رأي

العلاقة بين «السعودية» ومولانا «محمد عثمان الميرغني» !!

العالم النمساوي “فرويد” لديه حكمة بليغة مبنية على انعدام الصدفة في علاقات التجاذب والتنافر بين الأشياء بغض النظر عن الحالات الطارئة التي تظهر أحياناً على الخطوط المشتركة، وقد تتأطر من ثنايا تلك المعطيات ملامح العلاقة الثنائية بين (المملكة العربية السعودية) ومولانا “محمد عثمان الميرغني” زعيم (الاتحادي الأصل) ومرشد الطريقة الختمية التي تشكل أنموذجاً من التداخلات السحرية والاشتقاقات الواحدة، وقد يجد المرء أن الحبل الممدود بين (السعودية) ومولانا يتوكأ على آرائك المزاج المشترك والهموم المتبادلة واللحمة العربية والإسلامية.
ولا يخفى على أحد تاريخ الأشراف أجداد مولانا وأهله في (مكة المكرمة) و(المدينة المنورة) والتصاقهم الواضح عبر الشواهد التاريخية بتلك المناطق على طريق الدعوة وتزكية النهج القرآني الكريم، وإذا حاولنا إضاءة المصابيح على الفلسفة الروحية في (السعودية)، نجد أنها تطبق السلفية والوهابية القائمة على محاربة التوسل بالأولياء والتبرك بالقبور والانحياز لأقوال الأئمة الأربعة في المسائل الفقهية، بينما يتولى مولانا “محمد عثمان الميرغني” قيادة الطريقة الختمية التي تطبق لطائف المنهج الصوفي الذي يرتكز على السلاسة والتضرع الوجداني انطلاقاً من توجهات المؤسس الختم الكبير، فالشاهد أن الاختلاف المذهبي بين الطرفين لم يقف عائقاً على طريق العلاقة الثنائية.
في الذاكرة المعاصرة تتراءى أمام الناظر الزيارات المكثفة لمولانا إلى (السعودية) خلال فترة المعارضة ولقائه مع حكام المملكة حول الشأن السوداني، فضلاً عن ذلك ظل مولانا ينظم الحوارات المفتوحة مع السودانيين في القصر الأخضر بـ(المدينة المنورة)، وفي المشهد السريالي تطوف الذاكرة حول الجسر الجوي الذي أقامته (السعودية) عام 1985م أيام الفيضانات الذي احتوى على المعونات الغذائية للمواطنين المتضررين بناءً على جهود مولانا مع العاهل السعودي الراحل الملك “فهد بن عبد العزيز”.
الآن أطل على (بانوراما) العلاقة بين (السعودية) ومولانا شيء من الغموض والألغاز وانكسار الضوء على سفح الجبل، حيث يكون المشهد عصياً على التحديق والتدقيق، وبذات القدر لا تسمع الأذن ردحاً من إيقاعات الود القديم، فالواضح أن من خصائص (السعودية) أنها لا تظهر صور العداء والقطيعة على الملأ، وأيضاً من مزايا مولانا أنه يغلق دائماً صحائف التباعد والخلاف مع الطرف الآخر، والسؤال المركزي ما الذي جعل العلاقة تتقاصر بين الطرفين بحسب الإرهاصات والإشارات الكثيفة؟ والثابت لا يستطيع أحد إعطاء الإجابة القاطعة!! وفي ذات الإطار ما هي دقة التسريبات التي تتحدث عن تحركات دكتور “الباقر أحمد عبد الله” القيادي الاتحادي وثيق الصلة بالسعوديين والموجود الآن بالمملكة في سياق إحياء التفاهمات بين (السعودية) ومولانا، فهل ينجح ناشر الخرطوم في مهمته؟
في اللوحة المقطعية فجر الأستاذ “حاتم السر” القيادي الاتحادي قبل عامين قنبلة هيدروجينية عندما أزاح الستار عن جدوى مشاركة مولانا في الحكومة الحالية قائلاً: إن هنالك تحولاً كبيراً حدث في موقف مولانا لصالح الدخول في الحكومة من باب مقاومة الارتباط الواضح بين (إيران) والإنقاذ في إطار الرغبة السعودية والخليجية التي تشعر بخطورة التمدد الإيراني في السودان وانعكاساته على المنطقة. (جريدة الأحداث بتاريخ 17 ديسمبر 2011م).
هكذا تتضح ملامح الجهود المشتركة والرغبة العارمة بين (السعودية) ومولانا في محاربة الوجود الشيعي في البلاد الذي صار يتزايد على شكل متوالية هندسية في إطار حملة مكثفة حتى بلغت أعدادهم حوالي (130) ألف شيعي في بلد ينتمي السواد الأعظم من أهله إلى المذهب السني! مهما يكن ربما تكون الإنقاذ قد عملت على وضع الأشواك والحصرم الذي يعرقل التواصل بين (السعودية) ومولانا في إطار الأهداف التي تقطع علاقته بدول الخليج العربي ووضعه في البوتقة الحكومية بعيداً عن الأشقاء والأصدقاء!
قصة العلاقة بين (السعودية) ومولانا مليئة بالإشارات الصامتة والزوايا العجيبة.. ربما يتحرك مولانا الموجود الآن في العاصمة البريطانية إلى (السعودية) خلال الفترة المقبلة في إطار مفاجأة على الطريق، أو ربما يعود إلى (الخرطوم) من (لندن) مباشرة بعد طول غياب في سياق إيقاعات مذهلة!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية