(المجهر) في حوار الصراحة مع د. "أسامة توفيق" القيادي بحزب (الإصلاح الآن) "2-2"
يبدو أن حالة (التململ) وسط مجموعة الإصلاحيين المنشقين عن حزب المؤتمر الوطني لم تبدأ قبيل مذكرتهم الشهيرة التي دفعوا بها لرئاسة الجمهورية والحزب سبتمبر الماضي والتي دفعوا ثمنها، وإنما كانت حالة (التململ) والمطالبة بالإصلاح قد ظهرت بوادرها عقب مفاصلة الإسلاميين الشهيرة.
وبعد أكثر من (13) عاماً مضت (مجموعة الإصلاحيين) وشقت عصا الطاعة، وشكلت حزبها الجديد (الإصلاح الآن).
عندما طلبت (المجهر) محاورة “د. أسامة توفيق” عن رؤى الحزب رفض إجراء الحوار في البداية بحجة أن حزب (الإصلاح الآن) يفرد المساحات والفرص للدماء الشبابية للتعبير عنه.. وطلب أن نعطي الفرصة لرئيس لجنة التعبئة بالحزب “ضياء الدين حسين”.. إلا أنه بادر باستقبالنا بمكتبه بدار الحزب ثم جاء الحوار معه تلقائياً. وما بين أمنية المناضل “مارتن لوثر” وحلمه الذي تحقق بعد (60) عاماً، كانت أحلام الإصلاحيين التي بدأت تتبلور بعد مجاهرتهم وخروجهم علناً بفكرهم وقولهم إن الفيصل بينهم والمؤتمر الوطني صندوق الاقتراع القادم، فيما لم يقطعوا أملهم من محاورة الوطني بشرط أن ينحصر حوارهم في قضايا الوطن.. فإلى الحوار.
} قلت إن وثيقة الإصلاح قدمتموها يوم 2 ديسمبر للرئيس.. ما هي بنودها؟
– طرحنا رؤى وأفكاراً إصلاحية للحزب وللحكومة، وهي امتداد لحوارات داخلية نقدية للتجربة السياسية عامة. ويحتل الإنسان موقعاً محورياً مع الإصلاح من ناحية أمنه وتحقيق رفاهيته، ثم الوطن ووحدته وتبني المواطنة وقومية الأجهزة التشريعية والتنفيذية، بالإضافة إلى تبني السلام كشرط لإقامة العدل، والتوافق لبناء الدولة الوطنية الحديثة، ونبذ الجهوية والقبلية.. بجانب الاتجاه للمصالحة الوطنية والتفاعل مع المحيط الإقليمي والعالمي، ثم التنمية والتحديث لإرساء دعائم النهضة، وهي وثيقة من (9) أوراق تفسر هذه المفاهيم كل على حدة.
} هل هنالك أي اتصال بينكم والقوى الإصلاحية داخل المؤتمر الوطني التي وصفتها بـ (الضاغطة)؟
– الآن ليس بيننا أدنى تنسيق، وهم يعملون وفقاً لأفكارهم، وأعتقد أن تيار الإصلاح صار متنامياً.. والإصلاح الملح الآن بالدولة أعتبره كحلم “مارتن لوثر” الذي تحقق له في النهاية،
ونحن ثقتنا في أنفسنا كبيرة جداً وفي الشعب السوداني المبدع، فشعب الثورات أكبر.. وموعدنا صندوق الاقتراع.
} (مقاطعة): هل تعني أن الحزب جاهز الآن لخوض الانتخابات المقبلة؟
– لو الانتخابات قامت (اليوم ده) نحن جاهزون.. وما ذهبنا إلى مكان إلا ووجدنا الترحيب.
} هل اكتمل تسجيل حزبكم؟
– لم يكتمل بعد ومازال تحت التأسيس، لكن خلال شهر سنعقد مؤتمرنا العام ويصير التسجيل نهائياً.
} كم بلغ عدد عضوية حزب (الإصلاح الآن)؟
– نحن عضويتنا كل أهل السودان، لأننا نطرح أنفسنا كبديل، وهذا الكلام ليس تمنياً أو خيالاً.. فمثلاً الشباب تحت سن (24) سنة، الذين جاءوا بعد الإنقاذ، لن تجدي فيهم منتمياً لـ (المؤتمر الوطني).. فقد وصلوا إلى مرحلة كرهوا فيها التجربة والتطبيق (بتاع الناس ديل).. وهناك شباب (قدّو السلك بي هناك) وفسدت عقيدتهم، وهناك من أصبحوا علمانيين.. فالنظام أساء للتجربة بالتطبيق الخاطئ.
} هنالك إشاعة تقول إن هنالك حواراً يجري في الخفاء بينكم و(الوطني).. ما مدى صحة ذلك؟
– أنفيه جملة وتفصيلاً، و(على المصحف كمان).
} وكنت قد اعتبرت دعوة الوطني لكم للحوار (عزومة المراكبية)؟
– لو أراد (الوطني) محاورتنا حول قضايا الوطن، فليوفر المناخ الملائم.. (ما ممكن تحاورني وأنا مقيد أو تحاورني وأنت تضع مسدساً على رأسي.. دي عزومة مراكبية).. ولا بد أن يحدد إطاراً، وأي شخص يطلب محاورتنا حول قضايا السودان فنحن نرحب به.
} هب يمكن أن تحاور (الجبهة الثورية)؟!
– إذا كان ذلك سيساهم في تحقيق السلام ووضع السلاح وحقن الدماء.
} وما شروطكم؟
– نحن ننبذ العنف ونرفض حمل السلاح وندعو لتداول سلمي حول السلطة.. (نقول ليهم تعالوا نقعد في الواطة ونحل مشاكلنا.. إنت مشكلتك مشكلة تنمية.. نحلها، مشكلتك عدالة اجتماعية نوفرها ليك).. وهكذا.
} اتهمكم البعض بأنكم حزب نخبوي يطرح نفسه عبر (الكي بورد)؟
– ثورة 25 يناير في مصر قامت بـ (الكي بورد) عبر (الفيس بوك)، والآن الشباب أصبحوا أكثر تعاملاً مع الأسافير، وأذكر هنا طرفة، إذ أرسل لي أحدهم ورقة امتحان تخص طالباً في الأساس، وفيها سؤال يقول: (كيف صوَّر الشاعر هذا البيت)؟ فأجاب الطالب: صوره بجهاز (جلكسي نوت2)!! إذن نحن تيار جماهيري ولغتنا لغة سهلة.
} هناك اتهام شخصي لك بعدم خروجك من جلباب المؤتمر الوطني في تصريحاتك.. إذ ما زلت تستخدم عبارات من شاكلة (ألحس كوعك) و(المشتهي الحنيطير يطير)؟!
– (دا كان في تصريح رديت فيه على “فاروق أبو عيسى” عندما طلب أن نغتسل (7) مرات ليقبل عضويتنا في قوى الإجماع الوطني.. قلت ليهم مش دا “فاروق” القال عليهو “نافع” (ألحس كوعك).. وقال عليهو “الصادق المهدي” طرور)!! نحن لغتنا إصلاحية توفيقية.. وأنا من هنا عبر هذا الحوار أعتذر عمَّا نسب إليَّ في حق بعض القوى السياسية وبعض الأشخاص.. وأتمنى أن نعمل توأمة مع الصحافة لنشر الوعي والتبشير بحقوق المواطن.
} ولكن ألا ترى أن انتهاجكم الإصلاح يعني اعترافكم بوجود قصور.. وبالتالي طلب القوى السياسية منكم الاعتذار عن الماضي يعتبر معقولاً؟
– نحن خروجنا أكبر اعتذار، أقصد خروجنا نحن عضوية المؤتمر الوطني، وهذا اعتذار منا للشعب السوداني، فقد حاولنا (13) عاماً كنا نحارب فيها من الداخل. مثلاً “د. غازي” عندما كان رئيساً للكتلة البرلمانية رفض في “نيفاشا” التوقيع لأنه تنبأ بما ستجره على السودان ودخوله في هذا المحك.. وعندما قال إن الدستور لا يسمح بترشيح الرئيس لفترة ثانية دفع الثمن. حتى أنا.. واحد من السياسيين الكبار قال لي (إنت غير لسانك الطويل ده ما في حاجة مغطسة حجرك)!!
خروجنا شيء حددناه بأنفسنا، ولن نقبل أي شخص (يطلع لينا) صك غفران، بل ونطالب بمحاسبة كل من أفسد الحياة السياسية منذ الاستقلال.
} (مقاطعة): حتى الفترة التي كنتم فيها جزءاً من المؤتمر الوطني؟
– راضون أن يحاسبنا الشعب السوداني (أول ناس)، لكن بشرط أن يكون الحساب منذ الاستقلال (عشان نعرف منو الجاب انقلاب عبود.. ومنو الجاب مايو.. ونصل إلى منو الجاب 30 يونيو). ومن كان منهم بلا خطيئة فليرمنا بحجر.
} هنالك جماعة انفصلت منكم وقالت إنكم بدأتم بالإصلاح كفكرة ثم جنحتم إلى تصفية حساباتكم مع الوطني؟
– أؤكد لكِ أن هذه فترة انتهت، ونحن لم نوجه سهامنا للمؤتمر الوطني أو أي حزب آخر، والفيصل بيننا والوطني هو الشعب السوداني، ونحن لا نصفي حسابات، لكن المؤتمر الوطني بحكم أنه يمتلك زمام الأمور لو أحسن نقول له أحسنت وإذا أخفق نقول له أخفقت. وبالنسبة للتغييرات الأخيرة نحن نقول للوطني (كويس.. بس ده ما كفاية) ما لم تتبعها إصلاحات سياسية.. (عشان ما تبقى مجرد تغيير كراسي).
} بعض الموقعين معكم على المذكرة ما زالوا في مواقعهم الحزبية وداخل السلطات التنفيذية.. ما تعليقك؟
– الذي حدث أن لجنة المحاسبة أرادت التفرقة بيننا، فمثلاً “غازي” فُصل وزوجته “سامية هباني” جُمدت عضويتها.. قلت لهم: أنتم تفرقون بين المرء وزوجه.. (يا ترفدوهم سوا يا تجمدوهم مع بعض).. ومولانا “أحمد الطاهر” – سبحان الله – (رفدنا كده وتاني يوم شالوه).. يعني شرب من نفس الكأس. حتى “ود إبراهيم” سألوه.. (إنت موقع مع الـ 31)؟ فقال لهم: (أنا موقع.. وأنا كنت عايز أقلبكم ما سألتوني.. تجوا هسه تسألوني).. فهذا ملف أعتبره انتهى.
} هل جلستم مع القوى السياسية المختلفة للحوار؟
– حصلت حوارات كثيرة بيننا وبين كثير من الأحزاب، وإذا نظرنا إلى التيارات السياسية في السودان، نجد أن غالبية القوى السياسية متفقة على (80%) من الثوابت الوطنية وتنادي بقواسم مشتركة.
} كان “د. غازي” قد صرح بأن الحركة الوطنية للإصلاح الأقرب فكرياً للحزب.. هل ذلك مؤشر لاندماج وتوأمة قادمة؟
– ليست هنالك أية توأمة بين أي حزب و(الإصلاح الآن)، ورؤيتنا السياسية الجديدة أن كل شخص له مقدرات ويدخل حزب الإصلاح يعتبر مؤسساً للحزب، وليس عضواً فقط. وقد يكون ما ذكرتيه رؤية الدكتور، ولكنها بالتأكيد ليس رؤية الحزب.
} اتهم البعض حزبكم بأنه يسعى فقط لكراسي السلطة؟
– نحن نطرح أنفسنا بديلاً ولكي نطبق هذا لا بد أن يكون عن طريق السلطة، ولكن السلطة كـ (مفهوم كراسي) ليس غايتنا.. والأحزاب الـ (77) المسجلة (غايتهم شنو)؟! إذن نحن نسعى للتداول السلمي وليس الكراسي.
} ما موقف الحركة الإسلامية من مبادرة حركة (الإصلاح الآن)؟
– الحركة الإسلامية الموجودة بالسودان الآن اعتبرها أحد أذرع الوطني، ونحن لسنا فرعاً فيها، ونحن كنا إسلاميين ولا أحد يمحو التاريخ.. لكن كانت هذه مرحلة من مراحلنا السياسية.. أما (الإصلاح الآن) كحزب فهو حركة تيارية واسعة أكبر من مظلة الحركة الإسلامية، لأنها تضم كل ألوان الطيف من الشعب السوداني، والإسلام لا يتعارض مع أفكار الحزب.
} كانت هناك دعوة أطلقها الوطني للم شمل الإسلاميين في السودان.. ما تعليقك؟
– كما قلت لكِ نحن حركة مفتوحة ووطن يسع الجميع، ولكن أقول إنه لن يتم جمع القوى الإسلامية الموجودة حالياً بالسودان إلا في مناخ الحريات.. أما بالقمع فلن يكون هناك وفاق، بل تشظي أكبر، والدواء عندنا، وهو إطلاق الحريات أولاً.