من وحي الأخبار

(فووول أوبشن)

إن اتخاذ أي قرار يجب أن يراعي عدة مطلوبات إلى جانب المصلحة كانت خاصة أو عامة، من المهم مراعاة الظروف المحيطة واتخاذ التوقيت المناسب وطريقة الإخراج اللائقة، والأهم من هذا كله ترك مساحات للاستدراك والمعالجة إن اتضح خطأ في الرأي واعوجاج في المقاصد. ويتضاعف هذا الأمر إن ارتبط القرار بكونه من الحاكم في قدر من مستويات الحكم، فهنا تكون المراعاة ملزمة ودقيقة لأنها تجعل من الأمر أكثر حساسية ولفتاً للأمر.
قرار محلية الخرطوم وأتمنى ألا تكون الولاية بحظر بيع (الفول) من شاكلة القرارات الخطأ في الميقات الخطأ تماماً! فالأمر قياساً على شواغل عديدة كان يمكن إرجاؤه أو تعديله بحيث يحاط بمطلوبات تحقق اشتراطات الصحة والسلامة العامة، بحيث تتحقق مقاصد حماية المواطنين دون الحاجة لهذا التعسف الذي جعل من سلعة هي قوت للناس وطعام في خانة المحظورات والمحرمات، يعاقب بائعها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه فصارت مثل الخمر والعياذ بالله.
وجبة الفول ومشتقاته من البوش والفتة هي عماد ما يقيم به السودانيون أودهم خاصة شرائح العمال والطلاب بل والموظفين، وقد صار احتشاد الطالبين للوجبة ظاهراً أمام الدكاكين والبقالات، حينما يجمع الرفاق نقدهم كل بما تجود به قدرته فيصنعون طعاماً حلالاً على الطرقات. ولا أرى في الأمر عيباً أو مذمة وحتى في حال وجود مخاطر وأضرار بيئية أو صحية كان يمكن للسلطات المحلية بتوجيه ناعم ومفيد لفت النظر، وأثق في أن الجمهور سيتقبل وفي حالة الإخلال كان يمكن اللجوء للغرامات وفي الأوامر المحلية متسع لفئات الجباية وفنونها.
القرار أقبح ما فيه بجانب هيافة فكرته تزامنه مع الانتخابات، وكأنما الحكومة تود القول إن موسم العذابات قد حان فهي قبل الاستحقاق الدستوري وجمهرة المرشحين توددت للشعب، وحينما قضت وطرها منه قامت نحوه بعمال المحليات ومعتمد الخرطوم، فدلقت صحن الفول وأراقت الزيت على الطرقات وهي تفعل ذلك وتدرك أن ليس للناس خياراً سوى الفول الذي تحول بالمناسبة لوجبة على مدار اليوم، فقديماً كان يؤتي كإفطار ولكنه اليوم وجبة غداء تؤكل من تلك الجموع مع مواقيت المغرب، فيجمع بين كونه إفطاراً وغداءً وعشاءً، لأنه ليس متاحاً لأولئك المساكين غشيان المطاعم البهية، حيث المشويات والبيتزا وبسكويت ماري انطوانيت الذي تظن الحكومة أن الناس وجدوه وعافوه.
هذا قرار سعادة اللواء معتمد الخرطوم خاطئ وكان الله في عون والي الولاية الدكتور “عبد الرحمن الخضر” الذي يبدو أن لاسمه نصيباً من الصبر والولاية لأنه دوماً يدفع فاتورة أخطاء عماله ومن هم تحت إمرته، ولو كنت محله وببساطة لأصبت بجلطة لأن الرأي العام حالياً مستاء من قرار يراه بلا مناسبة أو لازمة.
يعني بقت على قدور الفول المصري الناهضة على زوايا الطرقات يا جماعة!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية