رأي

أزمة الدراما (2)

الذين يشاهدون الدراما المصرية هذه الأيام لاحظوا أنها توشك أن تبلغ سن النضج. فقد اختفت تلك المبالغات واختفى الصراخ والزعيق. ولم تعد المسلسلات مثل أحداث الثلاثينيات، ولأول مرة نشاهد سيناريو يبدأ وينتهي بأحداث عادية تتخللها مفاجآت والممثلون يمثلون بهدوء وبصوت هادئ.
ولكنا أيضاً لاحظنا أن الدراما المصرية متأثرة بالسياسة في مصر فهي لا تزال تصر على تصوير الجماعات الإسلامية بأنها مجموعة من الإرهابيين وعصابات المافيا التي لا هم لها إلا النسف والقتل، وأنهم يحتضنون كل من له فكرة في صنع المتفجرات ويستخدمون أزياء خاصة ومظهراً ينفردون به يقوم على تلك الجلابية البيضاء واللحية والشارب الحليق، ومع ذلك يتحدثون عن ما قاله الرسول فارتبط اسم الإرهاب في الأذهان بالإسلاميين.
وأحياناً هناك مسلسلات تحاول أن تفسر لنا سر هذه الرغبة في العنف والاغتيال فتقول لنا إن هؤلاء نشأوا في بيئة غير صحية، فأصبح الإسلام في نظر البعض يعني التربية في بيئة غير صحية وأصبح الإسلاميون هم الذين يرتدون الجلباب الأبيض، ويلبسون الطرحة ويطلقون اللحاء ولا هم لهم سوى تدريب الشباب على الاغتيال. ولو عرف الذين ينتجون هذه المسلسلات الضرر الذي يسببونه للإسلام والمسلمين لما أقدموا على ذلك، فقد أصبح الجلباب في كل مطار هو المتهم ولا أعرف لماذا يصرون على أن لابس الجلباب هو وحده الإرهابي، مع أن الإرهابي يمكن أن يخفي نفسه داخل زي آخر فهو ليس غبياً لكي يعلن عن نفسه.
وهنالك ملاحظة أخرى على هذه المسلسلات المصرية أنها رغم تقدمها في الإخراج إلا أنها أكثرت من المشاهد الجريئة، فلأول مرة نشاهد في المسلسلات المصرية الرجل يقترب من وجه المرأة كثيراً جداً ويقبلها كثيراً في خديها، ولن يبق له إلا أن يقبلها في فمها، هل السبب هو تقلص نفوذ الإسلاميين في مصر. والمعروف أن المسلسلات المصرية تحظى بنسبة مشاهدة عالية وتجمع الأسرة وتسبب الحرج لأفرادها، فنأمل الانتباه إلى ذلك لتعود المسلسلات المصرية كما كانت. ويلاحظ أيضاً اختفاء المسلسلات الدينية هذا العام فنأمل عودة المسلسلات الدينية المصرية إلى عهدها الأول. ويلاحظ أنها تحرص على أن يكون هناك مسلسل يتحدث عن عمل وطني قام به أحد الجنود المجهولين، وهذا من الأعمال التي ينبغي الحرص عليها كل عام. ونأمل أن لا تتخلى المسلسلات المصرية عن هذه العادة، كما ونأمل تعاونها مع أختها السودانية التي هي الآن في سرير المرض، ولا يرجى شفاؤها إلا بتغيير كل الطاقم الموجود على رأس التلفزيون حالياً. فهؤلاء يظنون أن التشدد يرفع قيمتهم عند المسؤولين وما دروا أنه يهبط بهم عند المشاهدين. ندعو الله أن يستجيب لدعواتنا ويخلصنا من القابضين على أمر الدراما في التلفزيون فيريح منهم البلاد والعباد، وأن يقيض للدراما من يفهم أهميتها وأنها أفضل دعاية للسماحة، تدر دخلاً أكبر من دخل برنامج (أغاني وأغاني)، ومن لا يحولها (لاسكتشات) ساذجة كما هو الآن. نسأل الله أن يعيد الدراما لعهد “الطيب مصطفى”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية