شهادتي لله
عجبت لحالة الهياج التي انتابت الأسافير وبعض الصحف واشتطاط بعض المدونين جراء نقدهم أو رفضهم لوجهة نظر أدلى بها الأخ الزميل الأستاذ “الهندي عز الدين” في شهادته لله بزاويته اليومية، ومما يثير حيرتي أن الرجل لم يهاجم أصلاً بائعات الشاي أو يسئ إليهن وبذات القدر لم يقلل من مبادرة (شباب الحوادث)، وإنما صوب نظره إلى بعد آخر عام وبافتراض أن البعض خالفوه وجهة النظر فإن هذا في آخر الأمر اختلاف أراء وتقديرات يجب أن تدار كلها على قاعدة اختلاف الرأي لا يفسد قضية الاحترام المفترض إقامته بين الجميع في شأن إدارة تنوع الآراء، إذ ليس مطلوباً أن يكون القياس أن يكتب أحدهم ما يطابق رؤيتي وإلا فإنه مجرم وخارج !
أحترم وأكبر في “الهندي” شجاعته وجراءته في الجهر بآرائه، لا يتقيد في ذلك بسقف أو محددات، وهو قدر من الوضوح مطلوب لصاحب الرأي، والقلم، كلما كنت مباشراً وصريحاً كلما كنت أفضل ممن يمارس مبدأ التعتيم والتقديرات المشوشة، فالأخير يكون عادة كاتباً وصحفياً باهت المواقف وبلا طعم. وطالما أن صاحب (المجهر السياسي) قد صدع برأيه فالطريق المناسب والأمثل لمن يظنون أنه أخطأ وصوب خارج الثلاث خشبات أن يكون الرد والإبانة بحجج موضوعية ومرتبة بعيداً عن بعض النزق العاطفي والإنشائي الذي مارسه البعض، وأفرطوا فيه لدرجة انحرافهم إلى سياقات خارج النص واللباقة وهو ما يضر حتى بقضية تعاطفهم المدعاة لأن من يتعاطف مع الخير والحق لا يكون فظاً وعنيفاً في القول والاستشهاد، فالقضايا النبيلة لا تحتاج إلى مرافعات بذيئة.
مثال هذه الواقعة تؤكد عندي أن مفهوم إدارة خلاف الآراء عندنا به إشكالية عظيمة، وبه اختلالات حين يتداخل الموقف السياسي مع الموقف الشخصي مع ظاهرة مجاراة الخط العام. وأضمن أن بعض الذين ركنوا إلى الشتائم لم يتفضل بعضهم بمراجعة أصل نص المقال، وإنما أتته موجة من (المشاركات) ورأى أمامه انفتاح مهرجان التهييج الجماعي خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، فرمى بسهمه مستنداً على تفسيرات لم يجتهد في مراجعة جذورها. ومثل هذا الانفعال غير المؤسس ينتج في النهاية أراء لا تستند لوقائع أو تقوم على تصورات منقوصة، وتشكل بالعموم سحابة من الافتراضات غير الصحيحة بزعم وادعاء بأنه أساء لبائعة شاي أو ناهض مبادرة شباب الحوادث، وهو ما لم يحدث حسب ما أعلم وأثق.
ليس من اللباقة والحكمة أن تقرظ (الناشر) الذي تكتب في صحيفته ولكن وقد تعاملت مع صحف مختلفة عبر مراحل ومحطات، أشهد للهندي عز الدين بأنه (زول شاطر) وصاحب رأى قوي ومؤثر، وله جوانب إيجابية لا تنكر على صعيد تجربته الصحفية الناجحة. واعتقد بشكل كبير أن الحملة الضارية التي يواجهها من جموع المدونين غير منطقية الدوافع، واعتقد فوق هذا وبشكل مثل اليقين أنها لا تهز جانباً فيما يعتقد ويظن.