رجل اسمه حاج آدم!
جهاز المراجع العام هو الجهاز الوحيد الذي ظل يطلعنا كل عام بكميات التعدي على المال العام من قبل موظفي الدولة أو المسئولين الكبار، وما زال يتمتع الجهاز بسمعة طيبة في كل الأوساط التي يعمل فيها مندوبو الديوان، وبما أن الجهاز حساس ويحتاج إلى مسئولين أكثر حسم كنت آمل أن يظل البروفيسور “حاج آدم حسن الطاهر” مديراً للديوان رغم أنه عالم في مجال القانون ويمكن أن تستفيد منه المحكمة الدستورية التي عين فيها عضواً بناء على قرار من رئيس الجمهورية، ولكن شخصاً يملك كل مقومات الطهر والنقاء ومخافة الله سبحانه وتعالى، كان ينبغي أن يظل في الموقع ليكشف لنا مزيداً من التعدي على المال العام لما له من قدرة فائقة على تنظيم عمله بالصورة التي يرضي بها ضميره والخالق.
البروفيسور “حاج آدم” عرفناه بديوان النائب العام عندما كنا نتصيد الأخبار من المستشارين القانونيين عقب انتفاضة رجب أبريل والديوان وقتها كان ذاخراً بالمعلومات وبلجان التحقيق التي شكلت لكشف الفساد والمفسدين آنذاك، كنا دائماً نتردد على مولانا “حاج آدم” ليطلعنا عما يجري في اللجان التي كلف بالإشراف عليها ومتابعتها خاصة لجان التحقيق في الأراضي، ووقتها كثر التعدي على الأراضي من قبل بعض السماسرة، الأمر الذي جعل السيد النائب العام يأمر بتشكيل لجان التحقيق تلك.
البروفيسور “حاج آدم” نشط في عمله وأجرى تحقيقاً واسعاً في أراضي الكرمتة والصبابي وأبو آدم وغير ذلك من الأراضي التي طالها التحقيق.. مولانا لم يكتف بإجراءات التحقيق فقط ولكن (كرب) مادة التحقيق حتى أوصلها المحكمة ومورست عليه العديد من الضغوط بغرض التخلي عن إجراءات التحقيق ولكن إصراره الشديد ونزاهته وقوة البينات هي التي دفعته لإيصال القضية إلى المحكمة، وبعد مضي العديد من الجلسات يبدو أن المتهمين فشلوا في إقناع الرجل بالتنازل عن قضيته أو بيعها لهم بأثمان يسيل لها اللعاب، واستمرت الجلسات، ولكن ضعاف النفوس فكروا ودبروا في كيفية إنهاء القضية بالوسائل التي يعرفونها فماذا فعلوا؟ أحرقوا مقر المحكمة في منتصف ليل من ليالي فترة الثمانينيات وظن المتهمون أن أوراق القضية قد ضاعت بحرق مقر المحكمة وهو البرلمان السوداني السابق، والآن المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، وصدر خبر في اليوم التالي أن التماساً كهربائياً هو السبب الأساسي في حرق المحكمة، ولكن السبب كان واضحاً لكل ذي بصر وبصيرة، وفرح المتهمون بأن القضية قد انتهت وأن الأوراق قد أصبحت رماداً ولم يعلموا أن الله قد فتح بصيرة مولانا وقد ألهمه أن يجعل نسخاً من القضية توضع في مكان آمن، وهذا ما حدث ففاجأ مولانا “حاج آدم” المتهمين بأوراق كاملة للقضية قد حفظها في خزنة النائب العام أو القضائية وواصل قضيته حتى أصدرت المحكمة حكمها بالسجن على معظم المتهمين بسنوات متفاوتة.. ونام مولانا بعد ذلك نوم غرير العين هانئها، فأراح ضميره وحفظ للدولة مالها وأرضها من الفاسدين والمفسدين، لذا كان ينبغي أن تبقي الدولة على البروفيسور العالم الجليل والقانوني الضليع في موقعه كمراجع عام ليكشف القيادات الكبيرة التي تتعدى على المال العام لأنه لا يخشى إلا الله، ولا يخاف من أحد طالما هو طاهر السيرة والسريرة ولو أراد المال والغنى لكان الآن من سكان المعمورة أو الرياض أو الطائف أو أي منطقة من المناطق التي يسكن فيها الأثرياء وليس “الحاج يوسف” المنطقة الشعبية التي يسكنها عامة الشعب، والبروفيسور “حاج آدم” واحد من أولئك البسطاء وعامة الشعب رغم علمه الغزير.
أيها السادة أبحثوا عن مثل مولانا بروفيسور “حاج آدم” وكثير من الأنقياء موجودون مثله لتسلم الدولة وتتطهر من الفاسدين والمفسدين.