القطب الاتحادي مولانا "حسن أبو سبيب" في حوار الصراحة مع (المجهر)
هو من شيوخ الحزب الإتحادى الديمقراطي.. ظل ممسكاً طوال عقود من الزمان بأدبيات الحركة الاتحادية وتقاليدها.. وربما تكون معايشة الشيخ “حسن أبو سبيب” لمعظم تطورات الحركة الإتحادية – خلال العقود السابقة – قد صيرته رقماً لا يمكن تجاوزه.. وهو الأمر الذي أدى إلى رفض استقالته التي تقدم بها خلال وقت سابق، وواصل ضمن التيار الداعم للإصلاح السياسي داخل الحزب.
يقول “أبو سبيب”: (هناك انفصام تام بين القواعد والقيادات.. الهيئة القيادية هيئة مكونة من “40” شخصاً وهي لا تمتلك صلاحية عقد اجتماع أو الدعوة لاجتماع، إلا إذا كان الرئيس موجوداً.. والرئيس الآن في “لندن”، وقواعد الحزب تقف ضد المشاركة في الحكومة.. والقيادات الوسيطة ضد المشاركة.. والغالبية العريضة في الحزب ضد المشاركة التي تمت دون علمهم، ولم تصدر بها توصية من هيئة القيادة التي حلت محل المكتب السياسي الذي ذهب إلى رحمة مولاه منذ زمن بعيد)!!
هذا ما دفع به إلينا “أبوسبيب” في بداية حوارنا معه.. ما جعلنا نفتح معه عدداً من الملفات الملحة في حوار كشف الكثير من خلاله.. فلنرَ ماذا قال:
} مولانا “حسن أبو سبيب”.. هل مازلت منضوياً تحت مظلة الاتحادي (الأصل) أم انسلخت من الحزب؟
– لا، أنا قدمت استقالتي ورُفضت الاستقالة. ونحن – المجموعة الإصلاحية داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) – لم نكن تياراً منفصلاً، ولم نكن دعاة إنشقاق في هذا الحزب. نحن نريد لهذا الحزب أن يعقد مؤتمراته القاعدية وأن يعقد مؤتمره العام. الآن ليست هناك مؤتمرات قاعدية في هذا الحزب، المؤتمر العام لم ينعقد منذ العام 1967م. انعقد مؤتمر استثنائي في العام 2003م، أو 2004م، في “القاهرة”، وتم فيه اختيار المكتب السياسي من (114) شخصاً، وهؤلاء لم يتم اختيارهم بالانتخاب، وإنما بالتعيين.. ومنذ 2003م أو 2004م، لم يخضع المكتب السياسي للانتخاب ولم تجتمع الأمانات، وأصبح الحزب بلا مكتب سياسي منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. والمكتب السياسي المعين هذا فيه أناس ماتوا، وآخرون ذهبوا إلى المؤتمر الوطني، وفيه من تركوا الحزب ولزموا بيوتهم.
المكتب السياسي انتهى.. وعندما حدث هذا للمكتب السياسي تم تكوين هيئة قيادية بالتعيين وليس بالانتخاب.. ومنذ تكوينها وحتى الآن لم تجتمع، لأن رئيس الحزب خارج السودان في “لندن”.. وهي لا تملك صلاحية عقد اجتماع، والدليل على ذلك أن الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) ربما هو الحزب الوحيد الذي لم يعقد ندوة سياسية، منذ أن أتاحت الحكومة للقوى السياسية عقد الندوات السياسية.
} لماذا.. هل الحزب دخل في إجازة بعد سفر مولانا؟
– (مش لأنه الحزب في إجازة) لأن هناك انفصاماً تاماً بين القواعد والقيادات. الهيئة القيادية مكونة من (40) شخصاً، وهي لا تمتلك صلاحية عقد اجتماع أو الدعوة لاجتماع، إلا إذا كان الرئيس موجوداً. والرئيس الآن في “لندن”، وقواعد الحزب تقف ضد المشاركة في الحكومة والقيادات الوسيطة ضد المشاركة.. الغالبية العريضة في الحزب ضد المشاركة التي تمت دون علمهم، ولم تصدر بها توصية من هيئة القيادة التي حلت محل المكتب السياسي الذي ذهب إلى رحمة مولاه منذ زمن بعيد.. لذلك هذه الغالبية (ماخده موقف) وبعيدة تماماً ولا تعقد اجتماعات، لا في لجان الأحياء ولا في غيرها.
} ما رأيك في خطوات سير الحوار الوطني؟
– (والله شوفي).. الحوار قطعاً هو فكرة في حد ذاتها جيدة.. فكون أن يكون هناك حوار وأن تجلس كل القوى السياسية لتتحاور وتبحث عن مخرج لهذا البلد من أزماته، فهذا جيد. والحوار مبدئياً ليس هناك من يرفضه، لكن هناك استحقاقات يجب أن تتوفر لهذا الحوار.. يجب أن يتم في جو ديمقراطي واستماع للرأي والرأي الآخر وكفالة الحريات.. فإذا ما توفرت هذه الاستحقاقات وحددت الأجندة وحددت الوسائل وتم تحديد الأهداف فيمكن أن يصل الناس لما يريدون.
والحزب الحاكم الآن عنده مؤسسات سياسية.. حزب خاض الانتخابات وعنده إمكانيات وعنده برنامج.. أما أحزاب القوى السياسية الأخرى فهي منقسمة على نفسها، والمعارضة الموجودة هشة جداً. حزب الأمة منقسم إلى (9) أحزاب، والاتحادي الديمقراطي (الأصل) مقسم إلى (6) أحزاب.. (أحزاب ما قادرة تلملم أطرافها وتوحد فكرها.. كيف تخوض في حوار وهي مفككة.. وهي في هذا الوضع الذي لا يؤهلها لخوض انتخابات)؟!
أنا أعتقد أنه إذا لم تتوفر هذه الأشياء التي ذكرتها.. وإذا لم تلتئم صفوف القوى السياسية وتتوحد صفوفها، وإذا لم يتسع صدر المؤتمر الوطني ليستمع للرأي والرأي الآخر دون حجب للآراء ودون كبت للحريات ودون تكميم للأفواه.. إذا توفر هذا يمكن لهذا الحوار أن يتم.
} ما رأيك في خطوة تعديل قانون الانتخابات واستباق الحوار بهذه الخطوة؟
– هذا الحوار بحسب رأيي يجب أن يسبقه حل الحكومة الحالية وتكوين حكومة قومية انتقالية، تشرف على الحوار وتضع الأجندة ثم بعد ذلك يكون الحديث عن الانتخابات. أما الحديث عن الانتخابات الآن فأنا (أفتكر) أنه يعرقل عملية الحوار، ويجب أن يؤجل إلى ما بعد نتيجة الحوار. ثم بعد ذلك يمكن لهذه الأحزاب أن توفق أوضاعها وأن تعقد مؤتمراتها.. الحوار (نحن ما رافضنوا أبداً) لكن يجب أن يكون تحت مظلة حكومة قومية انتقالية.
} مولانا.. هذا رأيك أنت.. لكن رأي الحزب يختلف في ما يبدو.. موقف الحزب من الحوار ضبابي وغير واضح؟
– الحزب (لأنه حتى الآن ما قادر يقول…).. لكن هذا رأي قواعد الحزب ورأي جماهير الحزب.. لكن ما عندنا حزب نحن الآن.. (لأنه زي ما قلت لك ما في اجتماعات بتعقد في الحزب.. وما في زول عنده تحركات سوى هذه المجموعة.. مجموعة الإصلاح). والآن نحن في مجموعة (الإصلاح) عندنا مبادرة تقدمنا بها لجميع الفصائل الاتحادية، وهي دعوة لجميع الفصائل الاتحادية خلال ما تبقى من شهر رمضان الكريم لتكون معارضة قوية جداً، وتقوم بعمل جاد لإنقاذ هذا الحزب، ولعودة حزب الحركة الوطنية.. الحزب الذي لا وجود له الآن في الساحة السياسية.
