هل نحن في حاجة إلى كل هذه الصحف؟!
بروفيسور “علي محمد شمو” رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات والخبير الإعلامي ووزير الإعلام لعدة مرات، قال إن الصحافة الورقية في تراجع مع ظهور الصحافة الإلكترونية.. وقال السيد السفير “العبيد أحمد مروح” الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات إن المطبوع من الصحافة السودانية قلّ بنسبة كبيرة، وهذا يعني أن الكم الهائل من الصحف التي تصدر يومياً بالخرطوم عشرين أو ثلاثين صحيفة لا تساوي صحيفة الأهرام المصرية أو الجمهورية أو أخبار اليوم أو أية صحيفة من صحف الخليج، أي أن مستوى القراءة للصحف السودانية قد تراجع أو قلّ لا تفرق الكلمة، وهذا يعني كذلك أن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات عليه أن يعدل في لوائحه أو في القانون بعدم إصدار صحف جديدة طالما واقع الصحافة بهذا المستوى، فالصحف التي تصدر حديثاً لم تأت بصحفيين من السماء أو من الخارج، فكل العملية عملية انتقال من صحيفة إلى أخرى كما يحدث في انتقال اللاعبين في الموسم الرياضي، لاعب من الهلال ذي مقدرة عالية وفنيات يجبر إدارة الهلال على تحويله بمبالغ طائلة من ناديه القديم إلى النادي الجديد، ولكن هذا اللاعب لن يستطيع تقديم شيء للنادي بمفرده طالما هناك لاعبون ضعاف ولم يطوروا مقدراتهم الفنية ليتجانسوا مع هذا اللاعب الجديد، وأحياناً تحدث مؤامرة على الوافد الجديد بتمرير الكرة إليه حتى ولو كان بمفرده وفي مواجهة الحارس ليقضوا عليه، وما هي إلا أيام أو أسابيع حتى يشعر النادي أن اللاعب الذي دفع فيه (دم قلبه) لم يقدم ما هو مطلوب وتطالب الجماهير بشطبه..
وواقع الصحافة ليس أقل من أندية الكرة، طالما هناك عمليات تنقل من هنا وهناك، لكنه يختلف في هذا الكم الهائل من الصحف التي لا تلبي رغبات القراء، فالناشرون أو كل من امتلك مالاً يريد أن يستثمر فيها كأنها سلعة تدر مالاً في وقت وجيز، ولا يدرك أولئك الناشرون الجدد والذين لا علاقة لهم بهذه المهنة أنها تتطلب مواصفات محددة، ويحاولون التحكم في إدارتها وهم لا يفرقون بين التحقيق والتقرير ولا بين الخبر السياسي والخبر الاجتماعي، وهذا واحد من أسباب ضعف الصحافة في السودان، بل هناك مشكلة أخرى وهي أن كل شخص يريد أن يصبح صحفياً أو كاتباً صحفياً وهو لا يملك مقومات الصحفي أو الكاتب، لذلك غزت المهنة أقلام لا طعم لها ولا رائحة ولا نكهة مما أضعفها، وانتشرت المجاملات في النشر لكل من هبّ ودبّ وكل من يدعي أنه كاتب.. كل ذلك أدى إلى تراجع المهنة وتراجع القراء، لأن المطلوب غير متوفر، فالقارئ لا يدفع إلا لما يستحق، لذا نجد صحفاً (ماشة بالبركة).
يفترض أن يحدد القانون أو المجلس الكمية التي تطبعها الصحيفة يومياً أو الاتجاه لإصدار صحف محددة تستوعب هذا الكم الهائل من الصحفيين وتلتزم تقديم مادة يستفيد منها القارئ مع التدريب المتواصل، وكل من لا يلتزم بذلك يسحب ترخيصه احتراماً للمهنة والعاملين فيها.