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أن تراجع نفسها وسابق ثقتها في مشروع التحصيل الإلكتروني الذي أشدنا به وظننا أن الأمور قد رتبت وأن كل الأوضاع اللازمة والتدابير الفنية قد جهزت بحيث يدخل تاريخ التفعيل للإيصال الإلكتروني، وتكون كل المؤسسات قد أعدت نفسها وأكملت استعداداتها لخدمة المواطنين وفق التوجيهات الجديدة، وهو ما لم يحدث أمس وأمس الأول بعد انقضاء الميقات الذي أعلنه وزير المالية بأن آخر يوم في الشهر الماضي هو اليوم الأخير لاستخدامات الإيصالات الورقية القديمة، وأن عهد السودانيين مع التحصيل الإلكتروني قد بدأ، لكن يا أخ “بدر الدين محمود” الواقع أن عشرات المواطنين قد علقوا في اليومين الماضيين في شراك المعاملات والإجراءات الموقوفة أو المتوقفة لأن بعض المصالح والمؤسسات لم تجهز نفسها للخدمة الجديدة أو أن التجهيزات الفنية لم تكتمل!
حتى منتصف نهار أمس لم يكن باستطاعة بعض المواطنين تجديد رخصة قيادة مثلاً، فضلاً عن معاملات أخرى كلها غير متوفرة الآن، لأنك يمكن أن تمضي في كل المراحل الإجرائية، وحينما تأتي لمرحلة تسديد الرسوم تعلم أن لا أحد سيتسلم منك نقداً لأن الإجراء بشكله القديم قد أوقف رسمياً بمعنى التحصيل على أورنيك (15) الورقي، وصعد الأورنيك الإلكتروني الذي لم يتم تركيب (السيستم) الخاص به في بعض النوافذ الخدمية، وقطعاً فإن الجهة المسؤولة عن هذا التأخير يجب أن تحاسب لأن المواطن وطالب المعاملة لا ذنب له في أن الجهة المنفذة لمشروع التحصيل الإلكتروني لم تكن مستعدة أو أنها لم تغط كامل النطاقات والمواقع، فكيف يمكن القول أن يأتي شخص لإجراء عمل قد يكون مرتبطاً بشيء مصيري أو مهم ثم يعود أدراجه لأن المؤسسة لا تعمل لسبب أو لآخر.
يجب على وزارة المالية أن تكون أكثر حرصاً على عملها، وإن لم تكن ترتيباتها مكتملة فلا داعي للاحتفال ومنابر التدشين وإطلاق التصريحات بواسطة الوزير وكبار مساعديه، الذين تحدثوا بثقة بأن كل شيء تحت السيطرة وأن الأمر قد أعد ليكون نقلة في مجالات “كذا” و”كيت”، لأن بالذي رأيت أمس وأول أمس فإن الأورنيك الجديد المحوسب هذا سيعطل أحوال الناس لفترات ليست بالقصيرة، وسيجد المواطنون عناءً كبيراً في البحث عن بدائل إجرائية أخرى، وهذا يبدو مستحيلاً لأنه ونظراً لفتوى الدكتور “بدر الدين محمود” فإن الطريق الوحيد المبرئ للذمة يكون عبر وريقة وإشعار محوسب، وبغير هذا فإن الأمر غير معتمد أو يعتد به، وأخشى ما أخشاه إن لم تسارع وزارة المالية باستدراكات سريعة ومعالجات عجلى فإني أخشى أن ينهار كل شيء ويفقد البرنامج الجديد غالب ميزاته أو أهمها وهو الموثوقية العالية في فكرة يراها كثير من الناس أنها تحفظ أموال الشعب وتقطع الطريق على عشرات من أصحاب النفوس الضعيفة ممن كانوا في السابق (يهبرون) بلا حسيب أو رقيب، ولا أقول إنهم لصوص، ولكن أقول إن النظام المالي كله كان عشوائياً وكثير الثغرات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية