المحكمة العليا ومسجل تنظيمات العمل…عام كامل في انتظار القرار
نموذج حل نقابة العاملين بالضرائب بولاية الخرطوم
الخرطوم- طلال إسماعيل
ما يقارب (44) ألف من أسر العاملين بديوان الضرائب ينتظرون من مسجل عام تنظيمات العمل تنفيذ قرار المحكمة العليا الصادر منذ شهر ديسمبر 2013م بالفصل في طلب “فيصل ميرغني عبد الرحيم” وآخرين – ينتمون للنقابة – بانتخاب هيئة نقابية جديدة لعمال الضرائب بولاية الخرطوم، وذلك على خلفية النزاع قبل أعوام على تضمين العلاج الطبي للعاملين ودخول الإدارة الاتحادية في تحديد مصالحهم بعد تشكيلها لجنة دراسة أدت إلى دخول العاملين تحت مظلة التأمين الصحي، لكنها خلفت أزمة بين بعض المحسوبين على النقابة بولاية الخرطوم بعد رضاء الفرعيات الأخرى في الولايات. وتستقطع أسرة ديوان الضرائب مبلغ (5%) من حافز الربع السنوي بالإضافة إلى (4) أيام بدل وجبة من كل عام وتدعمها الإدارة العليا بأكثر من مبلغ (90%) لصالح علاج العاملين في كل الولايات – الذي يعادل (40) مليون جنيه تقريباً – وكانت الفرعية النقابية لولاية الخرطوم بديوان الضرائب قد طالبت بإرجاع الاستقطاع (5%) إلى خزينتها – ما يعادل تقريبا (5) ملايين جنيه – من دون الولايات الأخرى لكن العاملين جمعوا توقيعاتهم يرفضون ذلك، وتطور النزاع إلى المطالبة بسحب الثقة عنها. وجاء الملف إلى القضاء ليفصل بكلمته.
وتعود تفاصيل الحكاية المثيرة قانونياً وبمتابعة لصيقة من مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم غندور” – رئيس اتحاد نقابات عمال السودان سابقاً- إلى طلب أودعه المحامي “عادل عبد الغني” منذ شهر سبتمبر من العام 2012م لدى مسجل تنظيمات العمل بوزارة العدل ضد النقابة العامة لعمال المصارف والدراسات المالية والمحاسبية (كشكوى) بأنه تقدم “فيصل ميرغني” وآخرون بطلب لانعقاد مؤتمر عام وانتخاب هيئة نقابية جديدة مشفوعاً بالمستندات المطلوبة، ولم تخاطب تلك النقابة المسجل ورفضت إصدار أمر بشأن ذلك الطلب رغم مطالبة الشاكين لها، فالتمسوا عاجل تدخله، لكن المسجل شطب الطلب وأخطر مقدميه .
وكان رئيس اتحاد نقابات عمال السودان سابقاً “إبراهيم غندور” قد تدخل لحسم الخلاف بعد أن تسلم الملف للنظر فيه وإصدار قرار بخصوصه قبل تقلده موقع مساعد رئيس الجمهورية، ويتابع الاتحاد التفاصيل.
وفي اليوم الثالث عشر من شهر ديسمبر من العام 2012م دفع المحامي “عادل عبد الغني” طعن بالنقض ضد قرار المسجل لمخالفته للقانون تطبيقاً وتأويلاً ملتمساً إثره الغاءه وإصدار قرار يقضي بحل الهيئة النقابية الحالية وإصدار أمر بالتوجيه بعقد المؤتمر العام.
المحكمة القومية العليا ترفض طلب المراجعة
في شهر أكتوبر من العام 2014م تقدم الأستاذ “أسامة عبد الله أحمد” بطلب مراجعة نيابة عن الهيئة الفرعية لعمال الضرائب ولاية الخرطوم لمراجعة حكم المحكمة العليا بالرقم 3864/2013م وأصدر بتاريخ 31/10/2013م والذي قضى بنقض القرار المطعون فيه وأمرت بإعادة الأوراق إلى مسجل عام تنظيمات العمل للفصل في الطعن موضوعاً. وصرح الطلب من نائب رئيس القضاء وتم تشكيل الدائرة، التي نظرت في أسباب طلب المراجعة وشملت مخالفة المحكمة القانون عندما قررت شطب الدفوع القانونية التي تقدمت الطاعنة رداً على الطعن المذكور وجاء في حيثيات قرار الشطب أنها طلبات جديدة وفات على المحكمة أن الطاعنة لم تكن طرفاً في هذا النزاع عند نظره أمام مسجل عام تنظيمات العمل وخالفت بذلك نصوص قانون النقابات لسنة 2010م.
لم يحالف التوفيق قرار المحكمة عندما قضت باكتمال النصاب باعتبار الثلث والذي ورد في لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للمصارف وقررت أحقية المطعون ضدهم سحب الثقة من الطاعنة، ولم يتسن لها التأكد من صحة التوقيعات ولم تسمع حولها بينة. إن تصدى المحكمة في قرارها والفصل في الوقائع الواردة في عريضة طعن المطعون ضدهم وإصدار حكم حولها ليس من اختصاصها وأن قرارها حول استبعادها للدفوع القانونية وشطبها تحت المادة (170) إجراءات مدنية دون التصدي لها والفصل فيها بعد نقصان يعيب القرار لعدم التسبيب مما يؤدي إلى بطلانه.
وأن المحكمة قد فسرت المواد (8-9) من النظام الأساسي للنقابة العامة لعمال المصاريف تفسيراً خاطئاً عند خلطها بين مصطلح الجمعية العمومية والمؤتمر العام وقيام مؤتمر استثنائي للطاعنة يتطلب جمع توقيعات ثلث عضوية المؤتمر من بين الأعضاء الخمسين وليس الخمسة ألف عضو.
جاء نص المادة (9) من لنظام الأساسي ويفهم منه أن قيام المؤتمر والدعوة إليه تكون من بين عضويته وليس من بين عضوية الجمعية العمومية ويقود إلى أن المطعون ضدهم قد سلكوا الطريق الخطأ لاتخاذ إجراءات قيام المؤتمر لجمعهم توقيعات جمعية عمومية
إن مسألة سحب الثقة من نقابة منتخبة وفق إجراءات سليمة وصحيحة ليس بالأمر الذي تكون إجراءاته بسيطة حيث أحاط المشرع تلك الإجراءات بضمانات كافية، ثم تقدم مقدم الطلب بمذكرة إضافية أشار فيها إلى الطاعنة قد حصلت على مستند لم يكن لديها ولكنه موجود في ملفها لدى مسجل عام تنظيمات العمل وهو عبارة عن أعضاء المؤتمر العام الذين يحق لهم فقط دعوة الجمعية (مرفق) وأهمية المستند تحديده لمن له الحق في الدعوى لانعقاد المؤتمر العام وبإمعان النظر في هذا المستند نجد أن قرار مسجل عام تنظيمات العمل كان صحيحاً عندما قرر أن عقد المؤتمر يكون بأغلبية الثلثين وليس الثلث كما ذهبت إلى ذلك المحكمة.
لم يتم إيداع الرد على طلب المراجعة من قبل المراجع ضده رغم إعلانه بتاريخ 1/5/2014م الوقائع تشير إلى أن المقدم ضدهم الطلب قد تقدموا بطلب للسيد مسجل عام تنظيمات العمل لانعقاد مؤتمر عام وانتخاب هيئة نقابية جديدة لعمال الضرائب بولاية الخرطوم. تم شطب الطلب بواسطة المسجل العام، ثم رفع طعن بالنقض ضد القرار المذكور أمام المحكمة القومية العليا والتي أصدرت قرارها بنقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مسجل عام تنظيمات العمل للفصل موضوعاً، وأشارت المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق نجد أن المادة (197م) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م تنص على عدم إخضاع أحكام المحكمة القومية العليا للمراجعة، لكن إذا تبين لرئيس المحكمة أن ذلك الحكم قد انطوى على مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية يجوز له أن يشكل دائرة للمراجعة، لهذا يتبين لنا أن الشرط الأساسي لمراجعة أحكام المحكمة القومية العليا هو مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية.
والسؤال الذي يتبادر أمامنا هنا هو هل خالف حكم المحكمة العليا والمقدم بشأنه طلب المراجعة أحكام الشريعة الإسلامية؟
والإجابة عندي ومن واقع الأوراق أن طلب المراجعة جاء خالياً من توضيح مخالفة القرار الصادر من المحكمة العليا لأحكام الشريعة الإسلامية ولم يوضح ما هي تلك النقاط المخالفة للشريعة الإسلامية، ونرى أن جل ما قدم في طلب المراجعة ما هو إلا تقييم لما فصلت فيه المحكمة القومية العليا والذي جاء صحيحاً وسليماً عندما قضت بإلغاء القرار المطعون فيه لمخالفته المادة (8-9) من النظام الأساسي في ما يتعلق بالنصاب، لذلك يتعين علينا شطب طلب المراجعة.
“عادل عبد الغني” يكشف عن رفض مسجل عام تنظيمات العمل:
وفي اليوم الرابع عشر من شهر يناير الحالي تقدمت المحامية “هانم سيد” نيابة عن المحامي “عادل عبد الغني” بطلب إلى المحكمة القومية العليا تلتمس منها إصدار أمرها الكريم بتوجيه مسجل تنظيمات العمل بتنفيذ القرار الصادر في الطعن وقبول الطلب بتحريك الإجراءات، وقالت: (تقدمنا بطلب بتاريخ 8/1/2015م لتحريك الإجراءات ووضع الملف أمام مسجل عام تنظيمات العمل لتنفيذ التوجيهات الصادرة في الوطن إلا أنه رفض قبول وحتى مجرد استلام الطلب بحجة أنه لم يأته أمر بإلغاء وقف التنفيذ الصادر في هذه الإجراءات والسير فيها). وتتابع أسر العاملين بديوان الضرائب هذا الجدل القانوني بعد مشروع إدخال العاملين بالديوان تحت مظلة التأمين الصحي ويشير متابعون إلى أن هذه القضية أثارت غباراً كثيفاً منذ سنين وما زالت في انتظار القرار النهائي من العدالة.