كيف ينهض السودان؟!
قال رئيس الجمهورية “عمر البشير” مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة في كلمته أمام المؤتمر الرابع للمؤتمر الوطني والذي انعقد بأرض المعارض ببري (الخميس) الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري، وحضرته قيادات من خارج الوطن وأحزاب سياسية بالداخل، قال إن تأمين الخدمات الأساسية للشعب يعتبر تحدياً حقيقياً، وقال أيضاً إن الحوار سيشهد تطوراً مهماً الأيام المقبلة.
لقد حظي رئيس الجمهورية بتأييد كبير من منسوبي المؤتمر الوطني ووضعوه على رأسه بنسبة تصويت عالية على منافسيه العشرة الأوائل، أو الخمسة في المرحلة الثانية أو الثلاثة في المرحلة الأخيرة والتي حسمها لصالحه بتلك النسبة العالية التي بلغت (75%) بعدد أصوات (266) صوتاً من مجموع (396) صوتاً. نعود إلى حديثه أمام المؤتمر عن تأمين الخدمات للمواطنين، فالشعب السوداني صبر صبراً لم يصبره شعب على حكامه.. فعندما جاءت الإنقاذ في الثلاثين من يونيو 1989م، كانت البلاد تواجه ظروفاً اقتصادية صعبة عانى فيها الشعب ما عانى حتى كانت كباية الشاي وفنجان القهوة من الأماني بسبب الندرة في سلعة السكر، ومن ثم ازدادت حياة الناس سوءاً بسبب الحصار الذي فرض على الدولة، هذا الحصار انعكس سلباً على المواطن المسكين، ولكن انفرجت الحالة بعد أن تفجر البترول وانتعش السوق بعائدات البترول وانخفض الدولار في مواجهة الجنيه السوداني، فأصبح الدولار يساوي جنيهين سودانيين.. ولكن حالة الرفاهية التي عاشها الشعب وليس كل الشعب إلا أنها أحدثت نهضة كبيرة في البلاد وانتعش الاقتصاد السوداني، ولكن كما يقال دوام الحال من المحال فعادت الحياة إلى قسوتها من جديد وتصاعد سعر الدولار في مواجهة الجنيه السوداني بسبب انفصال الجنوب، ولم يكن للدولة موارد تسد بها النقص في مجال العملة الأجنبية (الدولار) فعانى المواطن من جديد ومازال.. لذا فإن حديث السيد رئيس الجمهورية بأن تأمين الخدمات الأساسية للشعب تحدٍ حقيقي فهي حقيقة تحدٍ ولكن كيف المخرج، فالسيد الرئيس في ولايته الجديدة يجب أن يعمل على معالجة أخطاء الماضي التي وقعت فيها الدولة في فترة الحكم السابق، فالمواطن عانى ما عانى والكثير منهم هجروا الوطن بسبب الظروف الاقتصادية الطاحنة، فنحن نريد في المرحلة المقبلة أن ينعم المواطن باستقرار في المعيشة واستقرار في التعليم واستقرار في مجال الصحة. وهذه هي التحديات التي تواجه الحكومة في المرحلة المقبلة.. وليس ببعيد أن تتم معالجة كل الأخطاء. فكم من دولة خرجت من أزمتها الاقتصادية والآن في مقدمة الدول، وإن تجربة الصين وتجربة ماليزيا وأمامنا الآن تجربة تركيا، وقد قالها أحد الأتراك الذي يشارك في أعمال المؤتمر الرابع للمؤتمر الوطني. وقال لقد كانت تركيا رقم (27) في مجال الاقتصاد في العالم الآن أصبحت رقم (17)، وهي تعمل جادة لتكون من ضمن الدول العشر في العالم اقتصادياً.
نحن نريد أن نكون رقم (27) لتركيا والعافية درجات، ولكن كل هذا لن يتأتى إلا إذا تصافى أبناء الشعب السوداني ووضع حملة السلاح سلاحهم وجاءوا بقلب مفتوح للمشاركة في نهضة الوطن. وعلى المؤتمر الوطني أن ينسى الماضي وأن يمد يده بيضاء لكل أبناء الشعب في الداخل والخارج، ويدعوهم إلى بناء الوطن بدون استعلاء أو كبرياء أو استفزاز، فإذا تصافى الجميع يمكن أن تحدث النهضة التي حدثت في الصين وماليزيا وتركيا وإلاّ….