أخطاء صحفية !
أن تحرص الصحافة على لعب دور الموجه والمرشد للحكومة والمجتمع فذاك من تمام مطلوبات عملها ويؤسس لأن تكون شاهداً بالحق ويضعها كعامل متمم لجهود الإصلاح العام وتهيئة أجواء الحوار والسلام والتوافق السياسي ويسهم بقدر لافت في دعم مظان القوة والتجويد ومحاصرة جوانب الضعف وهي أدوار بالجملة لا يمكن لعبها بمجرد الحصول على اسم عمل ومساحة للنشر ولكنه أمر يتطلب بالضرورة حزمة من الوعي الجمعي الذي يتجاوز بصاحب النشر مجرد الأغراض التجارية أو أي أغراض أخرى ذاتية تختلف من جهة لأخرى ومن ناشر لآخر.
الصحافة بتلك القياسات يجب الاعتراف أنها تعاني اختلالات في تلك المقاصد والشاهد أنها تحتاج لجراءة من أهلها في تطوير آليات النقد الذاتي لنفسها فمؤخراً بدت وكأنها نحت إلى جانب تغليب التوجهات السالبة، فبعضها رأس ماله تدمير وتشويه صورة البلاد بدلالة أن الراصد للصحف يجد بوناً شاسعاً بينها وبين واقع الحياة العام، وبعضها يفرط في الموالاة والسند حتى أن النصح فيه يقوض أي جهد آخر تحاشيا لإغضاب الحكومة وهكذا توزعت الاتجاهات والمقاصد مما أوجد حالة تشويش عالية وغبار يثار كثيراً فطمست تحته الحقائق والوقائع ، إذ صارت المهنية تقوم فقط علي معيارية رؤية الصحفي وحده فكثرة الأحاديث الضعيفة والروايات المبتورة أو المدعومة بالرأي الخاص والأسبوع الماضي كان مثلا لسوء الكيل وقبله الحشف ! وهو أمر لم تسلم منه المعارضة أو الحكومة أو حتى غمار الناس مما لا ناقة لهم أو جمل مع هذا أو ذاك فقد أجج مانشيت صحفي قضية كوبري المنشية وما إن هدأت القضية حتى وقع الاختيار على جسر رفاعة فوضع تحت مشارط النشر الصحفي القاصر القائم على العرض المختل إن لم أقل المخاتل !
الصحافة التي تشكو من ما تسميه الإجراءات الاستثنائية وجدل الحريات وإطلاق التعبير عليها أن تكون أكثر جدية مما نرى ونتابع، فكلما كثرت الهفوات والكبوات تضطر السلطات للتدخل والمخاشنة وهذا يحدث لأنه وببساطة حتى توصيات مؤتمر قضايا الإعلام التي انتهت مؤخراً ذهبت توصياته في شأن مرجعيات القانون (محكمة الصحافة) لتكون عالقة كتوصية لم ينقلها أحد أو جهة لأرض الممارسة فصار السؤال أنه مثلما تحاكم الصحافة السياسيون والأطباء والسابلة و(النيقرز) فمن يحاكمها أو يردها أن بطشت بقلمها ومنشوراتها ثم اتضح أن الصواب قد جانبها أو أنها أفرطت في استخدام قوتها المعنوية؟ من يردها للجادة وكيف وهل الصحافة فوق حق المساءلة ولا تمس ولا معقب لقولها !
الصحافة الآن تدين كثيرا الحاكمين بالفساد والمعارضين بالعمالة والمجتمع بالجريمة ووفق تقديرات أغلبها انطباعي وقليل منها وفق أسانيد موضوعية وهذا يلزم المتضررين للحصول علي حق النجاة من التلويث والشيطنة وعبر حقوق ترد الاعتبار بخلاف حق التصحيح والذي تمارس الصحف بشأنه عادة تطفيفاً مريعاً لدرجة أن التصحيح نفسه يتحول نفسه لبداية هجمة جديدة وضارية هذا لم يتم دفنه في زاوية ميتة بصفحة داخلية وأما الاعتذار الصريح لمتضرر فتلك كبيرة تأنف الصحافة السودانية عن إتيانها ولم تفعلها ولن.