المشهد السياسى
وكان ختامها مسكاً متعدد النكهات
موسى يعقوب
كان يوم الاثنين (27 أبريل) هو يوم الهيئة القومية للانتخابات بلا منازع وهي تستأثر بحسن الأداء وإشاعة الفرحة بإعلان نتيجة انتخابات العام 2015م، وكانت محل جدل وتكهنات، فقد كانت عملاً دستورياً وسياسياً وأمنياً. والشائع قبل انطلاقتها وبعدها أنها لن تقوم وإذا ما قامت فستقاطع، لكنها قامت، وحسب إعلان الهيئة القومية وتقريرها في ذلك المؤتمر الصحفي الجامع بقاعة الصداقة بالخرطوم كانت نتيجة (التصويت) قرابة الـ(50%) أو (46,4%) حقيقة، وهي نسبة عالية ولها ذكرها في ذلك المقام. وما يثير الاهتمام أن ولايات البلاد الثماني عشرة قد جرت فيها الانتخابات وإن اختلفت نسب من أدلوا بأصواتهم.
{ هناك خمس ولايات بلغت نسبة من صوتوا فيها فوق الـ(50%) والـ(60%).
{ وهناك عشر ولايات بلغت نسبة التصويت فيها (40%) إلى (49%).
{ وبقيت ثلاث ولايات فقط هي التي كانت نسبة التصويت فيها دون الأربعين بالمائة ومنها ولاية الخرطوم (34,48%)..!
ولعل ما يثير الانتباه هنا– أكثر من غيره– هو أن ولايتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وهما منطقتا تفاوض وتمرد وتماس جرت فيهما الانتخابات، فالأولى (جنوب كردفان) بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم فيها– حسب تقرير الهيئة القومية الإحصائي– أكثر من (45%)، و(النيل الأزرق) وهي منطقة تماس أكثر من (37%) أي (37,26%).
لقد قامت الانتخابات الرئاسية والعامة في كل ولايات السودان بما فيها دارفور التي بلغ عدد من صوتوا في شمالها قرابة الـ(51%) ممن يحق لهم التصويت وأدناه في جنوب دارفور (40%).. وقد نفى ذلك دعاوى عدم الاستقرار وما زُعم أنه يبرر إلغاء الانتخابات أو تأجيلها لا سيما إذا ما نظرنا إلى عدد الأحزاب التي شاركت في الانتخابات والتي دخلت في السلام الاجتماعي والسياسي.. ونفى أيضاً دعوى أحزاب المعارضة المقاطعة للانتخابات بـ(رحيل) النظام الحاكم..!
إن النسبة الكلية للتصويت وهي (46,4%) أي فوق الستة ملايين ناخب من ثلاثة عشرة مليوناً مسجلين هي نسبة معتبرة للغاية وربما غير متاحة في انتخابات تشريعية ورئاسية في أمريكا وأوروبا وبخاصة بريطانيا.. فالمواطن هناك حر في إرادته وقراره وأصبحت له اعتراضاته على الأحزاب التقليدية.. ففي أمريكا يدعون الآن إلى حزب ثالث غير الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي.
على أنه ومع هذه النسبة الكبيرة للتصويت في انتخابات هذا العام ومع حصول السيد “عمر حسن أحمد البشير” على نسبة (94,5%) ممن صوتوا لمرشحي الرئاسة وهي جائزة انتخابية شعبية كبيرة، إلا أن حصة ولاية الخرطوم ممن صوتوا وهي (35%) تقريباً، أي الأقل في سجل تصويت الولايات بما فيها تلك التي تشكو عدم الاستقرار، تبدو فرصة لمن دعوا إلى المقاطعة أن يقولوا إنهم قد نجحوا ولو كانت أسباب ذلك كثيرة..!
وإشارة من ناحية أخرى، لا ريب، إلى أن حزب المؤتمر الوطني قد قصر في حشد جماهيره وغيرهم للإقبال على مراكز التصويت وقصر جهده على الحراك السياسي الكبير الذي يقوده مرشحه الرئاسي في سائر البلاد ومنها الخرطوم.
إنها نقطة جديرة بالاعتبار والنظر في أجندة حزب المؤتمر الوطني، فالخرطوم (الولاية) هي المركز وهي الأكثر سكاناً في ولايات البلاد وتنعم بكل وسائل الرقي والتواصل والإعلام والسياسة والقرار الدستوري والتنفيذي بالضرورة.
ورب قائل في هذا السياق إن أحزاب المعارضة لم تقم بنشاط يذكر في الدعوة للمقاطعة أو الرحيل حتى تزعم أنها نجحت في إضعاف حصة ولاية الخرطوم في عدد من صوتوا.. ولكن اعتماد الحزب على مقبولية زعيمه والقوائم النسبية في الانتخابات جعلتاه ينام أثناء الحملة الانتخابية حتى فوجئ بنتيجة الإقبال على التصويت ومراكز الاقتراع التي كانت الأقل بين الولايات.
لقد نعم المؤتمر الوطني بوجود الأستاذ “علي عثمان” والبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” والأستاذ “مهدي إبراهيم” والدكتور “عوض الجاز” والدكتور “نافع” وغيرهم في المجلس الوطني هذه المرة إلى جانب آخرين حزبيين ومستقلين عبروا إلى هناك أيضاً مما يحقق التوازن والحيوية للجهاز التشريعي القومي.
الانتخابات الرئاسية والعامة للعام 2015 كان وبكل المعايير والمقاييس ختامها مسكاً متعدد النكهات، وبقي أن تستكمل إجراءاتها وترتيباتها بعد مرر مرحلة الطعون والوصول إلى النتائج النهائية ومنها قيام المؤسسات التشريعية القومية والولائية وأداء الرئيس المنتخب للقسم، وإعلان دسته الرئاسي والوزاري وغيرهما.. مستشرفاً سياسة وإدارة جديدة وعلاقات خارجية وداخلية لها مبرراتها.