من وحي الأخبار

المضادة!

يجب الاعتراف بأن هناك حالة من القلق بدأت في السريان بين الأسر والعائلات في أعقاب بروز ما سُمي بعمليات تسلل من بعض طلاب الجامعات للالتحاق ببعض الفصائل والتنظيمات المتهمة بالتطرف؛ المفارقة أن الجامعات التي كانت هي مظنة التنوير والتحصين والتي بها قوامة الوعي تتهم الآن في بعض مؤسساتها بأنها حاضنة لمحاضن التجنيد والاستدعاء!
الظاهرة التي نحن بصددها تثير القلق بالفعل، فأنت تواجه لاعباً جديداً مثل الشبح تسمع به حيناً وتراه أحياناً؛ يتمدد بالأفعال والنزال منتشراً على نطاقات جغرافية لا رابط بينها، فهو في “سوريا” و”العراق” و”تركيا”، وهو في أفريقية الشمالية وهو في “أوربا” لجهة كونها الرافد الأول لإمداده باستعواضات الرجال، وهذا القادم الجديد من بعد ذلك يمتاز بالتنظيم العالي والقدرات المميزة والقناعات الكبيرة بين عناصره.
قلت قبل مدة إن (داعش) والقوى الجديدة الصاعدة معها تبدو وكأنها تتنزل على المجتمعات من مداخل لا يراها الناس، بدليل أنه وحتى اليوم لا توجد مرجعية ظاهرة وملهمة لهذا التنظيم، إذ جرى العرف على توفير هذه المرجعية بمشيخة ذات علم وعلوم تقوم عليها التأسيسات النظرية قبل الانتقال بعدها لما يلي، والشاهد أن هذا البعد لا يبدو ظاهراً ومعروفاً وإنما تجد فجأة أن التنظيم قد اكتسح بلدات وبلداً أو أن فوجاً من الشباب انضموا إليه ليظل السؤال قائماً ومعلقاً، من أقنع هؤلاء وكيف وحتى (أين)، في هذه الحالة لا تبدو وكأنها استفهام ملح مقارنة بكيف.
من كل هذه المنطلقات أعتقد أن حائط الدفاع الأول إن كان الأمر يستحق المدافعة، فإنه يتمثل في تقوية الوسط الإسلامي الوسطي الذي يمكن أن يشكل وحده العنصر المضاد والقوى المضادة لهذه الشواغل التي أخشى أن ينصرف فيها الناس للتلاوم بين دور الجامعات والأسر ومن فعل ومن ترك، بينما تترك جوانب أخرى وأهم مهملة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية