رأي

اكتظاظ الفصول!!

} اشتكى مدير الإدارة العامة للتعليم بـ(محلية كرري) من عمليات الاختلاط والاكتظاظ بمدارس المحلية، مشيراً إلى أن الفصل يضم ما بين (120 – 195) تلميذاً، وكشف عن إصابة ثلاثة من المعلمين بالجنون والذهول بسبب الاكتظاظ، بجانب أنهم يدرسون أكثر من طاقتهم.
} هذه هي المرة الأولى التي أعرف فيها أن ازدحام الفصول يمكن أن يصيب بأمراض نفسية، لأننا عندما كنا ندرس كانت الفصول مزدحمة، ولكن ذلك لم يمنعنا من أداء واجبنا نحو التلاميذ، وقد درست في مدارس مختلطة في ضواحي الخرطوم، ولم يحدث أي شيء يمكن أن يؤثر على الأمن أو يصيبنا بالذهول.
} لقد درست في فصل بـ(مدرسة الخرطوم الثانوية) به حوالي مائة طالب، وكنت أقضي ساعات في تصحيح كراساتهم إذا أعطيتهم تمريناً، وكان ذلك أمراً عادياً لا يثير دهشة أحد. المشكلة التي كنت أواجهها دائماً هي كيفية الوصول إلى كل التلاميذ، لأن الاكتظاظ يمنع المرور بين صفوف الطلاب، لكن ذلك لم يمنع أدائي لواجبي. وكنت أضطر لرفع صوتي حتى يسمعه طلاب الفصول الأخرى، وبعد كل حصة أضطر لشرب كوب به محلول ملح لاستعيد قدرتي على الكلام، ولن أزعم أنني كنت سعيداً بذلك، فقد أدركت أن هذا قدري وأن التلاميذ لا ذنب لهم.
} لكن المعلم في مثل هذا الفصل يحمل هماً إذا أعطى التلاميذ تمريناً وعليه تصحيحه، لأنه سيقضي عدة ساعات في أداء عمل لا يستغرق عادة أكثر من ساعة واحدة، كما أنه لن تكون هناك فرصة لممارسة نشاطات أخرى مع الفصل هي ضرورية لترسيخ المادة، وهي تبدو في ظاهرها أنها ترفيهية لكنها في الواقع ضرورية، فالزحام يفرض عليك إلغاء أي شيء غير تدريس المادة، ورغم ذلك كنا نحرص على أداء الحصص لأننا بحاجة إلى الدخل الإضافي من فصول اتحاد المعلمين. وأنا بالذات كنت لا أعود إلى منزلنا بعد انتهاء الحصص، بل أنوم داخل المكتب حتى موعد الفصول المسائية عندما كنت بـ(مدرسة الخرطوم الثانوية).
} أراد الله أن تكون مدرستي التالية عكس (الخرطوم الثانوية)، كانت (مدرسة الجيلي الثانوية) قليلة الطلاب – أي في حدود الأربعين – ولهذا استطعت في تلك المدرسة تجويد عملي لدرجة أن طلابي لازالوا يذكرون أيامي بالخير.
} أذكر أن طالباً كان ابن وزير شهير، وكان يستغل ذلك أبشع استغلال لدرجة أنه أقسم في أحد الأيام أنه لن يجلد وتحداني إن كنت أستطيع جلده، وقد اضطررت أن أنزل إلى مستواه وأتحداه إن كان يستطيع منعي من جلده، وعندما كنت استعد لمنازلته في الملاكمة وافق على جلده، وكرر هذا الموقف مع أستاذ آخر اضطره أيضاً لتحديه قبل أن يوافق على جلده.
> سؤال غير خبيث
هل اكتظاظ الفصول يسبب الجنون أم نقص الكتب المدرسية؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية