ولنا رأي

التسول في "لندن" ولا بلاش!

لم تسلم أي دولة مهما كانت مكانتها من التسول والمتسولين.. فظاهرة التسول أصبحت شكلاً من أشكال التكسب ولكن تختلف طريقة المتسولين، ففي السودان انتشرت الظاهرة وتدفق المتسولون من دول غرب أفريقيا وغيرها من الدول التي طحنها الفقر، فلجأت إلى السودان بالطرق التي عرفت مؤخراً بالاتجار بالبشر، فأصبحت هناك عصابات تحاول الاستفادة من هؤلاء البسطاء فتقدم لهم المساعدة بالدخول إلى السودان، نظير مبلغ تحدده تلك الجهة. وعندما يدخلون يعتقدون أنهم دخلوا الجنان، وتبدأ رحلة التسول بالأسواق وهناك درجة قياس لاستدرار عطف السوداني، وهؤلاء يعلمون أن هناك حيل يمكن استخدامها للحصول على المال.. ولذلك نجد النساء يجلسن على الطرقات ويحملن أطفالاً رضعاً أو أطفالاً يقفون على الإشارات المرورية، وآخرين يحاولون تنظيف واجهات السيارات. كلها أساليب لجمع المال ولكن لا أحد يسأل من أين أتى هؤلاء؟ وما هي الجهة التي تحاول استخدامهم في هذا العمل؟ وكم من المال يحصلون عليه في نهاية كل يوم، وهل هنالك اتفاق مع الجهة التي تستخدمهم في تلك الظاهرة.
إذا قارنا بما شاهدناه خلال زيارتنا الأسابيع الماضية إلى “لندن” وما نشاهده الآن، نجد أن هناك اختلافاً كبيراً رغم أن الذين شاهدناهم هم أيضاً يحاولون استدرار عطف المواطن، ولكن بطريقة تختلف تماماً. ففي هذه مجهود كبير للحصول على المال، فمثلاً شاهدنا شخصاً وقد كسا جسده بأوراق من النبات، حتى إذا نظرت إليه تظن أنه شجرة ولم نكتشف ذلك، إلا عندما يحدث لك صوتاً ويتحرك من المكان الذي كان يقف فيه. ويظل الرجل هكذا طوال اليوم واضعاً أمامه إناءً تلقى فيها بعض القطع من العملة باختيار المواطنين دون أن يطلب من أحد ذلك، وهناك صور أخرى للحصول على المال، ففي إحدى الحدائق العامة بمدينة “لندن”، شاهدنا رجلاً قد قيد بالسلاسل وأغلقت تلك السلاسل بأقفال محكمة، فيبدأ الرجل في إحداث أنواع مختلفة من الحركات، مبدياً قوته واستطاعته فك تلك السلاسل. وتبدأ الجماهير الانفعال والصياح مع الحركات التي يقوم بها الرجل.. ظناً منها أن الرجل لن يستطيع الفكاك من السلاسل التي ربط بها، وتزداد درجة الانفعال مع الرجل وهو يطالب بإلقاء مزيد من المال حتى يفك تلك السلاسل. وفي حالة الاستجابة يبدأ في تكسير السلاسل واحداً تلو الآخر. أما الصور الأخرى التي شاهدناها وهي حالة أشبه بالتسول ولكن بطريقة تختلف عن تسول شعوب العالم الثالث، رغم أن أولئك المتسولين هم أيضاً من دول العالم الثالث. فهؤلاء يقدمون طريقة جديدة كاستخدام الآلات الموسيقية والغناء والرقص بأسلوب راقٍ وجديد من أجل الحصول على المال، فتجد المواطن الانجليزي مجبراً على الوقوف للاستماع إلى الموسيقى، ومن ثم وضع مبلغ من المال في إناء وضع لذلك.. فهؤلاء المتسولون لا يحدثون ضرراً كبيراً على المجتمع، كما الذي نشاهده الآن في السوق العربي وغيره من الأسواق التي غزاها المتسولون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية