البينية
شهدت في اليومين الماضيين عذابات السودانيين في محاولاتهم الحصول على بعض الخدمات المتعلقة بمعاملات هجرية وإجرائية تتعلق برقم وطني أو جواز سفر أو التحصل على بطاقة قومية، قادتني عملية إجرائية لبعض أهل بيتي إلى مكتب العلاقات البينية القريب من عفراء والذي كنت أقصده دوماً سابقاً، وأشهد أن فيه طاقماً من الضباط والجنود الذين يستحقون التكريم من أعلى قيادات الشرطة، ولكن بعد غياب امتد لنصف عام عدت لذات الموقع لأصدم مما رأيت، فقد تصدعت الجدران وتحول المكان إلى ما يشبه علبة (السردين) مع تزايد ملحوظ في أعداد طالبي الخدمات وكثافة تبدو أحياناً وكأنها ترسل رسالة، بأن هذه البلاد لن يبقى فيها بعد أشهر مواطن!
بيئة العمل المتردية التي رأيتها هناك تحتم على الجهات المختصة استدراك هذا الواقع، رأفة ورحمة بالمواطنين الذين أتوا للتعامل مع أوراق وهويات وطنية وسيادية ليس من اللائق والكريم، جعل مناسبة الحصول عليها عرضاً للاستياء والشعور بالهم! ولهذا فعلى سلطات الشرطة والجوازات تحسين هذا الوضع رأفة بالمواطنين وطاقمها العامل من رجال الشرطة الذين يتحملون أوضاعاً أعانهم الله عليها فقط. وأجزم أنها ليست مناسبة أو صحية وستسلمهم للأمراض والعلل، وهذا يتزامن مع ازدحام خرافي يخلق آخر الأمر أجواء مشحونة بالتوتر بين طالبي الخدمات والعاملين عليها، لتحدث الاحتكاكات والخروج عن الطور في حين ولحظة والمسؤولية تمتد كذلك لاتحاد أصحاب العمل المتبرع بالموقع أو الذي جعله نافذة لخدمة الناس، إذ ليس مطلوباً أن تفتتح موقعاً ثم تهمله ولا تراجع وضعه وتفاصيله العامة.
الحشود التي رأيتها تنفق أموالاً طائلة رسوماً وخدمات ثم دمغات ويمكن تخصيص سهم من هذا العائد في عمليات تطوير وتحسين لتلك المواقع، بحيث ينعم العامل فيها ويشعر بالارتياح ويؤدي واجبه ومهامه كأحسن ما يكون. وكذا للزبون والمواطن الذي من حق الدولة عليه وقد استوفى مطلوبات أنه سوداني صاحب استحقاق التمتع بإجراءات تمضي بيسر وسهولة تحت ظل ظليل ومكان متسع، وهو ما يقود لأهمية أن تتجه السلطات لفتح المزيد من مجمعات الإجراءات المرتبطة بالجوازات والهجرة، فهذا يخفف الضغط على المواقع الحالية والتي انحصرت بين (القضائية) ومجمع أم درمان ومكتب العلاقات البينية الذي أظنه الوحيد الذي يعمل الآن بالقرب من مول عفراء، وهو مقترح نأمل أن تتعامل معه السلطات الحكومية والجهات الأخرى المهتمة بالعناية اللازمة، لاسيما أن تنويهات كثيرة صارت تصدر حول أهمية الحصول على البطاقة القومية وجعلها المبرئة في المعاملات، وإيقاف التعامل بالأشكال الأخرى من الأوراق والبطاقات.
ستزيد معدلات الإقبال والتوجه إلى المجمعات الحالية، وتحت هذا الضغط تكثر الإشكالات الفنية وتتكدس الصفوف، ولن يعذر المواطنون أحداً أو جهة إن كانت الخدمة سيئة أو التعامل غير كريم واللهم إنى قد بلغت فاشهد.