مولانا الأمير
أبغض ما أبغض وأمقت مصادفة حملات ومطاردات رجال المحليات للباعة الجائلين وإن كنت أقر وأعترف بأن هذه الحملات قد تناقصت بشكل ملحوظ لا سيما في وسط الخرطوم، وأن كانت الأمور في أم درمان وبحري بذات النهج القديم حين تسوى بعض أجزاء كبيرة من الأسواق خاصة في الأحياء الطرفية بالأرض أثناء نفرة تنظيم أو (إلغاء) بالجملة تنتهي إلى حالة من الاستياء العام والغضب في أوساط المواطنين الناشطين بالسوق في مجالات التجارة المنظمة داخل الأسواق أو العشوائية عبر رص البضاعة على الطرقات.
الذي يحدث، أن أولئك المواطنين لا يخطئون وإنما تخطئ بعض المحليات من خلال موظفيها حينما يمنحون تصاديق (شخصية) يقوم بموجبها مواطن باستخدام (طبلية) أو اقتطاع ركن بالسوق يعرض عليه سلعته وتجارته، والغريب أن الجهات المصدقة– أو الأشخاص– في بعض الأحيان يمرون قبل بدء الحملات وينصحون (حلفاءهم) بالاختباء و(المضاراة) إلى حين مرور حملة للتفتيش أو ما شابه يكون قائدها أو الواقف عليها موظف كبير تأتيه التقارير بأن طرقات السوق مفتوحة وتنساب عليها الحركة بيسر واطمئنان، وأن جملة التجار بالسوق هم القاطنون في (الدكاكين)، وهذا كله غير صحيح بالطبع.
المواطنون (المساكين) الذين قطعت المحلية والمعتمد أرزاقهم ومنعتهم الكسب والعمل ليسوا مذنبين فيما آلت إليه الأحوال بالسوق، فهم يدفعون رسوماً نظير سقائف الخيش التي تمنح لهم بمبالغ كبيرة، وليسوا مذنبين أيضا التجار أصحاب الدكاكين لأنهم يدفعون للمحلية رسوم العرض والضرائب ورسوم النظافة وكل الدمغات الوطنية المالية الواجبة السداد.. لكن، والحق يقال، فلا نظافة في السوق ولا أمن ولا أمان وتورد الأموال ولا يعود منها (مليم) على المتعاملين تجاراً أو زبائن. وأخطر من هذا أن لا أحد أو جهة يعلم بحجم الأموال المتحصلة، التي أثق أيضاً في أن أكثر منها يضل طريقه إلى الخزينة لطبيعة عشوائية التحصيل بناء على عشوائية التصديق نفسه!
المحليات إن كانت جادة في الضبط والإصلاح فإن عليها معالجة (العود) قبل الظل، ولو أنها من الأساس التزمت بتنظيم العمل في السوق على عدد العقارات المشيدة فيه وبناء على خريطة مدروسة وواضحة، لكان من السهل ضبط كل الأمور لكنها لم تفعل ودمرت بيدها وخربت، ثم حينما أرادت أو (أمرت) بضبط المسألة لم تجد سوى رؤوس المساكين لتجري عليهم الحلاقة بـ(موس) التنظيم.
سترفع التقارير غداً إلى مولانا (الأمير) بأن السوق صار (منطقة محررة) ويسقط التقرير حال “الحاج سليمان” بائع المسابح جوار المسجد، وسيسقط كذلك ظروف الحاجة “التومة” بائعة العصيدة و(الملاح البلدي) التي تشتهر في السوق بأنها لا ترد طالب قوت من السابلة دفع أم لم يدفع.. معسرة وطبعها جميل كحال كل الشرفاء في هذا البلد.. الطيب.