رحلتي إلى القاهرة (4)
بعد الامتحانات عدت إلى السودان، إلا أنني علمت بعدها أن هناك مجموعة من الطلبة السودانيين قبلوا بكليات لم تكن رغبتهم فجلسوا لامتحان الشهادة الأزهرية مثلي مجازفين، إما تحقيق رغباتهم وإما العودة إلى كلياتهم، ولكن رغم قصر المدة التي جلس فيها الطلبة السودانيين لامتحان الشهادة الأزهرية المصرية ولم تكن لهم علاقة بالمنهج المصري إلا أن الجميع حصل على درجات عالية مكنتهم من دخول الطب مثل الراحل “كمال حنفي منصور” و”صلاح عبد العزيز” و”عز الدين محمد علي” و”محمد الفاضل” و”مصطفى الجوخ”، بينما التحق آخرون بكلية الزراعة وهذه كانت رغبتهم، مثل “إبراهيم الحلفاوي” و”الرشيد” من أبناء كسلا، و”عصام خليل” وعدد آخر التحق بكلية الشريعة منهم “الصاوي البخيت” و”عيدبة خليل” و”طه الشايقي” وغيرهم من الطلاب، وهناك الذين التحقوا بكلية الإعلام منهم “عصام شرفي” و”سفيان أبو نورة” و”سفيان محمد عثمان” و”محمد الشيخ حسين” و”فيصل محمد صالح” و”راشد عبد الرحيم”، وهناك مجموعة بكلية العلوم من بينهم “حسن البطري” و”محمد صالح الحلبي” وآخرين استطاعوا أن يحققوا رغباتهم فيما يريدون من العلم.
بعد أن عدنا من الإجازة نزلت في فندق (فلسطين) بالعتبة، ومعي الصديق “صلاح عبد العزيز” الطبيب الآن ويعمل بأمريكا.. في المساء جاء إلى الفندق الصديق الدكتور “موسى عمر محجوب” و”عبد المنعم سلامة” ووقتها لم أعرف “عبد المنعم” على الرغم من أنه من أبناء أم درمان، ولكن علاقته كانت بـ”موسى عمر”، و”موسى” كان جاري بالثورة.. دخلا الفندق وأصرا علي أن (أعزل) من الفندق وأذهب معهما إلى الشقة التي يسكنان فيها بشارع (مصر والسودان).
“عبد المنعم سلامة” كان يدرس تجارة، و”موسى” تحول من بيطرة (الخرطوم) إلى طب (عين شمس).. حملت حقيبتي وذهبت معهما إلى الشقة، وفيها التقيت لأول مرة ببعض الزملاء وهم جميعاً من أولاد أم درمان “عبد الله أحمد المحجوب”، “الفاتح البحر”، “كمال شريف”، “تاج الأصفياء حسين” “حموري” و”كرار” وهؤلاء تحولوا من جامعة الخرطوم إلى طب (عين شمس)، و”فيصل بشرى” كان يدرس بتربية (عين شمس)، كانت مجموعة متجانسة وأصفياء وأنقياء، ما زالت العلاقة متواصلة بينهم حتى اليوم رغم مرور أعوام طويلة، وجاء من بعد ذلك الزميل “عماد الخير الشفيع” الذي التحق أيضاً بطب (عين شمس).. الشقة كانت تقع على الشارع الرئيسي بشارع (مصر والسودان) المتجه إلى حدائق القبة، وتحمل الرقم (77)، ومواجهة لمسجد (الشيخ كشك)، ومسجد (الشيخ كشك) يوم الجمعة بمثابة يوم العيد يتقاطر آلاف المصلين لأداء صلاة الجمعة معه، وعلى الرغم من أن المسجد مكون من أربعة طوابق، إذا لم تأت عند الحادية عشرة فلن تجد لك مكاناً لتصلي فيه، وكثير من المصلين كانوا يؤدون الصلاة على الطريق الذي يغلق تماماً في تلك الساعة، وبعد الصلاة تأتي قوات الشرطة لتنظيم حركة السير، بجانب عدد كبير من التجار الذين يروجون لبضاعتهم من الملبوسات والمأكولات وغيرها من الأصناف.
الشيخ “كشك” رحمة الله عليه على الرغم من فقده بصره كانت بصيرته حاضرة، وكان ملماً بكل ما يجري على الساحة السياسية المصرية، كان منتقداً لنظام “السادات” انتقاداً لاذعاً، ومحدثاً لبقاً وصاحب صوت جهور ومؤثر، لذلك كان المصلون يسجلون كل خطبه يوم الجمعة وكانت تباع بأغلى الأثمان، ولا تمانع السلطات ولا تعترض على انتقاده لها، فحظي الشيخ “كشك” بشعبية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم، وكنا نحرص على أداء الصلاة معه ولم تفتنا أية صلاة معه.
نواصل