تقارير

(المجهر) في قلب الأحداث بأديس أبابا

“غندور”: نحن حريصون على حوار شامل يشارك فيه الجميع
“الصادق المهدي” نريد الحكومة القومية أن تقوم على أساس لا يعزل أحداً ولا يسيطر عليها أحد
تيار إسناد الحوار من الإسلاميين يلتقي “عرمان” ويطرح عليه مشروع تشكيل حزب سياسي موحد
أديس أبابا – طلال إسماعيل
لم ينقطع الحراك في “أديس أبابا” بين مكونات الأحزاب السودانية والحركات المسلحة، ولا نكاد نخرج من نشاط فكري أو سياسي حتى يفاجئنا اجتماع آخر. الأحداث متلاحقة في العاصمة الإثيوبية التي تظلل الفرقاء السودانيين بالحب والسحب المبلدة بالغيوم، ثمة علاقة ما بين الإنسان والطبيعة، هنا يبتسمون ويتركون الخلافات في الأوراق أمام الوساطة الأفريقية أو وسط عبارات البيانات الغاضبة، لكنهم عندما يلتقون يسألون عن أحوال بعضهم الاجتماعية وفي كثير من الأحيان يأكلون الطعام سوياً، وتلك ميزة لا تتوفر إلا في الشعب السوداني.
وفي انتظار يوم (الخميس) القادم حيث تنطلق جولات التفاوض مرة أخرى ما بين الحكومة من جهة والحركات المسلحة وقطاع الشمال من جهة أخرى، لكن التطور اللافت هو انتظار ورقة وقوى الإجماع الوطني التي ستطرحها على الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” ومن بعد ذلك تتضح الرؤية السياسية لأزمات البلاد ومستقبل الحوار.
 لأكثر من (5) ساعات استغرق اجتماع ما بين وفد تيار الإسناد  المكون من “عمار السجاد” و”صديق الأحمر” و”محمد الحسن هاشم” و”راشد دياب”  بوفد الحركة الشعبية قطاع الشمال برئاسة “ياسر عرمان” حيث طرح الطرفان مشروع التسوية التاريخية ما بين الإسلاميين والعلمانيين ومشروع السودان الجديد والتفكير مستقبلاً في تشكيل حزب سياسي واحد.
يقول رئيس تنسيقية مبادرة إسناد الحوار “عمار السجاد” لـ(المجهر) أمس (الاثنين):(ناقش الاجتماع كل علاقات الحركة الإسلامية بالحركة الشعبية وتقدمت في بداية الاجتماع بأننا نريد تطوير هذه العلاقات من أجل شراكة ذكية تنتهي إلى تسوية تاريخية، وندير حورات فكرية توصلنا في النهاية بخلفياتنا الإسلامية – الإسلام السياسي – والحركة الشعبية بمشروعها العلماني وعرضت عليهم أن ندخل في نقاش وحوار فكري ووطني ينتهي بنا إلى حزب سياسي واحد في السودان نخاطب به أزمات البلاد ونحارب به العنصرية والجهوية وكثير من علات الوطن وننتقل إلى سودان جديد وإلى دولة نقفز بها في محيطنا). وأضاف بالقول: (الحركة الإسلامية بعد تجربتها (25) عاماً في الحكم عملت مراجعات فكرية وفقهية لم تأخذ شكلها النهائي من أجل أن تتبلور وتنتهي إلى برنامج، الخلافات مضخمة هنا وهناك “ياسر عرمان” تحدث عن ضرورة الستوية التاريخية وأنها مطلوبة ودلف إلى تجربة مذكرة التفاهم كيف تمت، مقترح دعم “حسن الترابي” لترشيح “جون قرنق” رئيساً للسودان، و”عرمان” تكلم عن ملامح  المبادرة  ليدرسها، ووضع مقترحات نناقشها سماها أجندة المستقبل في التنوع والعدالة الاجتماعية كمرتكزات للحوار ليصل العلمانيون والإسلاميون إلى التسوية التاريخية). ونبه “السجاد” إلى أن المبادرة ربما تجد الرفض أو القبول من قبل قواعد الإسلاميين ولكنه سيطرحها على الشيخ “حسن الترابي” لأنها تتماشى مع أفكاره التحريرية والتجديدية. وزاد:(وهذا ليس مشروع سنة أو سنتين ولكن للمستقبل حسب تلقفها من الإسلاميين وصفِّهم والحركة الشعبية وصفِّها). ويوضح “السجاد” أن مبادرة الإسناد التي التقى وفدها في “أديس” بقيادات الحركات المسلحة تعمل على إسناد الحوار بعد مبادرة خطاب الوثبة للرئيس “عمر البشير” وتتكون من (8) من تيارات للإسلاميين يمثلون المؤتمر الشعبي والوطني حركة الإصلاح الآن ومنبر السلام العادل وحزب العدالة. 
“الصادق المهدي” ورؤيته للحوار الوطني
قبل أن يتوجه الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” التقى بقيادات القوى السياسية من أحزاب الإجماع الوطني وحزب الأمة القومي. وقال الإمام “الصادق المهدي” عقب اللقاء في فندق (شيرتون) مساء أمس الأول (الأحد):(كان اللقاء ناجحاً لأننا تحدثنا بما يؤكد في نظرنا أن الظروف كلها تؤيد إمكانية إيجاد حل يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، وكلامنا كان دائماً نحن نريد حلاً لا يعزل أحداً ولا يهيمن عليه أحد ونعتقد أن هذه المعاني عادلة ويمكن إذا تبنتها هيئة الوساطة أن تقبلها كل الأطراف، صحيح هنالك أزمة ثقة ولكننا يمكن إذا اتفق على أن تكون عملية الحوار برئاسة محايدة وأن تحدد أهداف هذا الحوار بتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل وأن يتفق كذلك على آلية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بالصورة التي يطمئن بها الجميع نعتقد أن هذه المسائل إذا توفرت يمكن عبر لقاء شامل ينبغي أن يكون في رأينا أن لا يكون هنالك عزل وهنالك حجاة ليلتقي المقاتلون وترتيب وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وضمان الإغاثة الإنسانية هذا يجب أن يتم ما بين المقاتلين فعلاً ولكن عملية السلام والتحول الديمقراطي ينبغي أن تكون في مجلس شامل وفي نهاية المطاف هذا المجلس الشامل يمكن أن يتفق على برنامج يحقق السلام العادل الشامل باتفاقية سلام وخريطة طريق للتحول الديمقراطي وحكومة قومية تكون هي الآلية التي تشرف على تنفيذ ما اتفق عليه، وهذه الحكومة القومية صفتها أن تقوم على أساس لا يعزل أحداً ولا يسيطر عليه أحد وأعتقد أن هذه المسائل معقولة وإذا توافرت الإرادة السليمة يمكن لمهمة الوساطة أن تنجح). وتكلم “الصادق المهدي” عن أوضاع البلاد بالقول:(ما في شك نحن كسودانيين نشعر بشقاء شديد للمعاناة في ظل الدكتاتورية ومعاناة لاستمرار الحرب وما يحدث من ويلات، هنالك معسكرات نازحين يتألمون آلاماً بالغة ولاجئين كذلك، هنالك ظروف صعبة للغاية ولاشك أن أي مواطن سوداني وطني يشعر بضرورة الحاجة للتخلص من قبضة الديكتاتورية، وكذلك من استمرار الحرب، ونعتقد أن كثيراً من السودانيين بصورة كبيرة يضيقون ذرعاً بحكم من يقيمون الحكم بالقبضة الحديدية، ويضيقون ذرعاً لاستمرار الحرب، نحن نعتقد أن الظروف مواتية لنحقق لوطننا التحول الديمقراطي والسلام العادل الشامل).
وحول رؤيته التي طرحها لأمبيكي بأن يكون الحوار في داخل السودان أو الخارج، قال “المهدي”: (جزء من الحوار لابد أن يكون في الخارج لأن هنالك ظروفاً حربية وأناس متقاتلون وإنهاء الحرب يجب أن يحسم في الخارج ولكن الاتفاق الشامل لاتفاقية السلام والتحول الديمقراطي يمكن أن يكون بالداخل. وحول عودته للسودان بعد جولته الخارجية أضاف:(أنا أصلاً لم أخرج لأبقى في الخارج، أنا خرجت لأن هنالك ظروفاً واتفاقيات نعقدها ولكن هنالك ضرورة توحيد صف المعارضة وهنالك ضرورة للبحث عن تأييد لجهات مختلفة لتبارك ما نحن ساعون إليه لأننا نعلم أن قضايا السودان كلها صارت في الخارج ولكن بسرعة شديدة عندما يكتمل هذا البرنامج سأعود للسودان).
وأشار “المهدي” إلى أنه أبلغ “أمبيكي” بوضوح تام أن الظروف مواتية ولكن هنالك استحقاقات متوقع أن تتطور إذا لم يتم الوفاء بهذه الاستحقاقات. وزاد: (أعتقد أنها استحقاقات معقولة وليست استحقاقات مستحيلة اعتذرنا لهم عن الشقاء الذي كلفناه بهم بمشاكلنا ولكن نكرر شكرنا لهم بأنهم ما زالوا يواصلون المجهود، وأعتقد أن هذا المجهود أقرب إلى أن ينجح إذا تم الاتفاق على الاستحقاقات المطلوبة، لكن في رأيي أنَّ المشكلة الأساسية هي أن الحكومة لا تريد أن تعترف بواقع جديد يعني أن الواقع الجديد هو أن القوى التي تحمل السلاح قد اتفقت على منبر واحد لماذا لا يُعترف بها خصوصاً إذا كانت هذه الجبهة الثورية قد تخلت عن إطاحة النظام بالقوة وتخلت عن تقرير المصير وهي مستعدة لاتفاق سلام شامل لماذا لا يُعترف بهذا؟ وأنا أعتقد أن المشكلة الأساسية هي أن الحكومة لا تريد أن تعترف بالجبهة الثورية كمفاوض وهذا في رأيي عدم اعتراف بالواقع، ولماذا لا تعترف أن هنالك وحدة للمعارضة لا تريد أكثر من اتفاق سلام شامل عادل وتحول ديمقراطي عادل؟، إذن مطالب كل هذه الجهات صارت معقولة وحقو تكون مقبولة. ووجود منبر واحد يسهل الوصول إلى الأمور حتى لا تكون قائمة على الثنائية لأن الثنائية غير ممكنة باعتبار أنهم انتقلوا إلى مربع جديد وكذلك هنالك نداءات من الأسرة الدولية تدعم هذه النظرة الكلية وتفض النظرة المكتسبة الجزئية، فلماذا لا يُعترف بهذه الأشياء ما دام أنها في النهاية مقبولة وهنالك إمكانية الاتفاق على إعلان مبادئ وأننا نريد سلاماً شاملاً عادلاً وتحولاً ديمقراطياً كاملاً يُتوصل إليه بوسائل سلمية).
وحول الإعلان المرتقب لأحزاب المعارضة في “أديس” قال “المهدي”: (نعم حيكون في اتفاق على ما يمكن أن نسميه خطوة ثانية لإعلان باريس باعتبار أن إعلان باريس كان بين الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي والآن نريد أن نوسع القاعدة للاتفاق، وأنا أعتقد أن هذا كله لمصلحة الاتفاق لأنه في النهاية كل الأطراف تقبل مرجعيتين مرجعية القرار (456) الصادر من مجلس الأمن والسلم الأفريقي، كل الأطراف تقبل هذا، وثانياً كل الأطراف تقبل الاتفاق الذي عُقد في سبتمبر هنا مع “أمبيكي” وهذا وقع عليه مندوب آلية (7+7) إذن الجميع يقبلون هاتين الوثيقتين كمرجعية فما هي المشكلة؟ وأنا أعتقد نمضي في تكوين موحد يعتبر القرارات (456) واتفاق سبتمبر الماضي مرجعين في ما يبحث).
الجولة التاسعة (الخميس) القادم
في يوم (الخميس) القادم ستنطلق مفاوضات دارفور لتتبعها مفاوضات المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان). ويقول رئيس وفد الحكومة المفاوض “إبراهيم غندور”: (قمنا بمناقشة النقاط المتبقية من الاتفاق الإطاري والتي لم تُحسم في الجولة السابعة وكانت هذه النقاط متعلقة بوقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية، وقدمت الآلية مقترحاً وقدم قطاع الشمال مقترحاً وقدمنا مقترحاً آخر، واتفقنا كطرفين أن مقترح الآلية لا يمثل ما نتطلع إليه فاتفقنا على مناقشة المقترحات عدن تقديم مقترح قطاع الشمال أكدت الآلية بأنه لا يتعلق بوقف إطلاق النار في المنطقتين لأنه كان يتحدث عن إطلاق النار بين الحكومة والجبهة الثورية، وبالتالي اقترحت أن نناقش المقترح الذي قدمته الحكومة لأنه يناقش مباشرة الترتيبات الأمنية في المنطقتين بدءاً من الاتفاق على الترتيبات الأمنية ووقف إطلاق النار الشامل مروراً بما يتعلق بوقف العدائيات لإنجاز الترتيبات الأمنية بكاملها، الطرف الآخر طلب أن يرجأ هذا الأمر إلى وقت لاحق بعد ذلك ذهبنا إلى مقترح الآلية حول اللجان التي يجب أن يتم تكوينها بين الطرفين، وبعد اختلافنا على مقترح الآلية الذي كنا قد وافقنا عليه وتحفظ الطرف الآخر اعتمدنا ما توافقنا عليه كطرفين في الوقت السابق. وقامت الآلية بتعديله برؤية منها أنه هذا هو الأفضل ولكن في الآخر التزمت بما اتفقنا عليه البند الثالث، وكنا قد توقفنا عنده في المرة الماضية كان حول الحوار الوطني). وأضاف “غندور”:(رؤيتنا كانت أن نتفق جميعاً أننا سنشارك في الحوار الوطني وأننا سنمضي قدماً لمناقشة كل القضايا القومية في الداخل والطرف الآخر كان يصر على اجتماع تحضيري للحوار وبمشاركة قوى الإجماع الوطني أو منظمات المجتمع المدني وطرحنا موقفنا بأن قوى الإجماع الوطني قد رفضت الحوار كمبدأ وقد رفضت حتى الاجتماع مع لجنة (7+7)، كما أن منظمات المجتمع المدني مجتمع عريض لا يمكن اختصاره في ممثلين للحكومة والمعارضة لأن غالبه لا ينتمي سياسياً). وزاد “غندور”: (بعد حوار طويل واقتراح الطرف الآخر بأن قوى الإجماع الوطني موافقة على الحوار اقترح الرئيس “ثامبو أمبيكي” و”عبد السلام أبوبكر” بأن يلتقي بوفد قوى الإجماع الوطني وقد رأيتم اجتماع الذي التأم وسمعتم التصريحات، ولكن الملخص الذي قدم إلينا بأنهم ما زالوا عند موقفهم من الحوار بنفس الشروط السابقة التي هي قطعاً غير مقبولة من كل الأحزاب الموافقة في الحوار، ولكن كما أخطرنا بأنهم قد التزموا بتقديم ورقة قادمة نحن حريصون على حوار شامل يشارك فيه الجميع لأن هذا هو المخرج الوحيد لاتفاق كل أهل السودان، حوار لا يستثني أحداً ولا يتوقف عند القوى السياسية وإنما يشمل كل المجتمع السوداني).
رفعت المفاوضات لسفر الرئيسين إلى ألمانيا وقد التزموا بدعوة الطرفين في أيام (5و6و7) لتنتهي في يوم (8) لإكمال ما بدأناه في الجولات الماضية).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية