تقارير

صراع النفوذ بين "السيسي" و"أبو قردة" حين يتحول لإقصاء

الترتيبات الأمنية ربما تخفف الأزمة قبل أن ينهيها المؤتمر العام للحركة
الخرطوم – فاطمة مبارك – يوسف بشير
طفح لسطح الأحداث السياسية الملتهبة بسباق الانتخابات صراع النفوذ داخل حركة التحرير والعدالة الموقعة على اتفاقية السلام بـ”الدوحة”، بعد أن ظلت الخلافات بين رئيس حركة التحرير والعدالة “التجاني السيسي” والأمين العام “بحر إدريس أبو قردة” للحركة  مكتومة، حيث كان لكل واحد منهما رؤية مختلفة لمسار حركة التحرير والعدالة السياسي والعسكري. لكن مع اقتراب موسم الانتخابات انفجرت هذه الخلافات عندما حاول كل منهما إنهاء إجراءات الحركة، حتى تتحول إلى حزب سياسي. وعلى ضوء ذلك اتخذ “السيسي” خطوات  على صعيد  الترتيبات الأمنية وتسجيل الحركة وسعت الهوة بين رئيس حركة التحرير والعدالة وأمينها العام. وقال “أبو قردة” ما تم في الترتيبات الأمنية خرمجة،  فيما اعتبر هناك فبركة تمت عبر إرسال خطاب لتسجيل الحركة كحزب بدون علم الآخرين. واتهم “أبوقردة”  “التجاني السيسي” ـ رئيس السلطة الإقليمية لدارفور ـ بإدخال عناصر في معسكرات الدمج بولاية جنوب دارفور لا علاقة لهم بالحركة، واصفاً الخطوة بأنها لا تعدو أن تكون مجرد خرمجة . وعقب ذلك أعلن “أبوقردة” عن تكوين حزب وسافر إلى دارفور متحسساً مواقعه وسلطاته، إلا أنه اصطدم بأول مواجهة حينما ابتدر الحديث في ندوة، أشار فيها إلى أن “السيسي” أدخل أشخاصاً غير تابعين لحركة العدالة في بند الترتيبات الأمنية. وقبل أن يكمل منشطه هاجم أفراداً  محسوبين على “السيسي” مقر الندوة وأمروا بإيقافها واضطر “أبوقردة” إلى مغادرة المكان .
ربما تجري المياه لمجريها
ولم تمضِ أيام حتى أصدر المجلس الرئاسي للحركة برئاسة “التجاني السيسي” قراراً بفصل الأمين العام للحركة “بحر إدريس أبو قردة”، القرار وصفه رئيس مجلس التحرير الثوري “بخيت إسماعيل ضحية” المقرب من الأمين العام بالباطل والتعسفي والمخالف لأبجديات العمل السياسي. ومضى “ضحية” أكثر من ذلك وقال إن القرار اتخذ في جنح الليل. وأضاف أنه هادم لروح الشراكة والتوافق. وذكر أنه لا يستند لقانون وقصد منه خلق زوبعة إعلامية، هدف ليخرج به رئيسها “السيسي” من استحقاقات الحركة للتحول لحزب سياسي لتخوفه من فقد منصبه. وشن “ضحية” عليه هجوماً لاذعاً وقال: (ما عندو علاقة بالحركات المسلحة، وأربع سنوات ما قدم شيء للحركة ولا لدارفور ولا للسودان). وشدد “ضحية” في حديثه لـ(المجهر) أمس، على أن المؤتمر العام للحركة المزمع قيامه نهاية يناير الجاري أهم مطالبه التحول لحزب سياسي، واعتماد دستور ونظام دائم إضافة لانتخاب رئيس جديد وأمين عام جديد، داعياً منسوبيها للعودة لنظامها الحالي في الفترة الآنية والتحكم لقرارات الجهاز القضائي الذي قطع بأنه سوف يصل لخلاصات في الأزمة وبين أن مجلس التحرير الثوري هو من ينفذها. وكشف الرجل عن اجتماع مفتوح لكل رؤساء لجان التحرير الثوري اليوم للنظر في الأمر. وذكر أن الاجتماع سوف يتخذ قرارات حازمة ومهمة يعيد الأمور لنصابها الصحيح.
مرجعية الاتفاق
وقعت حركة التحرير والعدالة مع الحكومة السودانية على وثيقة سلام دارفور بالعاصمة القطرية الدوحة في العام ،2011 وشملت الوثيقة سبعة محاور حول التعويضات وعودة النازحين واللاجئين واقتسام السلطة والوضع الإداري لدارفور واقتسام الثروة وحقوق الإنسان، والحريات الأساسية والعدالة والمصالحة والوقف الدائم لإطلاق النار والترتيبات الأمنية النهائية، وآلية التشاور والحوار الداخلي وآليات التنفيذ.
توفيق أوضاع
من جهته نفى بشكل قاطع “عثمان واش” رئيس قطاع الداخل قرار إعفاء “أبو قردة” وقال لـ(المجهر) أمس(السبت):  (هذا كلام في الهواء، في الواقع غير موجود)، مبيناً أن جوانب إسقاط العضوية معروف ليس من بينهما تلك الحالة، وذهب الرجل إلى أنه بعد أسبوعين من الآن لن تكون حركة اسمها التحرير والعدالة، بعد أن يتم استيعاب العسكريين في ملف الترتيبات الأمنية. وقال: (ما تبقى من سياسيين يجب أن يوفقوا أوضاعهم). وذكر أنها في طور التحول لحزب سياسي تمهيداً لدخول انتخابات الصيف المقبل التي لم تحدد حتى الآن المستويات التي تخوض فيها على حد قوله .

