"ديو .."تعبير جارح
أطلق وزير النفط والتعدين في دولة جنوب السودان “ستيفن ديو داو” تصريحاً غريباً قال فيه إن بلاده ستعيد النظرََ في ما إذا كانت ستستمر في دفعها للسودان (25) دولاراً مقابل عبور البرميل الواحد، أو فقط (9) دولارات للبرميل. واعتبر “ديو” أنَّ الـ(15) دولاراً الإضافية بمثابة (عمل خيري وطوعي)، وهو التصريحُ الذي أطلق مساء (الخميس) ويبدو أن أسبابه مرتبطة بالأزمة الجنوبية من حربٍ أهلية خفضت الإنتاج إلى الثلث وانخفاضٍ للأسعار يجعل قيمة هذا الثلث نفسه بلا قيمة
ما استوقفني في التصريح التعبيرُ المستفزُ لـ”ديو” حينما أصرَّ على أن المال المدفوع للخرطوم دعمٌ خيريٌ وطوعيٌ، وهذا غير صحيح وقولٌ به صفاقة عريضة ولا يليق بأي عُرْفٍ سياسي أو دبلوماسي؛ ذلك أنَّ تلك الرسومَ والمضافات إليها إنما هي في الأصل نتاج اتفاق لحقوق واجبة السداد من جنوب السودان للسودان (ولا على كيفهم)، وهي محصلة نقاش وتفاوض وحوار جلبت له حكومة الجنوب المستشارين من كل أرجاء الدنيا، ومفهومٌ أن يشعر الجنوب بالضائقة للظروف المعلومة من حرب تدور في حقوله النفطية ومن انهيار لبورصة الذهب، والصحيح مع هكذا أحوال أن تحترم جوبا نفسها ومن تطلب تعاونهم، وتتقدم بمقترحات تراعي تلك الظروف، وهي مقدرة، ولا خلاف عليها، ومن ثم يتم التوصل لصيغ أخرى تحفظ حقوق كل الأطراف.
هذا لم يحدث حتى الآن، وقفز وزير النفط الجنوبي للمنصة وبشكل مستفز وجارح وكأنه يمنُّ على السودانيين وينفق عليهم من بند أبناء السبيل، وهو ما يشير عندي إلى أن التوجهات الكلية للجنوب نحو السودان لا تزال عدائية فالدعم العسكري للحركات المسلحة لا يزال متصلاً وحتى يوم (الخميس) كانت قوافل المتمردين تتسلل من الجنوب تجاه الحدود السودانية لفك الاختناق عن قوات الجبهة الثورية المحصورة في جنوب كردفان وهو سلوك يدل على أن جوبا عدو، وإنْ حرص وزير خارجيتها المفوه “برنابا بنجامين” على نفي ذلك.
إن مثل حديث وزير النفط الجنوبي يتطلب ردوداً فورية وواضحة، وطالما أنه من أذاع وشتم فلترد وزارة النفط بالإيضاح والتفنيد السريع لحقيقة ماهية تلك المبالغ المستحقة من الجنوب، وهل هي صدقة ومَنٌّ وأذى أم هي حق مُقََرٌّ به، وهو الصحيح عندي والراجح، وأتمني ألا تتأخر وزارة النفط التي صارت بعد “الجاز” لا تتكلم إلا في المواسم والأعياد وخفتَ صوتها وتراجع.
وأما “ديو” – أو أياً كان اسمه- فعليه إن له كان فضل زاد وقدرة لعمل خيري أن يبرَّ به لاجئي بلاده في جبال إثيوبيا وغابات يوغندا، وأما من هُمْ في السودان فإنهم فوق العين والرأس فقد عادوا لوطنهم ومنبتهم ولن يمن عليهم أحدٌ أو يمتن.