أخبار

نهايات سريعة!!

ليس بالضرورة أن تستمر طويلاً.. ومن الذي قال إنها تعني المماطلة والتأجيل والإرجاء؟! وكيف تصبح قاعدة مطلقة تلك التي تقول إن النهاية تأتي متأخرة وتمكث على مهل من الزمن وعلى نحو قد يجعلها لا تأتي أبداً..؟!.
ثمة نهايات سريعة.. بل وسريعة جداً.. ثمة نهايات لا تستغرق أكثر من لمح البصر.. ولا تتجاوز (الافتتاحية) فحسب.. وبمجرد أن يزاح الستار وقبل أن يكتمل المشهد أو تتضح الرؤية ينتهي كل شيء.. ينتهي بلا عودة.. وربما بلا نتائج!.
نحن في عصر النهايات السريعة والدليل على ذلك أن بدايات الأشياء سرعان ما تتحول إلى أمور باهتة وذابلة.. حتى (السيارات) الجديدة (لنج) حين نراقبها جيداً نجدها أصبحت تفقد جدتها ورونقها بشكل متسارع.. وتكسو طلاءها طبقة دخانية سوداء يذهب معها ذلك اللمعان والبريق.. وبعضهم لا يتردد في إلقاء اللوم على الشركات التي تصنع السيارات.. فيما يرى (الحكماء) أن العيب ليس في السيارة الجديدة وإنما في (الجو) والطقس الرديء و(الحفر) و(المطبات) التي تكتب النهايات السريعة للسيارات الجديدة..!.
لماذا نتحدث عن السيارات الجديدة ولا نتأمل أعمارنا التي تُسرق في وضح النهار.. وأرواحنا التي تذبل قبل أوانها.. هل للطقس السيئ يد في هذا الذي يحدث؟! هل النهايات تكتبها نشرة الأحوال الجوية؟! هذا ليس سبباً كافياً أو على الأقل ليس السبب الوحيد في (القصة) التي تحولت إلى قصيرة.. وقصيرة جداً.. حين نضع تحت المجهر (الصداقات) و(العلاقات الإنسانية).. وحين نعرض بالونة (الحب) لأشعة النهار.. إذاً (النهايات) ليست سريعة فحسب وإنما تبدو أحياناً (مشوهة) أيضاً.. تكاد تباغت أحلامنا وتفاجئ مناماتنا.. وهل مازال الناس يحلمون؟! لماذا يتحدث كثير منهم عن (كوابيس مزعجة) إذاً؟! وهل سيقولون إن (الغبار) و(السخانة) وقطوعات الماء والكهرباء وازدحام الطرقات بالعربات و(الفلس) و(عدم السيولة) هي التي أفزعت تلك الأحلام، أم أن فلسفة (النهايات) تتلاعب بأرواحنا التي هي أصلاً في مهب الريح..؟!.
هذا ليس حديث التشاؤم وإنما رواية النهاية السريعة.. والدليل على ذلك أن (السرعة) ظلت تترك أحياناً قصصاً سعيدة جداً.. نظرة وحب وزواج.. ضربة حظ أو صفقة رابحة.. في دقائق معدودات لا أكثر..!.
أجمل النهايات ربما لم تأتِ بعد.. لكن المؤكد أنها ليست بالضرورة نهايات بطيئة.. إذ ربما تجئ فجأة.. وبسرعة لا يتخيلها أحد.. فكثيرة هي عدد المرات التي أصابتنا فيها دهشة النهايات المتعجلة.. فصرخنا بملء أفواهنا: معقول.. بالسرعة دي.. معقول غاز البوتاجاز قطع.. وبنزين العربية انتهى.. ومواعيد الدوام مرت.. وشهر العسل خلص.. وقصة الحب.. تلاشت..! معقول.. كل شيء وارد في هذا العالم.. كل شيء متوقع في النهايات.. البطيئة والسريعة على حد سواء..!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية