مسالة مستعجلة
صراع المصالح !!
نجل الدين ادم
لم أكن أتوقع أن تكون ردة فعل مجلس الأدوية والسموم الاتحادي والمنوط به تنظيم عمل قطاع الصيدلة، حيال التجاوز الذي قامت به وزارة الصحة الخرطوم بإنشائها مجلس ولائي رديف، هو إصدار قرار ارتجالي بسحب التفويض الذي منحته للسلطة الصحية بالولاية والمتعلق بمهام إصدار الرخص والرقابة على المؤسسات الصيدلانية بدلاً منه. هذا يعني بالتأكيد أن يعود هذا التفويض إلى المجلس الاتحادي حيث تقوم الأمانة العامة للمجلس بهذه المهمة اعتباراً من تاريخ القرار، لا مجال لأن تقوم أجهزة الولاية المفوضة من قبل بإصدار أي تصديق أو القيام بمراقبة أي مؤسسة .
أمر عجيب أن تصبح القوانين واللوائح لعبة (كراسي) في أيدي الأجهزة الاتحادية والولائية، تتجاوزها كيفما تشاء وتنتزعها وقت ما تريد! ولا جهة عليا تتدخل. صحيح أن ولاية الخرطوم تجاوزت ما جاء في قانون الصيدلة والسموم لسنة 2009 من سلطة حصرية للمجلس الاتحادي لا يحق معها لأي ولاية إنشاء مجلس رديف. والسؤال البديهي هل يعني هذا الإخفاق من الوزارة الاتحادية والولائية أن تكون معالجة الخطأ بخطأ أكبر، وهو تعطيل بعض بنود اللائحة التي تعمل على تنزيل الخدمة للولاية حتى لو تضرر المواطن البسيط؟!، مؤسف جداً أن تحتدم صراعات المصالح ويكون المواطن هو الضحية.
كان على المجلس الاتحادي إتباع الإجراءات القانونية الكفيلة باسترداد ما أخذ بغير القانون، لا أن تكون لغة وأسلوب المعالجة هو رد الفعل. ذكرت من قبل أن ولاية الخرطوم أخطأت ولكننا نقول هذه المرة لمجلس الصيدلة الاتحادي أخفقت ثم أخفقت، لأن في خطوة سحب تفويض إصدار الرخص والرقابة على المؤسسات الصيدلانية من السلطة الولائية، يعني تعطيل مصالح الجهات ذات الصلة والجمهور في ظل صراع بين الجهتين. ويعني كذلك أن تنزيل القرار لن يتم بين ليلة وضحاها وتتوقف بذلك التراخيص وتتعطل عملية الرقابة على المؤسسات الصيدلانية وتحل الفوضى.
أرجو أن لا تنتظر وزارة العدل أن تعم فوضى تجاوز القانون حتى لا نجني مزيداً من الخسائر، مطلوب من الجهاز الرقابي والتشريعي وهو المجلس الوطني أن يتعاطى مع هذه المشكلة بمستحقها لا أن يتركها للأيام كما يغض الطرف في بعض القضايا، المجلس الوطني ما تزال سلطته سارية ولجانه البرلمانية تملك سلطة الاستدعاء والتدخل لمعالجة أي أوجه قصور.
مرة أخرى دعوني أكرر الدعوة إلى الأطراف للاحتكام للمحكمة الدستورية لأنها هي حامي الدستور في البلد، لأن هذه الخطوة هي تأكيد لاحترامنا للقوانين التي تصدرها الأجهزة التشريعية وفيها احترام للدستور الذي لا يدع مجالاً لأن يطغى حكم الغاب.