الخارجية.. مهم!
حزنت وشعرت بحسرة بالغة وأنا أطالع منشوراً للمهندس “أﺳﻌﺪ ﺑﺎﺑﻜﺮ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺘﺎﻱ” وهو سوداني مهاجر بـ”المملكة العربية السعودية” نشر تفاصيل مؤسفة عن تعرضه للضرب والاحتجاز من جانب موظفي ﻣﻘﺮ ﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺑـ”ﺠﺪﺓ”، أسعد اشتهر لكونه ناشطاً ومدوناً الكترونياً له آراء حادة ضد الحكومة، ولكن هذا ليس حاضراً في هذه الواقعة والتي قرأت فيها جانب طرف فيما لا يزال جانب الخارجية وقنصلية “جدة” ملتزماً الصمت رغم أن الواقعة تمددت في مرويات الاسافير وأحاديث السودانيين بالمملكة العربية، وقطعاً فإن من تمام الموضوعية انتظار اكتمال الروايتين ثم تحديد حجم المشكلة وتسمية المخطئ واتخاذ الإجراء المناسب إن كان ضد الموظفين الذين لا يملكون إطلاقاً ارتكاب جرم بهذه الفداحة أو بالنسبة لـ”أسعد التاي” أن ثبت – وأكرر ثبت – أن حديثه لم يكن صحيحاً على وزارة الخارجية التعامل بكامل الشفافية والنزاهة مع هذه الواقعة، لان ممثليها في الخارج هم عمال لهذا البلد ومهاجريه، انتدب الدبلوماسيين والموظفين الإداريين في إطار خدمة بلدهم وهو ما يتطلب إدراكاً بأبعاد كثيرة تلزمهم بتليين الجانب والكنف لكل سوداني يقصدهم ويصلهم طلباً لعون أو معاملة وبحسب الراجح من حسن الظن في معايير الاختيار والتكليف في البعثات، فإن حدثاً مثل هذا يبدو سلوكاً غريباً وشاذاً لا أكاد أصدقه، لكن بالمقابل لا يمكن إهمال رواية طرف يقول إنه تعرض للضرب و(الكفيت) والشتم المقذع مع عرضه لأوضاع إدارية غاية السوء وبيروقراطية مميتة وطريقة تعامل مع الناس بها قدر من الفجاجة وهي ما اتفقت عليه روايات استقيتها شخصياً وسماعاً من أطراف أخرى تعاملت مع القنصلية ولم تكن رواية الرجل وحده مما يشير إلى وجود خلل ما.
الواقعة يجب أن تكون مدخلاً للانتباه لوضعية بعض القنصليات في البلدان ذات الطبيعة الخاصة والمرتبطة بوجود سوداني كبير وتاريخي، مثل تلك البعثات يجب أن تكون لها الأولوية في الكفاءات المميزة والنظم الإدارية التي تستطيع في أقصر وقت أن تنجز أكبر قدر من المعاملات مع استحداث النظم التقنية الفاعلة لتوفير الوقت وضبط دورة الإجراءات حتى لا تتحول البعثة التي من واجبها تحسين صورة البلاد إلى بثرة سوداء ومتقيحة على جبين السودان ومواطنيه وهو ما يجب أن تنتبه إليه رئاسة وزارة الخارجية في الخرطوم لأنه يحدث أضراراً بالغة بصورتها في الداخل والخارج.
الصحيح بتقديري أن تجري الوزارة تحقيقاً سريعاً بنتائج وإعلان واضح بشأن ما جرى في “جدة” تحقيقاً لينشر قراراته وإجراءاته لا مثل تلك اللجان التي تعني ببساطة (معليش) وتنتهي عادة لاحتواء مشكل أو تسوية قضية بأسلوب الامتصاص، وأثق كثيراً في حسم وحزم الأخ “علي كرتي” وزير الخارجية وهو رجل (دوغري) عبر بالوزارة إلى آفاق واسعة من النجاح والتميز، ولكن يكون البتة سعيداً بهذا الذي يتداول على نطاق واسع.