المراقبون للساحة السياسية  من جهتهم فهموا نشوب  الصراع بين “أبو قردة” و”السيسي” في إطار صراع النفوذ القبلي القائم في دارفور، فأبو قردة يمثل قبيلة الزغاوة في السلطة الإقليمية، بينما يمثل “التجاني السيسي” قبيلة الفور. وسبق أن اتهم بتسخير وظائف السلطة الإقليمية لصالح أبناء الفور، الأمر الذي نفاه “السيسي” في أكثر من موقع، بيد أن المتابع للخلافات التي تفاقمت بين رئيس حركة التحرير والعدالة “التجاني السيسي” والأمين العام للحركة “بحر إدريس أبو قردة”، يلاحظ أن شرارته بدأت منذ توقيعهم اتفاقية الدوحة، حيث كانت المفارقات واضحة بينهما ويأتي ذلك على خلفية أنهما يمثلان مدرستين مختلفتين، فإدريس  بحر أبو قردة شخصية تنظيمية ومن القيادات التنفيذية، عمل في الاتحاد العام للطلاب السودانيين ومجلس الصداقة الشعبية ومن ثم خرج إلى تشاد ومنها أسهم مع دكتور “خليل” في تحويل حركة العدل والمساواة من حركة حربية إلى حركة سياسية.
“أبو قردة” من مواليد بلدة (نانا) بشمال دارفور. كان رئيساً للجبهة المتحدة للمقاومة والمنسق العسكري لعملياتها، ومن ثم أصبح نائباً لرئيس حركة العدل والمساواة التي يقودها الدكتور “خليل إبراهيم” وبعد اختلافه أعلن مع آخرين تشكيل فصيل مسلح يدعى حركة العدل والمساواة القيادة الجماعية، بعد اختلافه مع “خليل إبراهيم” واتهامه له بالسيطرة على قرارات الحركة والتعامل فيها بشكل ديكتاتوري، شكل مع تنظيمات أخرى، منشقة من حركات أخرى ومن حركة العدل، تنظيم (الجبهة المتحدة للمقاومة) وتولى رئاسته، فيما يعتبر “التجاني سيسي” من القيادات المحسوبة على حزب الأمة القومي، وتقول سيرته إنه سبق أن كان حاكماً على إقليم دارفور وله علاقة بالمؤسسات الدولية كمؤسسة الأمم المتحدة، انضم “أبو قردة” ضمن (16) فصيلاً واختاروا أن تمنح الرئاسة للتجاني السيسي.
وفي وقت تبدو فيه أن الخلافات بين الرجلين غير قابلة للحل الأوسط، فملف الترتيبات الأمنية الذي يبدأ 19 يناير الحالي وينتهي يوم 28 من ذات الشهر، قد يسهم في تخفيف حدة الصراع التي يأمل الجميع أن تنتهي في مؤتمر الحركة العام .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية