رأي

احذر .. فعمرك قصير!!

} في حياة كل منا محطات مهمة في رحلة عمره الإنساني القصير، وأناس يشاركونك ذلك العمر الذي مهما طال فهو قصير جداً بقياس الكم والكيف، حتى لو بلغ عمرك قرناً من الزمان، لأنك لو عشت ثلث هذا القرن من الزمان سنين وأنت متصالح مع نفسك قبل الآخرين، تكون أنت الرابح، ويمكنك أن تصيح من ربوة قائلاً: (أنا استمتعت بحياتي)!! وأغلى لحظات وأجملها بالنسبة لي هي تلك التي أقضيها مع نفسي ناقداً لها في الذي اقترفت من مسلك مشين.. أفرح كثيراً إذا استدركت واعتذرت لإنسان لأني رددت تحيته على عجل وكنت جالساً ولم أقف لتحيته.. فالأصل أن من يبادلك التحية هو أن تردها بأحسن منها.. وأغضب جداً إذا أخذت معي مشاكلي الشخصية وعكستها لزملائي في العمل، فما ذنبهم أن أقابلهم وأنا عابس الوجه وهم لم يكونوا سبباً في (عكننة) مزاجي، ويا ويل من كان قائداً للعمل مع جماعة ويعاملهم ببرود وغضب.. هم لم يكونوا من مسبباته.. ولكم أن تتصوروا مناخ العمل في ذلك اليوم، فالذي تربطك به علاقة أولية مباشرة أحق بالتعامل معه بالحسنى وبالمزاج الممراح الصادق، ولا تظهر له غير ما تبطن، فهذا من قبيل النفاق المنهي عنه في ديننا الحنيف.. وتبسمك في وجه أخيك صدقة.. هكذا قال معلم البشرية محمد “صلى الله عليه وسلم”. وهناك الذي يلتقيك في مجلس يمطرك بالثناء والتعظيم ويكيل لك أفظع النعوت خارجه، ويضرب بذلك مثلاً للنفاق المؤذي (كيفك يا حبيبنا يا رجل يا رائع.. يا…يا) ويدبج عبارات الثناء والمدح، وحينما تدير ظهرك وتذهب بعيداً عنه يبدأ في الحديث عنك: (صدق المغفل كسير الثلج). (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ). أو ذاك الذي يحسدك في حب الناس لك وينبري ليقذفك بساقط القول، وما هو ليس فيك، لمجرد أن نعمة القبول لم يحظ بها من الله سبحانه وتعالى..
} دخل عليّ صديق حبيب جمعنا الشعر والأدب، والرجل يشكو الفاقة والقهر، فهو معاشي في عنفوان شبابه، وأسرته تعتمد على معاشه الذي لا يفي بفاتورة الكهرباء والماء، ويحمد الله أن زوجته تتقاضى أجراً من عملها في إحدى المؤسسات الحكومية، وما شاء الله له من البنين والبنات – وهم صغار – عدد مقدر.. يأتيني (يفضفض) لي عن أحزانه وصبره على مكاره الحياة، ويشكو شقيقه الملياردير الغارق في النعيم الزائل وشحه وبخله، إذ إنه حينما يعطيه مبلغاً زهيداً يشبعه تعنيفاً ولوماً ويحمله مسؤولية فقره وكثرة عياله!! فأقول له مهدئاً لانفعاله: أخوك لم يتدبر قول الحق عزَّ وجل: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). وأضيف له أن شقيقه ما قرأ حديث المصطفى “صلى الله عليه وسلم”: (اتق النار ولو بشق تمرة).
} وأحكي لكم حكاية مدمن الخمر الذي لم يكن يملك (حق القزازة)، وحين بحث في جيبه وجد مبلغاً لا يأتيه إلا ببضع رغيفات خبز، فاشترى (العيش) لعشائه وقفل راجعاً إلى منزله، فاستوقفته امرأة تسأله المساعدة فأعطاها كل الخبز: (شيليهو من نصيبك يا حاجة)!! وبينما كان يقطع الطريق مهموماً بحاله والمرأة إذا بعربة مسرعة تصدمه.. وتذهب روحه إلى بارئها.. وفي العالم الآخر رأى أن الملائكة تستقبله بالترحاب وتقوده إلى الجنة.. قال في نفسه إنه لم يفعل في دنياه ما يجعله من أهل الجنة، واستفسر الملائكة إن كان هو المعني بدخول الجنة فأجابوه بأنه استحق الجنة – فقط – بكيس (الرغيف) الذي أعطاه للمرأة العجوز!! وأجزم أن من ألف هذه القصة يود أن يعلّم الصغار بأن الحسنة تجبُ السيئة.. والدين الحق هو المعاملة.. ومسيرة حياة البشر قائمة على الضدين، الخير والشر، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، ومهما حفظت من أحاديث أو حفظت المصحف الشريف وأديت كل الفرائض المفروضة عليك، لا معنى لكل ذلك إلا إذا أتبعت تلك العبادة بالعمل الصالح الذي تبتغي به رضاء المولى عزَّ وجلّ، ولن يرعوي ابن آدم إلا بخشية الله السميع العليم الخالق الرازق.
} أوصيكم أحبتي وأوصي نفسي بتقوى الله، وأن ننفق ما تبقى من العمر القصير في أوجه الخير والمحبة والجمال المطلق.. فالساعة آتية لا ريب.. فلنجعل ميزان حسناتنا أثقل من سيئاتنا.
} (مكتول هواك يا كردفان).. تعقيب
ورد بصحيفتكم الرائدة بالعدد رقم (595) الصادر يوم الخميس 16 يناير 2014م مقال بعنوان (مكتول هواك يا كردفان) للأستاذ “التيجاني حاج موسى”، ذكر فيه أنهم قاموا بزيارة تكريمية للأستاذ “عبد الجبار” وذلك وفاءً لتأليفه قصيدة (مكتول هواك يا كردفان).. ونحن أسرة الطيب “عبد الرحمن الكردفاني” نرد على ذلك الادعاء، فمن قام بتأليف هذه القصيدة هو “الطيب عبد الرحمن الكردفاني” وليس الأستاذ “عبد الجبار”.. والأستاذ “عبد الجبار” ليس سوى وسيط بين “الطيب الكردفاني” و”عبد القادر سالم”.
و”الطيب الكردفاني” ألف هذه القصيدة في ديوانه (صباح العودة)، وهو مكتوب بخط اليد في أواخر العام 1972م عندما كان يسكن الفتيحاب مع أسرة “بكري يس آدم”، وحينها كان معه الأستاذ “عبد الجبار” الذي أعجب بهذه القصيدة وطرح عليه فكرة إعطائها لأستاذ “عبد القادر سالم” الذي سيأتي لحفل زواج بمنطقة الفتيحاب، فأعجب بها ووعده بغنائها.. وفي 3/3/1973م عاد إلى منطقة الروصيرص وحضر بعد فترة طويلة إلى الخرطوم والتقى بالأستاذ “عبد القادر سالم” في العام 2009م وذكر لي أنه يبحث عن صاحب هذه القصيدة منذ فترة وعرض عليه ديوانه (مكتول هواك) وبه (23) قصيدة، وطلب منه حينها تغيير اسمه إلى (عشق الوطن)، وفعلاً قام بتغيير الاسم وذهب معه إلى المصنفات الأدبية والفنية، وقام بتسجيل الديوان الذي اقتسم سعر تسجيله مناصفة.. وحينها أيضاً أجري معه حوار لـ (جريدة الخرطوم).. لكن الأمر المؤسف أن الأستاذ “عبد القادر سالم” لم يراع الحق الأدبي والمالي.. ولم يذكر حتى اسمه.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تطور ليعتدي على القصيدة الأستاذ “عبد الجبار” ويستشري الإدعاء بأن هناك لجنة تشرع في تكريمه.. نحن في هذا الرد نوضح أن مؤلف تلك القصيدة العظيمة هو “الطيب عبد الرحمن الكردفاني” وليس أستاذ “عبد الجبار”.
عبيد محمد سليمان (أبو شوتال)
عن أسرة “الطيب عبد الرحمن الكردفاني”
} من الكاتب
} ها نحن ننشر التعقيب على ما نشرته الأسبوع الماضي، ويبقى الأمر لدى الدكتور “عبد القادر سالم” والأستاذ “عبد الجبار عبد الرحمن” للرد على ما جاء في التعقيب أعلاه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية