الناطق باسم حركة العدل والمساواة "جبريل آدم" من لندن قبل انطلاق المفاوضات مع الحكومة في "أديس أبابا":
السلام الشامل في السودان أصبح مطلبا وطنياً وإقليمياً ودولياً
نبحث دوماً عن الحل الشامل في السودان ولسنا منكبين على دارفور فقط.
طوال سنوات القتال في دارفور تعلمت أن الحرب أصعب طريق في حياة الإنسان
لا نمانع أبداً من أي عملية لتبادل الأسرى و”علي وافي” ومجموعته سيطلقون قريباً
حوار: طلال إسماعيل
مواقف سياسية كثيرة مرت بها حركة العدل والمساواة منذ تأسيسها، واتهامات متعددة ظلت تلاحقها وصلت إلى درجة مشاركتها في القتال بجنوب السودان، للحركة تأثير سياسي وعسكري لا تخطئه العين ولا يستطيع المراقب السياسي أن يتجاوزه في محاولة فك طلاسم مشكلة السودان.
ومن ضمن قيادات حركة العدل “جبريل آدم بلال” الذي يشغل موقع أمين الإعلام، الناطق الرسمي للحركة وعضو الجولات التفاوضية للحركة في مفاوضات أبوجا والدوحة مع الحكومة، وهو مقيم في لندن يتولى أمر إعلام الحركة. طرحت عليه الأسئلة حول موقف الحركة من الكثير من القضايا، وكانت إفاداته كالآتي:
{ كيف ترى انطلاق المفاوضات بين الحكومة وحركات دارفور خلال الأيام القادمة؟
– أولاً أسمح لي أن نعيد تعريف الحركات إذ إننا لسنا بحركات دارفور وإنما حركات سودانية، أما المفاوضات فستبدأ من حيث تنطلق مبادي الجبهة الثورية السودانية، إذ إننا نؤمن بالخيارات السياسية كخيارات إستراتيجية لمعالجة القضايا وما الحرب إلا ضرورة مرحلة متى ما جنحت الحكومة للسلام العادل تجدنا نودع الحرب، ونأمل أن تكون الحكومة حريصة هذه المرة على السلام الشامل.
{ ماذا تريد الحركات لتحقيق السلام في دارفور؟
– حل الأزمة السودانية في دارفور يجب أن يتم في إطاره القومي ولا ينبغي النظر إليها بمعزل عن الحل الشامل في السودان، صحيح هناك وضعية خاصة في دارفور في ما يتعلق بالحرب وإفرازاتها وهذه تتطلب مخاطبة جذورها، ولكن الحل السياسي يتطلب الموافقه على إطاره الشامل في السودان. المؤتمر الوطني يدعي أن لديه رؤية سياسية فكيف بحركة ثورية قدمت أغلى ما عندها في سبيل ما تؤمن به أن لا يكن لها مشروع متكامل للحل؟ الصحيح أنه كلما طلبت منا رؤية في منبر تفاوضي كنا نرد على الوساطة قبل النظام برؤى مكتوبة ومترجمة حتى لا تحور، وما زالت مواقفنا واضحة وموثقة ولكن الأزمة الفعلية في طول الأزمة السودانية في دارفور وفي السودان بصورة عامة هي عدم وجود شريك راغب في التسوية السياسية الشاملة.
{ أكثر من (10) سنوات ولم يتحقق للحركات تحقيق أهدافها في إسقاط النظام، أليس من الحكمة الجنوح للسلام؟ وماهو رأيك في دعوة البعض لحق تقرير المصير للإقليم؟
– في السنوات العشر هذه جنحنا للسلام في أكثر من موقع بدأ بأبشي التشادية وأبوجا النيجيرية ثم الدوحة، وسعينا للسلام بكل صدق ولكن الحكومة لم تكن مستعدة للسلام وكانوا يستغلون المنابر التفاوضية للعلاقات العامة بينما يواصلون الحرب، ويمكنني التأكيد مره أخرى على موقفنا الداعي للسلام الشامل وإن لم تستجب الحكومة سنقاتلها إلى أن يقضي الله أمره، وكما ترى اتفاقية الدوحة فهي نموذج للاتفاقيات الفاشلة بشهادة موقعيه والأطراف الدولية والأفريقية، وستنتهي صلاحيته قريباً دون أن يحققوا أي إنجاز, فقط تمكنوا في خلال ثلاث سنوات أن يستوظف عدد قليل ممن وقع على الاتفاق وغنم القليل منهم بمن جاد عليهم به النظام، وبهذا تكون غاية من وقع على هذا الاتفاق المنفعة الشخصية وقد حصلوا على بعض منها. أما جماهير شعبنا في دارفور فلا يعنيهم هذا الاتفاق لأن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية اليوم أكثر سوءاً مما كانت عليه.
وبخصوص المطالبة بحق تقرير المصير أقول لا طبعاً…. حركة العدل والمساواة بنيت على أساس وحدة السودان ولا نقبل غير ذلك، ولكن الخوف من الأصوات الخافتة في الوقت الحالي قد يكون لها صدى في مقبل الأيام إذا تطاولت الأزمة، أما نحن فنبحث دوماً الحل الشامل للمشكل السوداني ولسنا منكبين على دارفور فقط.
{ مقاطعاً له: من دون النظر إلى أبعاد الحوار بين مكونات أهل دارفور الاجتماعية؟
– الدعوة للحوار الدارفوري الدارفوري في الوقت الحالي محاولة لاستعجال النهايات دون تحقيق أي إنجاز, وهي في الأساس كلمة حق في زمن الضلال والباطل، إذ لا يمكن أن يتم الحوار وأكثر من مليونين ونصف المليون في معسكرات النازحين؟ وأكثر من مليون منهم في معسكرات اللجوء؟ وكيف يتحاور أهل دارفور ومازالت الحرب القبلية مدعومة من الدولة؟ إذن ما يجري في هذا الخصوص عبارة عن مسرحية معدة ومحبوكة التوصيات في المركز وما على المتحاورين إلا البصم عليها دون إبداء أي ملاحظة.
{ حركة العدل تأثرت كثيراً بفقدان قائدها ورمزها د.”خليل إبراهيم” وضعف عملها الميداني والسياسي؟
– الدكتور “خليل” صحيح هو فقد كبير جداً للحركة ولكن ولأن الحركة عبارة عن مشروع هامش عريض لم ولن تتوقف بفقدانه وترانا حتى اللحظة نشكل تهديداً يرعب النظام. الدكتور “خليل” كان أمة بحالها ولكن الحركة فيها آلاف ممن يحمل ذات المنهج الذي تركه “خليل” وبالتالي لن توهن.
{ حركة العدل صمتت عن اغتيال القائد “خليل إبراهيم” ولم توضح ملابسات ذلك وسكتت عن الدول المشاركة في العملية؟
– تحدثنا في أول بيان أن جهات دولية وإقليمية ساعدت الحكومة السودانية في اغتيال الدكتور “خليل” وتم تشكيل لجنة بهذا الغرض، والإفصاح عن التفاصيل المفصلة قد تتطلب وقتاً وبيئة مناسبة تمكننا من ملاحقة الجاني قبل الإفصاح.
# هل قامت الحركة بالتحقيق حول حادثة الاغتيال؟ وإلى أين وصل التحقيق؟
– نعم تم تشكيل لجنة واستعانت اللجنة بمن رأته مناسباً وسيأتي الوقت المناسب الذي يمثل فيه الجاني أمام العدالة.
{ هل تقتنع حركة العدل بضرورة الحوار الوطني؟ وهل تثق في إمكانية أن تحدث تحولات في المشهد السياسي السوداني؟
– أيا كان المسمى (حوار وطني) (مفاوضات) أو (مؤتمر) أو غيره يمكن أن تحدث نقلة إذا كانت كل الأطراف المعنية به على قدر عالٍ من المسؤولية، الإشكالية الحالية في هذه المبادرات هي أن حكومة المؤتمر الوطني لا تعمل بمبادرات الآخرين ولا تحترم مبادراتها هي وهذا بيت القصيد، تبقى المشكلة في الحكومة وليس في الحوار الوطني، فإذا (اتصلحت) الحكومة وجدَّت في الحوار ومتطلباته حتماً ستكون النتيجة إيجابية حتى لو لم تشارك فيه حركة العدل والمساواة.
{ هل تتوقع إطلاق سراح المحكومين والمعتقلين سياسياً بخصوص قضية دارفور كجزء من تهيئة المناخ للحوار الوطني؟ وهل سترد الحركة بالمثل بإطلاق سراح الأسرى؟ وماذا بخصوص المعتقلين من أبناء الحركة السابقين مثل “علي وافي”؟
-هذه واحدة من الإشكاليات غير القانونية إذ إن أسرى الحركة لدى الحكومة يجب إطلاق سراحهم منذ العام 2010 بعد توقيعنا الاتفاق الإطاري مع الحكومة، وصدر مرسوم جمهوري وتم إطلاق سراح بعضهم ورفض جهاز الأمن والمخابرات إطلاق سراح البقية، نحن من جانبا لا نمانع أبداً أي عملية لتبادل الأسرى، وقلنا ذلك لأكثر من جهة ولكن الحكومة كعادتها ترفض، أما الممسوكين من أبناء الحركة السابقين فسوف يطلق سراحهم إن شاء الله.
{ المؤتمر العام السادس الاستثنائي انتخب الدكتور “جبريل إبراهيم” رئيساً للحركة، هل ستعقد الحركة مؤتمرها العام القادم في ظل ظروف طبيعية، وهنالك من يرى أن الحركة لم تصبح قومية في اختيار قياداتها والمؤثرين؟
– بطبيعة الحال المؤتمر القادم سيكون كغيره من المؤتمرات العادية للحركة سواء كان في ظروف الحرب هذه أو السلام، أما التشكيك في قومية الحركة فهذا أمر يكذبه الواقع وربما لا يحتاج كثير عناء لإثبات قومية الحركة من حيث الطرح والتشكيل، فمن يريد أن يتعرف على قومية الحركة فلينظر إلى أقوالنا وأعمالنا.
{ متى ستعود قيادة الحركة للخرطوم؟
– وقتما تمكنا من تحقيق السلام العادل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة السودانية بكلياتها، السلام الذي لا يعزل فيه أحد ولا يفصل على مقاس أحد، السلام الذي يخاطب القضايا التي قامت من أجلها الحرب ويحافظ على وحدة السودان.
{ ما هي العبر والدروس التي خرجت بها بعد كل هذه السنوات في حركة العدل والمساواة.
– تعلمت أن الحرب أصعب طريق في حياة الإنسان لا يلجأ إليها إلا عندما توصد أمامه كل الخيارات الأخرى، ويتركها وقتما لاحت بارقة في مخاطبة جذور الأسباب. ونحن لأكثر من (25) سنة ونحن نسمع بطرح هذه القضايا للحوار بل لم تتمكن الحكومة من مخاطبتها أو حلها، ونحن جلسنا معهم في أكثر من منبر سلام في عدة دول مع وجود وساطات مختلفة، وناقشنا كل هذه القضايا ولم نصل فيها لتسوية سياسية، إذن الإشكالية الحقيقية ليست في طرح هذه القضايا بقدر ما هي في مخاطبتها بشفافية، فطرح مثل هذه القضايا للحوار من باب الحوار لا يخاطب قضايانا ولا يعجل بتسوية شاملة لحل مشكلة السودان.
{ رسائل عديدة يمكن أن توجهها؟
-السلام الشامل في السودان أصبح مطلبا وطنياً وإقليمياً ودولياً، فإذا انضم المؤتمر الوطني لهذه النداءات فسيتحقق السلام.
{ حركة العدل ارتكبت خطأً سياسياً كبيراً بمشاركتها في القتال إلى جانب حكومة “سلفاكير ميارديت” في جنوب السودان؟ ما هي الدوافع إلى ذلك؟
– إلى أن يُقدم دليل مقنع على مشاركة الحركة في هذه الحرب تظل هذه إدعاءات تطلق من قبل من يريد أن يخطب ود المؤتمر الوطني. بعضهم يتهمنا بالقتال مع “رياك” ضد حكومة الجنوب، والبعض يتهمنا بالقتال مع حكومة الجنوب ضد “رياك” ولكن تبقى الحقيقة أننا لم نقاتل ولن نقاتل بجانب أي طرف ضد الآخر بل دعونا أطراف الصراع في بداية الأزمة بضرورة تحكيم صوت العقل وتفضيل الحلول السياسية ما أمكن ذلك. وجودنا شمال الحد الفاصل لعام 1956 لا يعني وجودنا في دولة الجنوب فقواتنا موجودة في مواقع سيطرت عليها وهي معلومة وتستطيع أن تتحرك وقتما رأت ذلك، والحكومة أكثر من تعرف أننا لسنا في الجنوب.
{ كيف تدير الحركة علاقاتها الخارجية؟
– لدينا مؤسسات في الحركة معنية بهذا الشأن ومكاتب خارجية في العديد من البلدان ولدينا علاقاتنا الإقليمية والدولية.