حسابات أخرى
دشن المؤتمر الوطني حتى أمس حشدين في بداية حراكه التعبوي لحملات الانتخابات، أحدهما نظمته ولاية الخرطوم بإستاد المريخ، والأخر شرفه الرئيس “البشير” بولاية الجزيرة. الحشدان بكل المقاييس كانا رسالة قوية وجهيرة من الحزب الكبير بأنه لا يزال نافذاً في الشارع وله قدرات تنظيمية على الحشد وتحريك الجمهور، هذه حقيقة لا يبطلها تقليل وتقويض هيجان الأسافير التي ما انفكت ترمي الحزب بالعزلة والانعزال . صحيح أن الشعارات لم تعد بذات البريق وأن اختبار السلطة قد خصم كثيراً من الإسلاميين الحاكمين، ولكن للشارع تقديرات أخرى يجب أن تكون مرعية بعضها قد يرى خلاف رأينا، بأن الإنقاذ لا تزال تملك قدرة على الحل ومواصلة المسير وبعض منها واقعية حكيمة تؤمن بأن أفضل للسودان حالة من الاستقرار عوضاً عن التشظي والضياع الذي حاق بكثير من دول المنطقة، شرقاً وشمالاً، والسعيد (بشوف في أخوه والشقي في نفسه)، كما نقول في العامية. لا شك عندي في أن الحشود التي استقبلت “البشير” في الجزيرة صادقة ومؤمنة بالبشير والوطني، وقطعاً لا يمكن بأي منطق افتراض أن تلك الآلاف مستجلبة وهذا اتهام لا يجوز، فما عرف عن السودانيين قط يسهل جلبهم ودوماً في مثل هذه المناسبات يسبق الدفع الذاتي غيره من الخيارات، والراجح عندي أن كفة الطوعية والذاتية حاضرة. الوطني حزب خلاف المعارضة يلعب على أرض ملعب حقيقية، له جوانب إخفاقاته وله مظان قوته وهو في الحالين يستدرك ويعالج، وقد مارس الجدية لمشروع الانتخابات منذ وقت باكر وهو تقدير مسؤول ولم يركن للإتيان متأخراً عكس خصومه، ممن يظنون أن رسالة (واتساب) و(بوست فيس) قد تهدم رؤية مواطن وتقدير ناخب. المحك الآن وقياساً على ما شهدناه في الخرطوم والجزيرة وبقية الولايات تأتي وهذا مع الأخذ في الاعتبار حراك قوى مجتمعية وسياسية حريصة على الاستحقاق الانتخابي، فالمحصلة النهائية الآن أن الأغلبية تبدو وقد حسمت توجهها نحو الصناديق ولا عزاء لمن عزلوا نفسهم. المحك الآن والاختبار في نقل ذات البدايات القوية لأيام الاقتراع، ويبدو أنها انتخابات لها جمهورها. ونقول ذلك قياساً على شواهد وجموع وعلى من يقول بغير ذلك أن يختبر حقيقة ما يستند إليه من حقائق ووقائع. لقد كان يوم أمس في الجزيرة حشداً مهيباً وعريضاً ومبشراً للمؤتمر الوطني وهو قطعاً محبط ومميت لكارهيه.