} ما رأي مولانا “الميرغني” في الأوضاع داخل هذا الحزب.. هل هو راضٍ عنها؟
– والله هذا هو السؤال الذي (نحن ذاتنا بنبحث له عن إجابة). رئيس الحزب الآن خارج السودان.. في “لندن”.. وعنده هيئة قيادية حلت محل المكتب السياسي.. هذه الهيئة لم تتكون بالانتخابات، ولكن كونها رئيس الحزب.. وهو – في “لندن” – طلب منها أن تقوم بتقييم المشاركة وترفع له توصيتها. واجتمعت الهيئة التي كونها من (27) أو (28) شخصاً، ورفعت له توصية بالخروج من المشاركة، ورفض المشاركة، لأنها كانت قاصمة الظهر لهذا الحزاب.
} بماذا رد مولانا على توصيتكم؟
– حتى الآن مضى على هذه التوصية ما يقرب من الـ (5) شهور، ولم يرد عليها حتى الآن.. لا سلباً ولا إيجاباً.. وهذه مشكلة.. فالحزب الآن (ما قادر يتحرك).. (ما فيهو حركة) سوى من مجموعة الإصلاح التي تسعى الآن من أجل تفعيل مؤسسات الحزب.. (تفتكري) هل الحزب في هذا الوضع يستطيع أن يدخل انتخابات؟ أنا (أفتكر) أن حزب المؤتمر الوطني مؤهل لدخول الانتخابات في أي لحظة، لأنه عنده مؤسسات سياسية منتخبة ويعقد مؤتمرات وعنده صلة بجماهيره، وهو حزب قوي جداً ويملك كل المقومات التي يستطيع أن يخوض بها الانتخابات، والأحزاب الأخرى لا تملك هذا.. إلا إذا تكرم عليها المؤتمر الوطني وتفضل وأخلى لها دوائر تبرعاً منه.. وأي حزب يفكر في خوض الانتخابات في ظل هذا الضعف الذي يعتري كل القوى، فسينتحر.. دخول أي حزب من هذه الأحزاب لللانتخابات يعتبر انتحاراً، لأنها أحزاب لا تملك شيئاً.
} (الوطني) مصر على قيام الانتخابات في وقتها.. والسقف الزمني المتبقي للحوار (8) أشهر فقط. ما الذي يمكن أن يحدث في هذه الفترة المتبقية؟
– هذه الانتخابات، سواءً أصر (الوطني) أم لم يُصر عليها، هو يستطيع أن يخوضها كما قلت لك، لكن الأحزاب الأخرى أحزاب مضطربة.. أحزاب مشتتة.. والمعارضة الموجودة هشة ومشاكلها كثيرة.
} الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بأوضاعه التي وصفتها، هل…؟
– مقاطعاً: (يعاني الضياع الشديد يا بنتي).
} هل مولانا “الميرغني” على علم بهذا الوضع.. هل هنالك اتصالات بينك وبينه.. وهل تقوم بشرح وتوضيح هذه الأوضاع له؟
– هناك اتصالات بيننا.. (“الميرغني” ضرب لي تلفون.. وأنا اتصلت به).. وطبعاً هو أعطوه فكرة (ما مظبوطة).. قالوا له مجموعة “أبو سبيب” مجموعة منشقة.. وكذا وكذا. فأنا قلت له (والله نحن ما منشقين.. نحن نعمل تحت مظلتك أنت كرئيس للحزب، ولا زلنا ليس لينا بديل غيرك إلى أن يأتي المؤتمر). حتى الآن ما عندنا بديل غير “الميرغني” وما عندنا غير رئاسته هو وغير قيادته.. (لكن كمان نحن نريد لهذه القيادة أن تتحرك وأن تعمل). وقد شرحت لمولانا (كل الحاصل)، وقلت له: نحن اتصلنا بالمحليات ونحن نريد أن نحرك القواعد لتتحرك وتنشط كالأحزاب الأخرى الموجوة في الساحة.
لكن وضع الحزب الراهن الذي سببته هذه المشاركة الضعيفة الهزيلة من هؤلاء الوزراء الذين إذا حضروا لا يستشارون وإذا غابوا لا يفتقدون.. موظفون فقط ينفذون برنامج المؤتمر الوطني.
} هناك من يرون أن “الميرغني” بات زاهداً في الحزب؟
– إذا كان صحيحاً (يقول لينا عديل عشان نشوف لينا حل). والله نحن – إذا كان هو زاهداً – نريد أن نعمل، لأننا في هذا الحزب منذ أمد بعيد، منذ أن كان الحزب (الوطني الاتحادي)، ومنذ أن كان (الأشقاء)، ومنذ أن كنا طلاباً في (48) و(49).. وفي الخمسينيات كنا في هذا الحزب.. وحتى بلغنا من العمر الآن ما يقارب الثمانين سنة.. وعاصرنا كل القوى السياسية التي مضت.. وتلك القامات الكبيرة عاصرناها وعملنا معها. والحزب الآن مع الأسف الشديد يا (بنتي) يتعرض للضياع والانحسار. وفي صحف قبل أيام أن (الآلية) ستدخل في اجتماع مع “عمر البشير”.. والأحزاب التي ستدخل في هذا الاجتماع هي كلها أحزاب صغيرة منسلخة من الأحزاب الكبيرة، من الأمة ومن الاتحادي الديمقراطي الأصل.. فعلى هذه الأحزاب الكبيرة أن تحدد موقفها. حزب الأمة الآن حدد موقفه، والشعبي حدد موقفه، و(الاتحادي الديمقراطي الأصل يسوي في شنو؟ لا ندري حتى الآن).. غير أننا قرأنا في الصحف أن ممثل الحزب في اجتماع الرئيس هو “أحمد سعد عمر”. طيب.. (“أحمد سعد عمر” دا الاختارو منو.. الجابو منو)؟! أنا عضو في الهيئة القيادية.. فهل اجتمعت الهيئة القيادية لتحدد فلاناً أو علاناً؟! نحن في حيرة تماماً. الهيئة القيادية التي أنا عضو فيها منذ أن سافر مولانا إلى “لندن” لم تجتمع لأنها لا تملك صلاحية عقد اجتماع.
} هيئة لا تملك صلاحية عقد اجتماع.. ما ضرورة وجودها يا مولانا “أبو سبيب”؟
– هناك هيئة قيادية وأمين تنظيم كان موجوداً سافر قبل يومين.. هو ابن السيد “محمد عثمان”، السيد “الحسن”، ولم يحرك ساكناً.. لم يجتمتع بجماهير الحزب ولم يجتمع بالقيادات، لم يتحدث عن تنظيم الحزب.. (أخد ليهو شهر ومشى لحق والده في”لندن”).. (دا حال الحزب يا “بنتي”.. حاله مؤسف)!
} إلى ماذا تعزي هذا الحال.. هل هناك مؤامرة من داخل الحزب.. أيادٍ داخلية تحاول تحطيمه؟
– في الحقيقة هناك مجموعتان في الحزب.. مجموعة نسميها مجموعة المشاركين.. و(إمكن ديل هم السبب في ذلك).. وهؤلاء هم أصحاب المصالح الذين يريدون أن يكونوا وزراء.. أرادوا ذلك وتحققت أمنياتهم.. فالحزب ضياعه في أنهم متهافتون على السلطة وهم لا صلة لهم بالقواعد ولا بالجماهير، ويريدون أن يحافظوا على مصالحهم.. والمؤتمر الوطني لم يستفد من هذه المجموعة التي دخلت عليه سواءً كانوا أعضاء أو وزراء، غير أنهم – في تقديري – صاروا عالة عليه.
} متى سيعود مولانا “الميرغني” من”لندن”؟
– والله الغريب أن عودته أعلنت حوالي أربع أوخمس مرات.. يقال إنه سيعود في هذا الأسبوع.. وتمر الأسابيع.. ويبدو لي أن المسألة كلها (إشاعات).. والشائعات ما زالت موجودة تقول إنه (جاي).. لكن (ما في حاجة رسمية وصلت للناس عن عودته).
} هل صحته بخير؟
– صحته بخير، هو في حديثه معي قال لي (الحمد لله أنا تم شفائي وأنا ممكن أعود، وأنتم ممكن تتشاوروا وتتفاكروا).. يعني ما منعنا من التشاور ومن التحاور ومن التفاكر.. ولذلك نحن نعمل تحت مظلته هو.. ونحن لسنا تياراً منفصلاً ولا منشقاً.