(المجهر) تواجه القيادي بجماعة أنصار السنة "محمد أبو زيد" بالأسئلة الحارقة (2-2):
أنصار السنة تولوا وزارات الثقافة والسياحة لتقليل شرورها
لا نفرض النقاب على نسائنا.. ولسنا متشددين نرفض مباهج الحياة
لم يحدث في كل تاريخنا أن اعتدينا على أي شخص.. وقريباً سوف نتوحد مع جماعة “أبو زيد”
حوار – محمد إبراهيم الحاج
{ هل تعتقد أن تفجيرات صحيفة (شارلي ابدو) كانت بسبب استفزازها لمشاعر المسلمين بنشر صور مسيئة للرسول “صلى الله عليه وسلم”.. هل تعتقد أن مثل هذه التفجيرات أضرت بالإسلام؟
– ما أتت به الصحيفة الفرنسية بالتأكيد هو استفزاز ولا أحد يقبله، ولكن ما في شك أن الحركات المسلحة مضرة، وقال شيخ الإسلام “ابن تيمية” إن الرسول “صلى الله عليه وسلم” عنف الخوارج وقال إن لقيتموهم فاقتلوهم ولئن لقيتهم لأقلتنهم قتل عاد يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، بينما قال عندما لعن شارب الخمر أمامه قال لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله وفي رواية أخرى قال: دعه فإن صلاته تنهاه، يعني عنف على الخارجي أو التكفيري أكثر مما عنف على شارب الخمر، وبالتالي قال (أهل البدع شر من أهل الفسق والفجور)، فالمبتدع في الدين قال إنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان، ولو لاحظت أن (داعش) في “العراق” كانوا يقتلون أهل السنة حتى أنهم لم يقتربوا من الشيعة.
{ إذن ترى أن (داعش) أخطر على الإسلام من الفاسقين؟
– نعم هذا كلام معروف، وهذا أمر مقرر في الشريعة الإسلامية، ولذلك عندما تقيس في الوزن بصورة عامة تقيس هل من الأفضل أن يكون المجتمع متشدداً أم متراخياً إذا لم يكن هناك توازن فمن الأفضل أن يكون متراخياً لأن التشدد سوف يخرج الإسلام خارج الدائرة.
{ كيف يستطيع الفكر الإسلامي التوفيق ما بين مواجهة الاستفزاز وما بين إظهار قدرته على الرد؟
– هذه مسألة تحتاج إلى ضبط تعبوي وأعتقد أن الخطاب التعبوي دائماً عليه أن يكون متوازناً وأيضاً يكون لديه مركز تحكم صعوداً وهبوطاً، وهذه مشكلة الآن مفقودة في الساحة الإسلامية، وشيخ الإسلام “ابن تيمية” يقول إن أمر الإسلام لا يستقيم إلا بالقرآن والسلطان يعني بالفكر والقوة، وإذا اختل أحدهما سوف يحدث ضعف، يعني إسلام عندو فكرة وما عندو قوة بيكون ضعيف وإذا عندو قوة وما عندو فكرة بيخرج من الدائرة، ولذلك يوسم دائماً أهل الخروج في الإسلام بأن فقههم في الإسلام ضعيف.
{ هل يمكن القول إن ذلك ما جعل جماعة أنصار السنة مسالمة جداً إلى الحد الذي يمكن أن توصف بأنها (جماعة ضعيفة)؟
– في مرحلة من المراحل كان معروفاً عن الجماعة أنها متشددة جداً وعنيفة جداً وخاصة مع التصوف، ولكن نحن في النهاية دولة إسلامية وكل الناس مسلمين ومن الخطأ أن تستخدم القوة تجاه المسلم، والقوة هذه تستخدم ضد غير المسلمين ولكن بقدر و(قاتلوا الذين يقاتلونكم) و(لا تعتدوا)، بمعنى أنه ليس فقط التباهي بأنك تستخدم القوة وهذا ليس مظهر التدين الصحيح وليس مظهر الإسلاموية الصحيح، وإنما المظهر الصحيح هو أن تستخدم القوة حينما تريد أن تستخدمها، ولكن الفكرة هي الأصل إذا كان الرسول “صلى الله عليه وسلم” سمح له أن ينشر دعوته بالسلم لما احتاج إلى قتال ولما احتاج إلى القوة، وكانت القوة وسيلة لفتح الباب أمام الفكرة لتنتشر وليست هي أصل.
{ ولكنكم لا تديرون معارككم إلا مع التيارات الإسلامية.. ففي فترة من الفترات كانت معارككم مع الأخوان المسلمين وقبل فترة مع الصوفية؟
– كانت معارك كلامية وليست بالسيخ أو السيوف.
{ ولكنها وصلت إلى الضرب في بعض الأحيان؟
– للدفاع فقط، لم نستخدم القوة للاعتداء على أحد قط، ولا حادثة اعتداء واحدة طوال تاريخنا الطويل لم تسجل ولكنها حصلت للدفاع.
{ متى اضطررتم الدفاع عن أنفسكم؟
– كثير.. إذا اعتدى علينا أحد فإننا ندافع عن أنفسنا و(ماح نقعد نتفرج طبعاً).
{ إذن ننتقل إلى محور آخر.. هناك أحاديث تقول إن هناك انشقاقات داخل الجماعة في أمر المشاركة في الحكومة؟
– بالعكس آخر اجتماع كان قبل نحو أسبوعين في المركز العام والقرار كان واحداً وخرجنا فيه بوحدة غير مسبوقة بأنه لابد من المشاركة في الحكومة ولابد من المشاركة في الانتخابات، وأعلنا وقوفنا مع الرئيس “البشير” وكل الشعب السوداني يشهد على ذلك، وبداخلنا لا توجد خلافات، وحتى على مستوى الساحة العامة كادت أن تتلاشى الخلافات القديمة بيننا، وتصبح جزءاً من التاريخ.
{ لديكم نائبة واحدة في البرلمان؟
– وأنت عايز يكون اكتر.. زمان كنتو بتقولوا ما عندكم أي تمثيل للمرأة وكانوا ثلاثة.
{ ما هو رأيك في تمثيل المرأة في البرلمان؟
– ليس هناك خلاف فقهي حول ذلك.
{ ولكنكم تقولون إن صوت المرأة عورة؟
– من وين جبت الكلام ده.. ربنا قال (وقلن قولاً معروفاً ولا تخضعن بالقول) والخضوع هو الذي لا يجوز، وتمثيل المرأة في البرلمان لو لم يكن هناك مسوغ شرعي لما سمحنا للمرأة أن تدخل، وهذه المسألة تجاوزناها.
{ ولكن أنصار السنة في خطبهم دائماً ما يشددون على عورة صوت المرأة؟
– ده كان زمان عند بعض الفقهاء والآن النساء موجودات معانا حتى داخل المركز العام.
{ أنتم تجبرون النساء على ارتداء النقاب؟
– لا النقاب اختياري وليس إجبارياً، ولكن غالب نساء أنصار السنة منقبات، وبعضهن غير منقبات وهذا خيار فقهي، والخيارات الفقهية متاحة ونحن عندنا حرية فكرية في داخل الجماعة.
{ من خلال حديثك استلهمت أن أنصار السنة انتقلت إلى مرحلة جديدة أصبحت تحاور فيها التيارات المختلفة على عكس ما كانت في السابق؟
-الجماعة تحولت منذ 89 تحول كبير جداً واستطاعت أن تحسم كثيراً من القضايا الخلافية، ومنذ نشأة الجماعة كانت بهذا الاعتدال من عام 1948 عندما انتمى الشيخ “عبد الباقي يوسف نعمة” ومعه “شيخ الهدية” كان عنده ثلاثة شروط الأول أن يكون أسلوب الجماعة في الدعوة هادئاً وليس خشناً، والثاني أن يحتكوا بالمجتمع ولا يعتزلوا، والثالث هو الصلاة خلف أئمة التصوف، لأنه في وقت ماضي كان أنصار السنة لا يصلون خلف الصوفية، والجماعة سارت على هذا النهج، ولكن بعد ذلك دخلت بعض الأفكار الاعتزالية وصححت ورجعت الجماعة إلى سيرتها الأولى، ولكن الجيل الحالي لا يعرف كيف كانت السيرة الأولى وهذا كان نهج الجماعة منذ البداية.
{ هناك اتهام لأنصار السنة بأنها جماعة سلفية متشددة ترفض مباهج الحياة؟
– ربنا قال الآخرة خالصة للمؤمنين والدنيا أيضا أولى بها المؤمنون والناس بيقولوا الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، لكن لأن ربنا قال (قل من حرم زينة الحياة الدنيا) يعني أولى بها المؤمن من الكافر، والرسول “صلى الله عليه وسلم” قال إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
{ عندما دخلت السياسة إلى جماعة أنصار السنة انفرط عقدها وأصبحت جماعتين؟
– زمان “شيخ الهدية” كان يقول (من أدخلنا جبهة الميثاق الإسلامي هو “أبو زيد”، ومن أخرجنا منها هو “أبو زيد” نفسه).
{ كيف؟
– جاءنا شيخ “أبو زيد” بجماعته وقال لازم ندخل (جبهة الميثاق الإسلامي)، وبعد أن دخلنا واختلفنا مع الأخوان المسلمين قال لازم نطلع من جبهة الميثاق الإسلامي، وشيخ “أبو زيد” لم يكن ضد السياسة، ولكنه كان ضد المشاركة مع الإنقاذ في مرحلة من المراحل، ونحن كان رأينا أن ندخل ونحن ساندنا الإنقاذ منذ (صفارتها) الأولى، وبعد ذلك تخلو هم أيضاً عن ذلك.
{ والآن؟
– الآن لا يوجد شيء بيننا وأسباب الخلاف زالت وتلاشت والآن العلاقات بيننا وأي قطيعة تم تجاوزها تماماً الآن.
{ هل عدتم إلى الاتحاد من جديد؟
– كدنا أن نلتحم تنظيمياً الآن وليس هناك تباعد وأؤكد ذلك بملء الفم.
{ هل هناك خطوات جدية لإعادة توحيدكم؟
– نعم هناك خطوات تجرى ولم تنقطع طيلة الفترة السابقة ومستمرة إلى أن تصل إلى نهاياتها إن شاء الله.
{ كنت وزير دولة للثقافة ووزيراً بالسياحة.. و”الهد” الآن وزيراً للسياحة.. ألا ترى أن الأمر غريب للغاية في أن تكون قيادات أنصار السنة قيادات للعمل السياحي والثقافي رغم محاذيركم الكثيرة على كثير من منتجعات السياحة والثقافة؟
– الشر إذا غلبك تزيلو قللو ودي قاعدة أصولية في المعاملات الشرعية، وفي الحياة ليس هناك شر محض وخير محض، هناك شر غالب وخير غالب وأحياناً الخير يغلب على الشر والعكس وفي بعض المساحات والمجالات الشر غالب (وبيجيبوا زول عشان يقلل الشر ده).
{ يعني جابوكم كأنصار سنة عشان تقللوا الشر ده؟
– إذا كنت شخصاً محايداً تجيب زول صالح عشان يخفف الشرور ده، ولكن هذه المجالات ليست كلها شر ولكنها صبغت بهذه الصبغة، وبهذه الصورة الشائهة أنا أعتقد انو كان ممكن الصورة تكون كده.
{ هل أتيتم لتقليل شرور المجتمع؟
– إذا كانت نية الشخص الذي أولاني الموقع فأنا أتعامل بنيتي، وأصلاً المشاركة في السلطة كلها كده، إذا كل المشاركة في الحكومة كانت مفتقدة لهذه النية، فإن المشاركة فيها تصبح باطلة ولا قيمة لها، وهذه فلسفتنا في المشاركة مع الحكومة، إذا يوجد خير نزيده وإذا فيه شر نقلله.
{ هل اصطدمتم بكثير من الأشياء ضد مبادئكم؟
– ربنا قال: اتقوا الله ما استطعتم، وهذه هي القاعدة التي نمضي عليها.
{ هل استطعتم أن تتقوا هذه الشرور؟
– والله هذه مسألة تقديرية وتقارير الأداء هي التي تحدد النسب.
{ كلمة أخيرة؟
– نحن متفائلون أن مرحلة ما بعد الانتخابات سوف تشهد استقراراً سياسياً وتحسناً في العلاقات الإقليمية والدولية.