تحقيقات

معدلات الهجرة للمملكة السعودية هي الأعلى.. ومتوسط الهجرة (70) ألف سنوياً

اختصت بها معامل بعينها
فحص المهاجرين بقيمة (800) جنيه.. والمواطنون يجأرون بالشكوى
صاحب وكالة: نقوم بفحص تجريبي بقيمة (40) جنيهاً قبل التوجه للمراكز المعنية
رئيس اتحاد المعامل: المبلغ تم الاتفاق عليه رأفة بالمواطنين عقب دراسة وافية
تحقيق:هبة محمود
بات السودان ضمن الدول التي يهاجر أبناؤها بأعداد كبيرة يقصدون عدداً من الدول وأخرى بعينها مثل دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها الملكة العربية السعودية، ينشدون رغد العيش على أراضيها ممنين النفس بالمال الوفير، وتبعاً لازدياد هذه الأعداد سنوياً قام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي الست بتشكيل لجنة من المختصين مؤلفة من أعضائها لوضع الاشتراطات المطلوب توافرها في القادمين للعمل بالمنطقة، مع تحديد الفحوص السريرية والمختبرية والإشعاعية الواجب إجراؤها لهم للتأكد من سلامتهم الجسدية والنفسية سُميت مؤخراً بـ(اللجنة المركزية لبرنامج العمالة الوافدة)، وتنحصر مهمتها في وضع المعايير والأسس الواجب توافرها في المراكز الصحية التي ستوكل إليها مهمة إجراء هذه الفحوص مبتدئين بالبلدان التي تفد منها أعداد كبيرة من العمال.

غضبة المواطنين

قامت هذه اللجنة باختيار خمسة معامل بعينها في السودان لإجراء الفحوصات، ومن بينها الإيدز والكبد الوبائي، بيد أنَّ هذه المراكز باتت تغالي في القيمة المالية لهذه الفحوصات التي بلغت (800) جنيه وبخلاف هذه المراكز يعتبر الفحص لاغياً لمن ينشد إحدى دول المجلس. وكانت (المجهر) قد استشفت تلك الغضبة التي تبدت في وجوه بعض المواطنين ولسان حالهم ينطق بسؤال مفاده ما دور وزارة الصحة  تجاه ما يحدث؟
 
مراكز محتكرة

رغم الجهود المبذولة من المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي التي أسفرت عن تشكيل فرق فنية خليجية لفحص وتقويم المراكز الصحية التي تغطي حالياً أحد عشر دولة والتي تعرف بـ “الجامكا” أو “اتحاد المراكز الطبية المعتمدة من دول مجلس التعاون”، إلا إنها لم تضع في الاعتبار أنَّ أغلب الذين ينشدون السفر إلى إحدى دولها يعانون ضيق ذات اليد، ويضطر أغلبهم لبيع جل مايمتلكون لإكمال إجراءاتهم كيما يحظون بمهنة قد ترضي أو لا ترضي طموحهم لكنها الظروف الاقتصادية الطاردة، هذا بخلاف الذين يقعون في فخ العقودات الوهمية التي يوارون معها أحلامهم الثري. 
إنَّ إخضاع المسافرين للفحص الدقيق في بلدانهم عبر مراكز معتمدة يتزايد عددها يوماً عن الآخر قبل منحهم تأشيرات الدخول أمر لا غضاضة فيه خاصة أنَّ كل دولة من هذه الدول تنشد سلامة اراضيها من الأمراض الفتاكة، ولكن أن يتم استغلال نقطة ضعف هؤلاء المسافرين من قبل البعض ويصل سعر الكشف إلى (800) جنيه في مراكز بعينها محتكرة من قبل سفارات دول المجلس فهو أمراً يراه أغلبهم أشبه بـ(لي الذراع)، سيما أنَّ هذا الفحص الطبي يعاد مرة أخرى حال وطئت أقدامهم المنطقة المنشودة للتأكد من دقة ومصداقية الفحوص التي أجريت لهم في دولهم…

 احتجاج وتذمر
وبحسب “دفع الله أحمد حمد” أحد مواطني ولاية الجزيرة الذي بدا أكثر غضباً وهو يتحدث لـ(المجهر) فإنَّ (90%) من المواطنين يبدون احتجاجاً وتذمراً جراء دفع هذا المبلغ الذي يعد فوق طاقتهم، مبدياً تعجبه من جدوى دفع هذه القيمة المالية الكبيرة مع إمكانية إجراء هذا الفحص في أي مركز آخر، لأنهم أحوج ما يكونون لمبلغ (10) جنيهات خاصة أنهم يهدفون لتحسين أوضاعهم المعيشية؛ لذا فهم ينشدون الرحمة والرأفة بهم -على حد قوله.
ظن ليس في محله
“الزين الشكيري” ورغم أنه صاحب ومدير مكتب “الزين الشكيري” للاستخدام الخارجي وعضو المكتب التنفيذي لشعبة مكاتب الاستخدام الخارجي إلا أنَّ واقع هذا الحال لم يرضه. وقال في حديثه لـ(المجهر) إنهم يقومون بعمل فحص تجريبي للمسافرين لا تتعدى قيمته (40) جنيهاً قبل التوجه إلى أحد المراكز الخمسة المتمثلة في (المركز العلمي ـ مختبر شوامخ التخصصي ـ مختبر الرواد الطبي ـ مجمع الوارف الطبي ـ مختبر الطائف ) وذلك رأفة بهم وخوفاً من مغبة تلوث دم أحدهم بمرض يعيق من سفره ومن ثم يسترد أمواله التي دفعها، الأمر الذي جعلهم في وجه المدفع كمكاتب للاستخدام حيث إنَّ أغلب ذوى المسافرين لا يدركون الحقيقة ويرمون باللائمة عليهم وأتهامهم بالمغالاة في تكلفة السفر فأحجم البعض عن التعامل معهم ظناً منهم أنهم وراء ارتفاع قيمة الفحص.
ما هي الأسباب؟
ثمة أمر آخر تطرق له “شكيري” وهو أنَّ بعض المسافرين (تنقطع) أموالهم دون إيفائهم بمستحقات مكتب الاستخدام التي يعدونها بالسداد عقب استلامهم أول أجر في بلد المهجر، مشيراً إلى أنَّ معدلات الهجرة للمملكة العربية السعودية تعتبر الأعلى حيث يبلغ متوسط المهاجرين بحسب وزارة العمل حوالي (70) ألف مهاجر سنوياً، وطالب بالكشف عن حقيقة ما يحدث، متسائلاً عن الأسباب التي جعلت قيمة الفحص داخل معمل (الترا لاب) (400) جنيه في الوقت الذي تبلغ قيمته في المعامل الخمسة المذكورة (800) جنيه.
 مديونيات فحص
لم يكن المواطن “بلة رحمة” أحد أبناء مدينة سنار بأفضل حال من دفع الله، فكلاهما ينشد المملكة العربية السعودية والعمل في صحرائها يرعون ماشيتها بعد أن قاما ببيع كل ما يمتلكون للوصول إليها. وقال والد (بلة) لـ(المجهر) إنهم ابتاعوا كل ما يملكون من أغنام وأبقار فضلاً عن أخذهم قروض مالية وعدوا بتسديدها لاحقاً من أجل توفير منصرفات السفر التي بلغت حتى الآن حوالي (2000) جنيه دون إيفائهم بعمولة مكتب الاستخدام الخارجي ورسوم السفارة، ولفت لإجرائهم فحصاً تجريبياً بأحد المعامل لم تتعدَّ قيمته مبلغ (40) جنيهاً.
إنفاذ للوائح
واعتبر مدير وكالة (علم) للاستخدام الخارجي الأستاذ “علم الدين الفاضل عثمان” أنَّ ما يحدث بشأن تلك المراكز هو إنفاذ للوائح خاصة بدول مجلس التعاون الخليجي. ورفض إدراجها تحت مسمى الاحتكار. وفي السياق أكد “عماد صالح” المدير التنفيذي لمكتب (جوان) للاستخدام الخارجي، تآزرهم التام مع المواطنين عقب ارتفاع قيمة الفحص الطبي من (400) إلى (800) جنيه وهي زيادة تنوء عن حملها أكتافهم. وكشف عن الضرر الذي يقع على عاتقهم جراء هذه الزيادة مما يضطرهم كأصحاب وكالات بمؤازرة المواطنين وتخفيف الرسوم عنهم، مشيراً إلى أنه لا توجد جهة يبثون إليها شكواهم لرفع الضرر عن هؤلاء المواطنين.
 
اتفاق مسبق
وبينما يبدي غالبية المسافرين امتعاضهم جراء احتكار هذه المراكز الخمسة وتوليها عملية الفحص الطبي بدم قلوبهم- على حد وصفهم، يؤكد المدير العام للمركز العالمي، رئيس اتحاد المعامل الدكتور “فائز عبد الرحيم” أنَّ طبيعة الفحص ليس كما يتخيلها الكثيرون بأنها لا تخرج عن كونها فحصاً للإيدز والكبد الوبائي، مؤكداً أنها فحوصات أخرى متقدمة ومتعددة مشيراً إلى أنَّ مبلغ (800) جنيه تم الاتفاق عليه رأفة بالمواطنين عقب دراسة وافية مع أصحاب  المعامل الخمسة والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي.
وأردف “صالح”: (يجب أن يدرك المسافرون أنَّ المبلغ لم يوضع اعتباطاً فالأمر يتعلق بارتفاع الأسعار وغلاء الوضع المعيشي وزيادة مدخلات الفحص، وعندما بدأنا العمل في عام 2003م تم الاتفاق على رسوم تعادل قيمة (130) دولار أي حوالي (220) جنيها سودانيا ظللنا نعمل بها زمناً طويلاً مع ارتفاع طفيف إلى أن بلغت قيمته (400) جنيه، وبإجماعنا ومضاهاتنا لمبلغ الـ (130) جنيهاً بما يعادل سعر صرف اليوم وجدنا أنَّ المبلغ يصل قرابة الـ (900) جنيه سوداني فقمنا بمناهضتها لعلمنا أنها ثقيلة على كاهل المواطن المسكين.
بيان بقيمة الفحص
وبالتشاور مرة أخرى مع المكتب التنفيذي في مدينة الرياض” الحديث لصالح”  تلقينا بياناً بأن تكون قيمة الفحص بما يعادل مبلغ (80) دولار أي حوالي (700) جنيه ورأينا فيه صعوبة على المواطن واستمرت المشاورات إلى أن توصلنا لمبلغ (580) جنيهاً والآن بلغت الـ(800) جنيه.
وعن تحديد خمسة مراكز بعينها قال د. “فائز” إن هذه المراكز يتم اختيارها بواسطة لجنة من الكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي يبتعث لجنة سنوياً لإختيار مراكز معينة، ونفى أن يكون الأمر احتكار من قبلهم أو من قبل السفارة، بل المجلس التنفيذي هو الذي حدد هذه المعامل عبر لجنة مختصة يتقدم إليها عدد من المعامل سنوياً وتختار منها اللجنة ما تشاء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية