ولنا رأي

ما الذي حققناه خلال (59) عاماً؟!

تمر الذكرى التاسعة والخمسون من نيل السودان استقلاله بدون أية معاناة أو سفك دماء وخرج المستعمر من البلاد دون أن يتعرض للطرد أو الإهانة كما فعلت دول كثيرة أريقت دماء أبنائها واستشهد الملايين من أجل أن يتذوقوا طعم الحرية بعد أن جثم المستعمر على صدرها سنين عددا.
السودان إحدى الدول التي استقلت بدون معاناة، لذلك لم نحافظ على الاستقلال لأنه جاء بارداً وليس كما يقال (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة)، فنحن ودعنا الإنجليز على محطة السكة الحديد عائدين إلى بلادهم وكأنهم كانوا في نزهة أو رحلة امتدت لعدة سنوات.
في كل عام في مثل هذا اليوم أو يوم غد (1 يناير) وهو اليوم الذي رفع فيه العلم عالياً، ذرفت في ذلك الوقت الدموع من كبار قادتنا “المحجوب” و”الأزهري” وحتى العسكري الذي كان يقف لحظة رفع العلم فوق السارية.. في مثل هذا اليوم نفرح بأننا نلنا استقلالنا، ويغني “وردي” (اليوم نرفع راية استقلالنا) وتعقبه الأناشيد الوطنية والزعماء في الساحات السيد “عبد الرحمن المهدي” و”علي الميرغني” زعماء الاستقلال، و”أبو عاقلة يوسف” أو البروفيسور “علي شمو” يذيع على المشاهدين عبر التسجيل الصوتي كيف خرجت الجموع الهادرة في ذلك اليوم نساءً ورجالاً وأطفالاً يتذوقون حلاوة العزة والكرامة.. صحيح قاد أبناء الشعب السوداني بطولات رائعة ضد المستعمر الإنجليزي وخاضوا معارك متفرقة ضد الإنجليز في مدن وقرى السودان المختلفة في الشكابة وثورة “ود حبوبة” و”عبد الفضيل الماظ” و”علي عبد اللطيف” ومعظم الأبطال من أبناء هذا الشعب الأبي كانوا بالمرصاد للإنجليز حتى أجبروهم على الخروج صاغرين.. ولكن كان ينبغي بعد تلك التضحيات الجسام التي قادها أبناء الشعب أن تكون تلك الملاحم درساً للكثيرين للحفاظ على هذا الكسب الكبير، وهو أن يكون الإنسان حراً لا تقيده قيود ذاك المستعمر.. لقد فرضنا في هذا الاستقلال وما زلنا نتحارب ونتطاحن، كل يريد أن يكون هو القائد وهو الرئيس، لا أحد في السودان يرضى بالآخر، حتى القبلية أصبحت أداة من أدوات السيطرة والحكم.
من المفترض أن يراجع ساستنا ما الذي حققناه حتى نتقاتل.. ماذا قدمنا لهذا الوطن حتى تدور المعارك فيما بيننا؟ لو كانت الحرب ضد المستعمر الذي أجبر على الخروج من بلادنا كان هناك منطق، ولكن أن يقتل الإنسان شقيقه وابن عمه وابن خاله ومعظم أسرته من أجل الحكم، من أجل السلطة، من أجل الثروة.. هل سأل القادة لماذا يختلفون وهم أبناء الوطن الواحد؟؟ كل عليه أن يضع (طوبة) ويفسح المجال للآخر ليضع (الطوبة) الأخرى حتى يكتمل البنيان.
دول كثيرة من حولنا نالت استقلالها من بعدنا وها هي تقارب أن تصل الثريا، ونحن نتراجع آلاف الأميال للوراء، كل ذلك بسبب هذا الصراع والخلاف الشخصي.
نأمل أن نحتفل العام القادم بالعيد الستين وقد توحدت كلمة الأمة، وعاد قادتنا إلى رشدهم، وعادت مناطق الصراع الملتهب إلى الأمن والسلام والاستقرار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية