تقارير

القوى السياسية للوطني: أمامك الفرصة الأخيرة للحوار !

كان عنوان الندوة التي حُشد لها عدد كبير من القوى السياسية ظهيرة الأمس(الاثنين) بمركز الشهيد الزبير، التي أتت تحت مسمى (فرص الحوار والوفاق الوطني في ظل التحديات الراهنة)، كان بمثابة قراءة أولية لحزمة مطلوبات وتحديات يبدو أنها سوف تمور بجسد الساحة السياسية خلال الفترة القادمة، كما أنها حوت عدة إشارات وتنبيهات مهمة أشار لها قادة القوى السياسية، الذين تباروا في الدفع بما يرونه مناسباً لمرحلة مهمة في التاريخ السوداني الحديث.
بدأت الندوة التى جُذبت لها كثير من الأجهزة الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية، بفذلكة تاريخية عن حتمية الحوار والسلام في العالم، قدمها د.»مصطفى عثمان إسماعيل» الأمين السياسي للمؤتمر الوطني. واستعرض من خلالها الحقب التي مر بها العالم من حولنا منذ نشوب الحرب العالمية الأولى وحتى فترة القطبية الأحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، قاطعاً بأن الحكومات لم تعد قادرة على احتكار القرار لوحدها أو السيطرة على المواطن في ظل ثورة المعلومات والاتصالات التي غزت العالم، منوهاً إلى أهمية أن يواكب السودان هذه المرحلة، مبيناً أنه يحتكم لتجارب عديدة في الحوار الوطني.
وأشار د.»مصطفى» إلى أن البعض يقول إن إطلاق المؤتمر الوطني للحوار كان نتيجة لضغوط خارجية. ويقول آخرون إن النظام في أضعف حالاته، وآخرون يقولون إنها محاولة تكتيكية من المؤتمر الوطني. وفيما لم يرد د.»مصطفى» على كل ذلك صراحة إلا أنه رد على ما أثاره ضمنياً، بقوله إن المؤتمر الوطني يسعى إلى تقليل التكلفة التي يمكن أن يستمر بها، مشيراً إلى أن تكلفة الحرب في حال فشل الحوار لن تكون فقط في البشر وإنما ستطال مجمل الأوضاع. وزاد:(لا نريد تكلفة عالية يحكم بها المؤتمر الوطني)، لافتاً إلى أن خطاب رئيس الجمهورية الأخير دعا من خلاله إلى الحوار بدون سقوفات وطرح ركائز أساسية، قال إنها تؤرق ذهن الإنسان السوداني وهي السلام والحريات والهوية والاقتصاد، مؤكداً أن طرح هذه الركائز لا يعني بالضرورة غلق الأبواب أمام الأطروحات الأخرى.
وكشف د.»مصطفى» أن المؤتمر الوطني أجرى عدداً من الحوارات بعد خطاب الرئيس الأخير قال إنها ليست لوضع الأجندة، وإنما للإجابة عن ثلاث أسئلة مثل كيف نبدأ وماهي الآلية التي يمكن من خلالها أن نطرح موضوعات الحوار وتقوده، بالإضافة إلى تحديد المدى الزمني للحوار، مجدداً التأكيد على أن المؤتمر الوطني يسعى إلى خارطة طريق واحدة، يحاسب عليها الشعب القوى السياسية ومجريات حوار يتابعها أيضاً الشعب السوداني.
جدية الوطني
الوزيرة «إشراقة سيد محمود» القيادية بالحزب الاتحادي الديمقراطي (المسجل)، بدأت حديثها بتنبيه الشباب إلى أهمية قيادة حوار فكري كبير يمكن أن يسهم في دفع عجلة الحوار إلى الأمام. وقالت إن الحزب تلقى دعوة رئيس الجمهورية للحوار بترحاب شديد. ودعا حزبها كافة أجهزته السياسية إلى تدارس الدعوة، واصفة دعوة المؤتمر الوطني للحوار هذه المرة بالجادة والواضحة المعالم، خاصة وأن حامل لوائها هو رئيس الجمهورية، داعية في ذات الوقت بقية القوى السياسية إلى ضرورة أن تتلقى هذه الدعوة بكثير من الجدية.
وتابعت «إشراقة» لافتة إلى أن الدعوة إلى الحوار مهمة جداً، واصفة إياها بالشاملة. وقالت إن من أول مؤشرات النجاح أن تكون الدعوى شاملة لكل القوى السياسية ولكل أبناء السودان ومصحوبة بدعوة حقيقية للإصلاح. وأضافت: نحن في الاتحادي نريد أن نتفاكر حول الوسائل حتى تخرج تلك الدعوى، من كونها أوراقاً إلى حوار حقيقي عبر آليات معينة.
ودعت القيادية بالحزب الاتحادي (المسجل) إلى تكوين لجنة للحوار للفكر الوطني تجلس عليها كل القوى السياسية، وأن تكون دعوة إستراتيجية للفكر الوطني تضم كل رموز وأطياف المجتمع. ونبهت إلى حزمة من التحديات التي قالت إنها تواجه الوفاق الوطني في الوقت الحالي، مثل جدية الدعوة التي أكدت أنها ينبغي أن تكون حقيقية وشاملة. والتحدي الثاني هو الالتقاء حول الدستور القادم معتبرة إياه أول محطة من محطات الدستور والوفاق الذي ينبغي أن يجتمع حوله كل الناس. والتحدي الثالث هو السلام العادل، ونبهت إلى أهمية أن يؤثر التفاوض الذي يدور في «أديس أبابا» حالياً على وضعية الدستور، موضحة أن لا تكون الاتفاقية مرجعية للدستور القادم، مردفة أن التحدي الرابع يتمثل في الإصلاح، مشيدة بالتقدم الكبير الذي طرأ على الإنقاذ منذ قيامها في (89) في مسألة الحريات العامة والحريات الصحفية. وأكدت أن الإنجاز الحقيقي تمثل في قدرتها على الحفاظ على وحدة السودان.
فرصة واحدة للحوار
عندما قدم مقدم الندوة ممثل الحزب الاتحادي (الأصل) «تاج السر محمد صالح»، انبرى القيادي المعروف «عثماناب» إلى التعليق مضجراً (وهو كم اتحادي أصلو)، ولكن المتحدث باسم الاتحاديين «تاج السر» مضى إلى امتصاص ضجر «عثماناب» بقوله (أخصه بتحية خاصة) ومضى إلى التأكيد على أن الحوار ليس لديه فرص متعددة مثلما يشير عنوان الندوة، ولكنه أكد أن هناك فرصة واحدة قال إما أن ندركها وإما على الدنيا السلام. وأردف: ضاق الخناق وهناك انسداد كبير في الأفق، معتبراً أن جدلية الحوار في هذه الفترة بالذات تم طرحها في فترة مواتية. وتابع: لايوجد الآن حزب واحد يستطيع أن يحدث التغيير لوحده. وقال إنهم يسمعون إلى الحوار منذ عام (94)، مؤكداً أن ضرورة الحوار يكاد يتفق عليها كل السودانيين. وتابع: البلد لا تحتمل فواتير حرب جديدة. واستعرض القيادي بالاتحادي الديمقراطي المبادرات التى طرحها الحزب الاتحادي الديمقراطي لتقريب وجهات النظر بين فرقاء السياسة السودانية. وزاد: الآن هناك قناعة تامة بأنه لابد من حوار لحلحلة مشاكل السودان.
ولم يفوت القيادي الاتحادي السانحة قبل أن يختم حديثه، داعياً الشباب إلى ضرورة الضغط لتنفيذ موجهات الرئيس في الحوار. وقال مخاطباً الشباب وملوحاً تجاه المنصة التي تضم قادة الاتحادي بشقيه والأمة والوطني (ديل المرة الجاية كلهم ح يكوونوا مافيشين) ثم استدرك مضيفا (إلا «إشراقة سيد محمود») وهو الأمر الذي أطلق الضحكات داخل القاعة. وأردف: (ناس الإنقاذ كان رأسهم قوي ولكنو هسه بقى لين). وختم محذراً: إذا لم يقف السودانيون ويتراضوا على شيء فلا حول ولا قوة إلا بالله).
نائب رئيس حزب الأمة القومي «صديق محمد إسماعيل» رأى أن يبدأ حديثه بالتحديات التي تواجه الحوار القادم قائلاً (إن هناك تحديات داخلية وخارجية تتمثل الأولى في رتق الجبهة الداخلية ووصف السودانيين بأنهم ليسوا على قلب رجل واحد، ولكن أشواقهم تجتمع على أن يكون السودان متماسكاً)، مبيناً أن التحدي الآخر يتمثل في وجود بعض القوى السياسية التي لم يسمها. وقال إنها لا تملك رؤية واضحة للخروج من الأزمة وليس لها هدف في تحقيق الأمن والسلام، لافتاً إلى أن حكومة الإنقاذ ظلت تتمسك بالسلطة طوال الفترة السابقة وتستعصم بالقوة دون أن يكون هناك منطق للقوة.
وأشار نائب رئيس حزب الأمة القومي إلى حزمة التحديات الخارجية التي تواجه البلاد. وقال إنها تحديات إقليمية ودولية تتمثل الأولى في التحديات التي تحيط بالبلاد، ووجود بعض المشاكل في دول الجوار ووجود كثير من العناصر التي تعمل على تأزيم العلاقات، منوهاً إلى أن العامل الدولي يتمثل في الحصار الذي يتعرض له السودان منذ العام (89) نتيجة لسوء علاقاته مع المجتمع الدولي. وأردف:هذه هي التحديات وإذا لم نجد لها حلولاً فلن نستطيع معالجة الأزمة.
ومضى الفريق «صديق» إلى الاتفاق مع من سبقه في ضرورة توفر الحوار، قائلاً إنه لا توجد وسيلة لتحقيق ما نريده سوى بالحوار، إلا أنه أبان أن للحوار مستحقاته أولها في أن يكون شاملاً وقومياً ويشمل جميع مكونات السياسة وكل القضايا الأخرى، لافتاً إلى غياب قوى اليسار من الندوات التي تنظمها مؤسسات المؤتمر الوطني الشبابية. وتساءل: (أين «محمد مختار الخطيب» سكرتير الحزب الشيوعي وأين «هالة عبد الحليم» زعيمة حق). وأضاف أدعوهم ودعوهم يقولون ما يقولون لأنه من الضروري أن ندعو إلى فتح هذه المنافذ حتى وإن لم يرضَ آباؤهم الكبار، مشيراً إلى غياب الثقة بين القوى السياسية والمؤتمر الوطني، معتبراً أن من تحديات الحوار الآن هو كيفية دفع المؤتمر الوطني لتعزيز ثقته مع الآخرين. وأردف: كما أن على القوى السياسية أن تعطي رسائل إيجابية تؤكد للوطني جديتهم في الحوار، خاتماً بقوله:(هذه المعاني ليست صعبة على السودان في أن يحققها).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية