(فوكا) حاجة !!
الأحزاب الرافضة للحوار الوطني من قوى ما يسمى بالإجماع الوطني (بالغت فوكا) أمس الأول، وهي تحتشد أمام الرئيس “ثامبيو أمبيكى” للنقاش معه حول الحوار الوطني من حيث الوجوب والصحة. وأتى جمعهم وبعضهم لا يستطيع السير من فرط تقدم السن وليس في هذا مذمة بالطبع متعهم الله بالصحة والعافية وأحسن خواتيمنا جميعاً، لكنه يشير إلى أنها أحزاب (يكنكش) قادتها على دست العمل السياسي رغم علمهم أنهم لا يملكون طاقة للحضور كما السابق، والمهم في الأمر أنهم حضروا واجتمعوا وحرصوا بعد اللقاء على التقاط الصور وكان بعضهم ينبه أصحابه بالبقاء في مقاعدهم (عشان التصوير يا جماعة) ثم لما خرجوا مغادرين حرصوا كذلك على صورة جماعية!!
التصريح الوحيد الذي أدلى به الأستاذ “فاروق أبوعيسى” عقب مقابلة “أمبيكي” أصابني بالحيرة فالرجل قال إنهم مع الحوار الوطني و(موافقون) لكن لهم شروط ومطلوبات، ولست أدري ما العبقرية في تعيين هذا الموقف من “أديس أبابا” وأمام الوساطة الأفريقية، كان يمكن لحزب “أبوعيسى” – إن كان يمثل حزباً – ولإبراهيم الشيخ والآخرين الذين كان الصحافيون يستفسرون عن أسمائهم وهوياتهم إذ لم يعرفهم أحد، كان يمكن لهؤلاء إعلان ذات المواقف هنا في الخرطوم، يمكن ببساطة أن يقولوا نحن مع الحوار الوطني كمسار إيجابي لتصحيح الواقع السياسي، ومن ثم يطرحون شروطهم وما يرون أنه يحقق النجاح المنشود للمشروع وكانوا سيكسبون دعماً إضافياً لموقفهم، لكنهم هنا في الداخل ومنذ البداية رفضوا الحوار وأنكروه وسبوه ثم صاروا يطلبون السفر للعواصم للحديث بشأنه، والنقاش حوله، وإعلان الموافقة المشروطة عليه.
ولأنَّ أحزاب المعارضة منشقة ومنقسمة حول نفسها كان لافتاً أن الحشد المعارض الذي يزعم أنه يمثل الكل قد حضر وغاب “الصادق المهدي” الذي حضر بعدهم بنحو ساعة أو تزيد في إشارة إلى أنه (كمندان كبير) ولا يليق أن يحضر مع أحزاب وسياسيين من (الأهالي) فهو زعيم حزب الأمة – ولا عجب- وإمام الأنصار والسادة، وآخر رئيس وزراء منتخب وصاحب أغلبية وتاريخـ ولن يرضى الرجل قطعاً بالحضور في صحبة أحزاب أوزان الطرور وناس (زعيط ومعيط)، ووصف الطرور من “المهدي” في وقت سابق والوصف الثاني مني أنا المذكور أعلاه، وبالفعل أتى “الصادق المهدي” برفقة عائلية وحضر “محمد زكي” وخرج ليقول حديثا يفهم منه أن للرجل شروطاً كذلك حول المشاركة في الحوار الوطني رغم أنه شارك ودشن البدايات وكان حزبه حتى ميقات قريب ناشطاً في اللجان.
الغريب أن المناسبة لكل هذا الحراك كانت مفاوضات المنطقتين وبدرجة أقل مفاوضات دارفور، وهذا يعني أن الحوار الوطني صار من ضمن حصالات النقاط في العملية التفاوضية، والأمر بهذه الصيغة يعنى ببساطة أن أزمة الأقاليم والدموع الزائفة التي تذرفها المعارضة من هنا وهناك حولها إنما هو نفاق وانتهازية تمارس لجعل تلك الأزمات درجاً يصعده الزعماء والأحزاب لقضاياهم الخاصة إذ لم أسمع من “ياسر عرمان” أو “المهدي” أو “أبوعيسى” أو أرى اهتماماً بأصل الموضوع وهو معاناة الناس من الحرب وحمل السلاح باسمهم وعليهم!