من وحي الأخبار

النفاق السياسي!!

تحصد الحركات المسلحة والمتمردة ما زرعت من كره وكراهية وعنصرية مقيتة أسست عليها مشروعها المكذوب. لقد شادت تلك الجماعات مشروعها السياسي والعسكري على قواعد التصنيف العرقي والإثني، فحتى داخل القبيلة الواحدة نظمت أمرها على أن يكون الوضع دولة بين الأشقاء وأبناء العم، وروجت في دارفور وغيرها لأكاذيب وخرافات التطهير العرقي القائم على اللون، واستهدفت كل المكونات إما بأعمال القتل أو الترهيب، وحتى المنتمين إليهم مناطقياً تمت معاقبة بعضهم لأنه رأى في الثورة المزعومة خطلاً مثلما حدث مع زعماء الإدارات الأهلية الذين دعموا مشروعات العودة الطوعية.
عزلت الحركات المسلحة نفسها عن محيطها المحلي، وامتدت العزلة إلى النطاق القومي حينما استهدفت تمزيق النسيج الاجتماعي بزعم أن الكل في السودان ضد دارفور، وهذا غير صحيح، فلا الكل أو القلة وإنما السودان ودارفور نفسها ضد أي مدمر ومخرب لهذا البلد.. وهكذا مضت الأمور وسارت، وكلما تنقضي مرحلة كان البون يتسع بين من يزعمون أنهم ثوار وأمينون على العباد والبلاد وعموم المواطنين.. ولهذا لست أتعاطف كثيراً مع نواح البعض الآن وقد دارت الدائرة على المتمردين بمزاعم حقن الدماء بين السودانيين، وأن ثمة هبة عنصرية ضد هذا أو ذاك.
أين كان هؤلاء يوم أن كان المسلحون يقتلون حتى تلاميذ المدارس في شمال وغرب دارفور؟ وأين كانوا يوم سحلت الحركة الشعبية أنصار “المهدي” في (أبو كرشولا)؟ وأين كانوا يوم نهبت الجبهة الثورية حتى أقراط النساء في بعض طرق جنوب وشمال كردفان؟! وأين كان هؤلاء يوم هاجمت (العدل والمساواة) أم درمان وقتلت من قتلت ونهبت من نهبت؟؟ جنود الاحتياطي المركزي الذين قتلوا على الجسر أليسوا سودانيين؟ والشهيدان “محمد صلاح الدين” و”تاج الدين” أليسا سودانيين أريق دمهما ولم يحقن؟ إن هذه الحركات لا تمثل إلا نفسها، تمثل الشر والطغيان ولا عصمة لها وإنما السحق فقط، ولئن كانت الآن تضرب وتحصر إلى أضيق الطريق فعلى من يتعاطف معها ألا يمارس التدليس بخلط الأوراق والتفاسير، فأبناء دارفور أكرم من أن يلوثوا دينهم ووطنيتهم بهذه الحركات، وهم محل الثقة والتقدير، مواطنون أحرار في بلدهم ولم يمسهم سوء ولن يمسهم.
على بعض السياسيين الخجل.. وإني لأعجب لقيادية مثل “مريم الصادق المهدي”، وعوضاً عن أن تدفع حلفاءها في الجبهة الثورية إلى خيار السلام تأتى لتنوح بعبارات إنشائية عن حرمة الدم السوداني.. أين كانت هذه الحرمة أيتها المنصورة يوم أن كنت أنت قائدة في جيش الأمة بشرق السودان وإريتريا في واقع الأمر؟ الذين قتلوا بهجمات ذاك الزمان ومتفجراته أو قطعت أطرافهم أليس لدمائهم حرمة؟! إنه في تقديري اعتياد ممارسة النفاق والملق السياسي والاتجار بالمواقف لأنه من حق أية دولة – أية دولة– حسم الخارجين عليها، إلا إن كان بعض السياسيين المعارضين يرون أن على الخرطوم استقبال متحركات المتمردين بالولائم والمرطبات  وتوديعهم بالدعوات الصالحات قبل مهاجمة القرى!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية