رأي

مسألة مستعجلة

في الغنى

نجل الدين ادم

.برغم حالة الانتشار والذيوع الإعلامي الكثيف للغناء العربي على الغناء السوداني، إلا أن دلالات المعاني وقوة الكلمات في غنائنا المحلي أندى وأجمل وأعمق، وتُحرك وجدان كل من يستمع إليها. الشعراء في بلدي نظموا أروع الكلمات وجملتها الألحان العذبة وباتت راسخة، لم يبددها الزمان ولا المكان .. وغناء الحقيبة شاهد على ذلك، حتى الفترة التى أعقبتها كانت خصبة فأنجبت أجمل الأغاني.
في أغلب الأغاني العربية ذائعة الصيت تجدها تحمل أبياتاً معدودات من الشعر يحوم حولها المطرب تكراراً وتكراراً، وبرغم ذلك تجد القبول من الجمهور، والغريب في الأمر أن ذات الدول صاحبة الصيت في الغناء العربي تعترف سراً بالغناء السوداني، بل تقتبس منه سواء كان لحناً أو كلمات، يقوم مطربوها بتحويرها إلى أغنية عربية بنكهة أخرى!.
كوكب الشرق الراحلة الفنانة المصرية “أم كلثوم” كانت حالة عربية مختلفة في النبوغ المتقدم وهي تبحث في جوهر الشعر والكلمات، أكثر من الاهتمام باللحن الذي يطغى في كثير من الأحيان على الكلمات، لذلك قصدت شعراء من دول مختلفة بجانب المصريين وتغنت لهم، أمثال الشاعر الأمير”عبد الله بن الفيصل”، “نزار قباني” والشاعر السوداني “الهادي آدم” الذي تغنت له (أغداً ألقاك).
التحية لشعراء بلدي على مر الأزمان وهم يرسمون كلمات من نور تدخل قلوب الهائمين والعاشقين، كيف لا وشاعرنا الراحل “التجاني يوسف بشير” يقول (أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا) ما أروعها، والفنان الراحل “سيد خليفة” يشدوها نغماً جميلاً ويمضي إلى مقطع (دنياي أنتِ وفرحتي ومنى الفؤاد إذا تمنى).
 الرحمة والمغفرة لشاعرنا “التجاني” والمطرب “سيد خليفة” بقدر ما أثريا وجدان الشعب السوداني.
. قريباً من محطة الثنائيات الفنية فقد شكل عدد من الفنانين والشعراء توأمة بحيث ارتبط كل منهما بالآخر، وما أن يذكر “وردي” وإلا ويذكر الشاعر الفذ الراحل “إسماعيل حسن” ولا ينفك يذكر الفنان الراحل “زيدان إبراهيم” إلا ويذكر الشاعر المرهف التجاني حاج موسى باستثناء  قصائد معدودة، ولا يذكر الفنان القامة “محمد الأمين” وإلا ويذكر الشاعر الصحفي المرهف “فضل الله محمد”.
وفي خارطة الأغاني تجد بعض المفارقات وتجد مثلاً أغنية الشاعر “التجاني حاج موسى” (في عز الليل) التي تغنى بها الفنان الكبير “عبد الكريم الكابلي”، ذات الكلمات ظهرت بلحن مختلف بعد أن سمح صاحبها للفنان القدير “النور الجيلاني” للتغني بها وقد أعاد تلحينها بنفسه من جديد.
 ومن المفارقات أيضاً أن أغنية تباريح الهوى للشاعر “التجاني” كذلك قد ظهرت بصوت الفنان الراحل “مصطفى سيد أحمد”، حيث قام بتلحينها ولكن دارت عجلة الزمن ومنحها شاعرها للفنان الكبير “محمد ميرغني” وشدا بها.
ده الجاني منك ومن تباريح الهوى * وصفو بصعب يا جميل
وبعدت عنك ولما طال بي النوى * بقى لي أسيبك مستحيل
تبقى سيرتك هي الكلام * وتبقى صورتك هي الرؤى الحلوة البعيشها
فى صحوتي أو حتى في عز المنام * ويبقى اسمك هو الغنا
هو البخفف لي عذابات الضنى * ما الشفتو منك يا منى الروح يا أنا
وصفو بصعب يا جميل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية